قمة «السبع الكبرى» مضيعة للوقت.. والشرطة تشتبك مع متظاهرين على هامش القمة!
أجمع قادة وزعماء بلدان مجموعة الدول «السبع الصناعية» الكبرى في قمتهم الأخيرة في صقلية الإيطالية على «ضرورة التعاون مع روسيا في تسوية القضايا الأوروبية الملحّة».
بالوقوف على ما خلصت إليه القمة، أكد المراقبون أنهم عوّلوا على القادة والزعماء المؤتمرين في صقلية أن يخرجوا بحلول لمشاكل الأمن في أوروبا والهجرة اللاشرعية، لاسيّما أنهم اجتمعوا في جزيرة صقلية التي صارت بوابة العبور اللاشرعي من بلدان إفريقيا والشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي.
في السياق نفسه أشار الخبير في منظمة «الرؤية العالمية» الحقوقية «كريس ديركسين» إلى أنّ «المتابعين وعموم مواطني بلدان المجموعة كانوا يعوّلون على قادة المجموعة في أن يخرجوا بقرارات واضحة في ظل الأزمة الإنسانية الأفدح التي يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية».
واعتبر ديركسين أنّ «القمة خيبت الآمال فيها»، مشيراً إلى أنها لم تتطرق بالمطلق إلى أزمة العالم الإنسانية فيما يعاني ملايين الناس الجوع ويخاطرون بحياتهم مع انعدام الأمن في الكثير من بقاع الدنيا».
ولفت ديركسين النظر إلى أنّ «قادة القمة، وعوضاً عن العناية بقضايا العالم الأمنية وأزماته الإنسانية، تركوا كلّ شيء وركزوا على سبل التأثير في روسيا باستخدام العقوبات التي لوحوا بتشديدها، ليعودوا في ختام بيانهم ويؤكدوا رغم ذلك على ضرورة الحوار مع روسيا، فضلاً عن مطالبة الرئيس الفرنسي المنتخب إيمانويل ماكرون بإطلاق حوار يكون مثمراً معها».
فيما وصف البروفيسور في جامعة نيويورك الأميركية «يان بريمير»، قمة «السبع» بالفاشلة، مرجحاً أن «يعيد قادة بلدان المجموعة النظر في القرارات التي تبنّوها في صقلية».
وأضاف: «أستبعد أن تثمر قمة السبع هذه، حيث إنّ نجم الدول الأعضاء فيها والذي كان ساطعاً في فترة من الفترات، أخذ يخبو لتتراجع بالتدريج عن احتلالها للموقع الأول في العالم مع بروز لاعبين جدد على الساحة في مقدمتهم روسيا والصين والهند. العولمة والرأسمالية أدتا إلى تقدم الصين وتعاظم الدور الروسي في العالم. نزاعات الشرق الأوسط وانعدام الرغبة لدى واشنطن في مصالحة العالم، كانت بين أهم مسوغات الواقع الجديد هذا».
وفي تعليق على نتائج القمة وما ورد في بيانها حول الخلاف الحدودي بين الصين واليابان، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية: «نعرب عن احتجاجنا العميق على ما ورد في البيان الختامي لقمة السبع الصناعية، حيث تذرع قادة بلدان القمة بالقانون الدولي حينما بحثوا قضية بحرَي الصين الشرقي والجنوبي».
في سياق متصل، دعا قادة مجموعة السبع كلاً من روسيا وإيران إلى «استخدام نفوذهما على الرئيس بشار الأسد من أجل وقف المأساة في سورية»، وأكدوا «استعدادهم للعمل مع روسيا في حلّ الصراع في سورية، إذا كانت مستعدة لاستخدام نفوذها إيجابياً».
جاء ذلك في البيان الختامي للقمة التي انعقدت على مدار يومي الجمعة الماضي وأول أمس السبت، في مدينة تاورمينا الإيطالية جنوب ، وشارك فيها قادة أميركا واليابان وألمانيا وفرنسا وكندا وبريطانيا وإيطاليا.
