الدكتور خليل التوبات لـ«البناء»: وقف الحرب على سورية بِيد قوى دولية وإقليمية

حاورته في روما: جودي يعقوب

الدكتور خليل التوبات، اسم معروف، لا بصفته مستشار الشؤون الإسلامية لوزير الداخلية الإيطالي فحسب، بل لأنه طبيب معروف متخصّص في علاج العظم والمفاصل والعلاجات الطبيعيّة والجلطات الدماغيّة، وأسّس مصنعاً للأطراف الاصطناعيّة في إيطاليا، فضلاً عن مركز تأهيل من إصابات الجلطات الدماغيّة والحوادث في روما، ناهيك عن دور إنسانيّ إزاء قضايا بلاده.

ثلاثة عقود ونيف في إيطاليا ونجاح كبير في مهنة الطب، ومراكز رفيعة تبوّأها، لم تعوّض عشقه لفلسطين، ولم تؤثّر على انتمائه إلى الأرض. لقد ظلّت فلسطين حاضرة في ذهنه وقلبه، يعمل من أجلها ويرفع الصوت عالياً من أجل نصرتها.

خلال اللقاء معه تدرك أن هذا الشخص بما يختزنه من مناقبية أخلاقية، وطيبة وصدق، يمثّل الأصالة الحقيقية، فهو منتمٍ إلى قضايا بلاده، يحدّثك بألم ووجع عن فلسطين ومعاناة أهلها، وعن إرادة الصمود والتمسّك بحقّ العودة.

يحدّث عن سورية الحضارة والتاريخ والموقع، وعن طيب أهلها، وعن حجم المأساة هناك وويلات الحرب. ويشير إلى زيارات دورية يقوم بها.

«البناء» أجرت مع التوبات لقاءً، الوضع في سورية كان له الحيّز الأكبر فيه، لكنه، استهلّ الحديث بشرح طبيعة مهامه مستشاراً لوزير الداخلية الإيطالي ويقول: أبرز ما نقوم به وضع الدراسات وأساليب العمل التي تمكّن الجاليات الإسلامية من تطبيق القوانين الإيطالية، من دون أيّ عوائق أو مخالفات. وهذا أمر مهمّ كثيراً إذ إنه يخفّف من الضغوط على كلا الطرفين.

ويشير التوبات إلى أنه أنتج فيلماً بعنوان «بعيداً عن غزّة» يتحدّث عن معاناة شعبنا الفلسطيني خلال الحرب «الإسرائيلية» على غزة وقصفها بالفوسفور الأبيض. وقد تمّ عرض الفيلم على مسرح جامعة البلاديوم في روما، بمشاركة المطران الراحل هيلاريون كبوجي. وهنا يقول إن وفاة المطران كبوجي خسارة لفلسطين فهو كان رمزاً للنضال من أجل فلسطين.

وعن سورية يقول التوبات: ما يحصل في سورية ليس أزمة داخلية، بل هي حرب إقليمية على الأرض السورية، وأعتقد أن الأزمة الإنسانية في سورية لم يحدث مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية.

ويشير التوبات إلى أنّ ما يقارب 500 ألف فلسطيني تمّ تهجيرهم من مخيم اليرموك قرب دمشق نتيجة اقتحامه من قبل التنظيمات الإرهابية، وهذه مأساة تهجير ثانية يواجهها الفلسطينيون، بعد التهجير الأول من بيوتهم في فلسطين المحتلة.

ويضيف التوبات: من بين الذين هُجّروا من مخيم اليرموك، شقيقتي وابناؤها، وعدد كبير من أفراد عائلتي وأقربائي وهؤلاء جميعاً يكابدون من جرّاء المعاناة. لذا، من المهم جداً أن تكون هناك نهاية للأزمة السورية، فسورية رئة العالم العربي، وحين لا تتنفّس سورية يتوقف نبض العالم العربي. كما أنّ سورية هي نقطة وصل والتقاء بين آسيا وأوروبا، وبين الحضارات. وأقولها بصراحة، لم نشعر بتأثير الأزمات التي حصلت في أكثر من بلد عربي، كما الشعور بتأثير الأزمة السورية على مجمل أوضاع المنطقة.

وأردف التوبات قائلاً: ما يحدث في سورية ليس مشكلة ديمقراطية ولا مشكلة حرية بل صراع إقليمي ـ دولي، كما أنّ الإرهاب الذي يعيث قتلاً وتدميراً في سورية هو أداة بيد بعض الدول، وأنا من القائلين إن قرار وقف الحرب على أرض سورية هو بيد قوى دولية وإقليمية. فحين يتوقف دعم المجموعات المسلّحة وتمويلها، تتوقّف الحرب.

ويلفت الدكتور التوبات إلى زيارات متكرّرة قام بها الى سورية، وما رآه من دمار من جرّاء الأعمال الإرهابية، ويقول: سورية من أعرق البلدان وأقدمها، لا تعرف طائفية ولا مذهبية ولا عرقية، حضارتها تسبق نشأة عدد من الدول الغربية التي تدّعي الحرية والديمقراطية، سورية كانت منذ آلاف السنين وستعود حتماً حرّة أبية وسيعود شعبها العظيم والطيب إليها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى