قطر بين الخاطف والمخطوف
مع وصول الموفد القطري إلى بيروت وتوجهه فوراً إلى عرسال كان المتوقع أن تكون أولى النتائج للوساطة التي تقودها قطر استجابة «جبهة النصرة» لهذه الوساطة وبدء تقديم مطالب والاستماع إلى عروض وخوض جولات مكوكية بين بيروت وعرسال، يقوم بها الموفد القطري، تمهيداً للوصول إلى نتائج أولية، أو أن تبادر «جبهة النصرة» إلى تقديم هدية للموفد القطري لبناء جسور ثقة لحساب الوساطة من جهة أو إثبات فاعلية الوسيط أو تقديم أوراق اعتماد للنوايا الحسنة تجاه المفاوض اللبناني.
النتيجة المفاجئة كانت أنّ الوسيط القطري اختار «داعش» للمباشرة بمهمته، وإذ به يصطحب معه وهو عائد العسكري المخطوف المعاون أول كمال الحجيري.
قطر تمون على «داعش» وليس على النصرة فقط، هذه هي الرسالة التي أراد إيصالها الموفد القطري.
«داعش» لم يعد تنظيماً بلا مرجعية، ولا جهة متمرّدة لا يمكن مفاوضتها، بعدما أفرج «داعش» عن الرهائن الأتراك مقابل النفط المنهوب، مفاوضات تبادل المخطوفين العسكريين تديرها قطر.
السؤال هو هل قطر وسيط ام هي الخاطف أم المخطوف؟
الواضح أنّ قطر منذ تجربتها مع مفاوضات مخطوفي أعزاز وبعدها معلولا تمون على كلّ صنوف المسلحين الذين يقاتلون في سورية والعراق، من أشدّهم علمانية تحت راية برهان غليون إلى أشدّهم تطرفاً بقيادة أبو بكر البغدادي.
قطر هي الإمارة التي يقلّ عدد سكانها عن مئتي ألف نسمة، تمون على «داعش» الذي يقاتل مئات ملايين البشر وعشرات الحكومات والدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي اعتبرت الحرب على «داعش» حرب وجود وحرب القرن الواحد والعشرين.
سيرة قطر مع «داعش» كسيرة قطر و«جزيرتها» قبيل «الربيع العربي» وبعده تقاتل الحكومات العربية كلها وتقود الثورات عليها وهي حكومات تتوزع بين تلك الموالية لوشنطن وتلك المعارضة لها.
الحقيقة المنطقية الوحيدة أنّ قطر أقلّ قدراً وقوة من أن تتحمّل وزر التمرّد على المشيئة الأميركية، لا بل أنّ «داعش» نفسها لا تبدو خارج نطاق هذه المشيئة، وأنّ ما تفعله قطر أنها تخطف عبر «داعش» وتفاوض وتتوسّط وتفرج عن المخطوفين، كما تبني الجزيرة وتنفق عليها وتخوض عبرها الثورات والفتن والحروب، لأنّ حاجة المشروع الأميركي في المنطقة تقوم على هذه الفتن وتلك الحروب.
«توب نيوز»