وقال البيان: «بعد ست سنوات من الحرب السورية، تحمّل الشعب السوري معاناة هائلة، ونحن نؤمن بأن هناك فرصة لإنهاء هذه الأزمة المأساوية، كما ينبغي ألا يُدّخر أي جهد لإنهاء الصراع من خلال عملية سياسية شاملة لكل السوريين تحت رعاية الأمم المتحدة لتنفيذ عملية انتقال حقيقية ذات مصداقية وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وبيان جنيف».
وأضاف: «نحن مصمّمون على زيادة جهودنا في سبيل هزيمة الإرهاب الدولي في سورية، ولا سيما تنظيمي داعش والقاعدة».
وشدّد قادة مجموعة السبع، عبر بيانهم، على أنه «من المستحيل هزيمة الإرهاب في سورية من دون التوصل إلى تسوية سياسية هناك. ويجب على جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين أن يرقوا إلى مستوى مسؤولياتهم الدولية».
ودعوا في هذا الصدد «من لهم نفوذ على النظام السوري، ولا سيما روسيا وإيران، إلى أن يبذلوا قصارى جهدهم لاستخدام هذا النفوذ لوقف هذه المأساة، بدءاً بتنفيذ وقف حقيقي لإطلاق النار، ووقف استخدام الأسلحة الكيميائية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفوري ومن دون معوقات إلى جميع المحتاجين، والإفراج عن أي أشخاص محتجزين تعسفاً، فضلاً عن السماح بحرية الوصول إلى سجونها».
وعبّر الزعماء عن «الأمل في أن يساهم اتفاق أستانة بفعالية في وقف تصعيد العنف» في سورية، في إشارة إلى اتفاق «مناطق تخفيف التوتر في سورية» الذي تمّ التوصل إليه في ختام مؤتمر «أستانة 4» في 4 أيار الحالي، بضمانة تركيا وروسيا وإيران.
وأكدوا على أنهم مستعدون للعمل مع روسيا في حلّ الصراع في سورية عبر تسوية سياسية «إذا كانت موسكو مستعدة لاستخدام نفوذها إيجابياً».
كما أبدوا استعدادهم للإسهام في تكاليف إعادة الإعمار في سورية «حالما تجري عملية انتقال سياسي ذات مصداقية».
وجدّدوا الإعراب عن بالغ قلقهم إزاء استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، وقالوا: «نؤكد من جديد إدانتنا القوية لاستخدام أيّ أسلحة كيميائية في أيّ مكان وفي أيّ وقت من قبل أي شخص تحت أيّ ظرف من الظروف».
ودعوا إلى «محاسبة الأفراد أو الكيانات أو الجماعات أو الحكومات المسؤولة عن هذا الاستخدام لتلك الأسلحة».
على صعيد آخر، اشتبك محتجون مع قوات الأمن أثناء محاولتهم تجاوز حاجز للشرطة في ختام مسيرة احتجاجية ضدّ زعماء العالم المجتمعين في قمة مجموعة السبع بجزيرة صقلية مما دفع قوات الأمن لإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وبعد أن جابت مسيرة سلمية مئات المحتجين شوارع بلدة جارديني ناكسوس الساحلية أول أمس، خرجت منها مجموعة أصغر يصل عددها إلى نحو 100 فقط وبدأت في تحدي رجال الشرطة.
وحاول المتظاهرون الركض على امتداد الشاطئ، لكن الشرطة طاردتهم وأطلقت الغاز المسيل للدموع. وشوهدت سيارة إسعاف تنقل مصاباً واحداً على الأقل.
واتخذت إيطاليا إجراءات أمنية مشدّدة في مواجهة المحتجين الذي اتهموا قادة العالم «بتجاهل مصالح المواطنين».
يذكر أنّ «السبع الصناعية» أو «الكبرى»، كانت قد تحولت عقب زوال الاتحاد السوفياتي إلى «الثماني الكبرى» بانضمام روسيا الاتحادية لها إبان حكم الرئيس بوريس يلتسين، إلا أن الأزمة الأوكرانية والتوتر السياسي غير المسبوق بين موسكو وعواصم المجموعة المذكورة، خلصا إلى القطيعة بين روسيا وبلدان المجموعة.