كيف يقرأ إعلاميّو كيان العدو الصهيوني الحربَ على «داعش»؟

يعتبر موضوع الحملة الأميركية على تنظيم «داعش» التكفيري، شغل الصحافتين العربية والعالمية الشاغل. ويتصدّر هذا الموضوع العنواين الرئيسية في تلك الصحف وأيضاً الافتتاحيات والمقالات الأخرى.

لكن كيف يقرأ الإعلاميون الصهاينة هذه الحملة؟ وإذ صدق المثل المحوّر: «من صحافتهم تعرفهم»، فهل تدلّ تلك القراءة، على موقف الصهيونية من الحرب على داعش؟

في هذا التقرير مقالان اقتبسناهما عن موقع جريدة «رأي اليوم»، وفيهما تحليلات لصحافيين صهيونيين.

محاربة «داعش» تُثبت أن الانتصار على الإرهاب معقّد

كتب بوعز بسموت في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية:

بعد أسبوع من بدء القصف الأميركي أهداف «داعش» في سورية، لا تظهر المنظمة المتطرّفة السنّية علامات ضعف في الدولة، لا بل على العكس. ويبرهن لنا ذلك مرّة أخرى على مبلغ بُعد محاربة الارهاب عن كونها أمراً سهلاً وعن مبلغ كون الانتصار معقداً حتى لو كان حلف دولي يشمل خمسين دولة ومنها دول عربية يحارب بضع عشرات آلاف النشطاء «المجاهدين». إن محاربة الارهاب صعبة، وهي أصعب حينما لا يُقدر تهديدها تقديراً صحيحاً كما اعترف الرئيس أوباما بتطرّقه إلى «داعش».

يتابع «المجاهدون» ذوو طرق القتال البربرية تقدّمهم. إن سكان مدينة كوباني، وهي ثالث أكبر مدينة كردية في سورية قرب الحدود التركية، لا يرون إلا التهديد «الجهادي» وهو يقوى. وعلى رغم الهجمات الجوية الأميركية الـ 66 في الاسبوع الاخير، وعلى رغم 23 هجمة للمشاركين العرب في الحلف العربية السعودية والامارات والاردن والبحرين وقطر ، يخشى سكان المدينة الاكراد أن يروا الراية السوداء مرفوعة في مدينتهم ولها معنى واحد هو الموت.

قضي الامر في الايام الاخيرة عند الاتراك ايضاً، فالاتراك الذين عارضوا في البدء الانضمام إلى الحلف ووافقوا بعد ذلك على المشاركة في اعمال انسانية فقط، سيبحثون في برلمانهم فجأة اليوم الخميس في الموافقة على انضمام جيشهم إلى المعركة العسكرية. هكذا تكون الحال حينما يقترب إرهابيون من الحدود التركية. ويبدو أن «إسرائيل» ليست وحدها التي تدرك أنه تجب محاربة إرهاب يهدّد حدودها فالدول التي تنتقد «إسرائيل» أيضا تفعل الشيء نفسه بالضبط حينما يتم تهديدها. ومن اعتقد أن التنظيم سيهزم بضربة خاطفة أخطأ. فليس عدم التناسب بين القوات ضماناً لنجاح سريع. وقد كانت عملية «الجرف الصامد» برهاناً على ذلك. ولا يعني ذلك أنه إذا لم يوافق المجتمع الدولي على مماثلة نتنياهو في الجمعية العمومية أول من أمس بين «داعش» وحماس أنه على حق، فقد برهنت السنوات الاخيرة أن الغرب أخطأ في تقديرات مختلفة مسيرة السلام وأبو مازن، وإيران ونواياها الذرية، وداعش بالطبع وهو تنظيم خطِر نشأ تحت رادار الأميركيين .

استيقظ العالم كما قلنا آنفاً. ويثبت الكلام الذي قالته وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي في مؤتمر نشطاء في برمنغهام، وهي مدينة فيها عدد كبير من السكان المسلمين، يثبت فقط مبلغ خوف الغرب. فـ«داعش» لا يحجم عن قطع رؤوس غربية أمام عدسات التصوير. فتخيلوا أن تصبح لهذه المنظمة غداً قدرات غير تقليدية. بل قالت ماي وهي من كبار قادة الحزب المحافظين في بريطانيا إن «داعش» قد يحصل على سلاح ذري، وبذلك سيشهد العالم ميلاد أول دولة إرهاب حقيقي في العالم.

لم يقل نتنياهو ذلك، بل قالته وزيرة داخلية بريطانيا. ولو قاله رئيس وزراء «إسرائيل» لسمعنا تفسيرات تبيّن أن الحديث عن الشريط المهترئ نفسه الذي جاء ليخيف ويردع فقط. إن الشرق الاوسط أصبح أخطر مما كان في الماضي. وتوجد بالطبع بقع ضوء كالحلف العربي الذي انضم إلى الغرب لا حبّاً بواشنطن بل خشية على رأسه.

لكن المصالح المشتركة هي أملنا لنشوء شرق أوسط أفضل. ومعنى مكان أفضل هو مكان تبطل فيه قوة «داعش» وحماس وإيران. ولا شك في أن الحديث عن مشكلة عالمية وإن تكن دولة واحدة فقط تصنع هذا الربط إلى الآن.

أوباما… وخطأ التقدير بشأن «داعش»

كتب أليعيزر تشايني مروم في صحيفة «معاريف الأسبوع» العبرية:

أعلن الرئيس أوباما هذا الاسبوع أنّ الاستخبارات الأميركية أخطأت في تقديرها «داعش» بالتقليل من شأنه. القوة العظمى الوحيدة في العالم تخطئ المرّة تلو الأخرى في تقديراتها في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، وتلخّص الأمر بإعلان رئاسيّ «إخس، أخطأنا، يمكن أن نواصل إلى الامام».

المشكلة أنه على مدى العقد الاخير، أخطأت الولايات المتحدة تقريباً في كل تقديراتها بالنسبة إلى الشرق الاوسط. لا صدفة هنا ـ يوجد هنا ميل مقلق يجب أن يُقلق أولاً وقبل كل شيء «إسرائيل»، صديقة الولايات المتحدة وحليفتها الحقيقية، الملتزمة، والاكثر استقراراً في الشرق الأوسط. «إسرائيل» هي التي من شأنها أن تدفع الثمن الباهظ على الاخطاء الأميركية، وذلك لأنها توجد في الجبهة.

على محور الزمن يمكن أن نحصي بين الاخطاء تقدير الاستخبارات الأميركية بالنسبة إلى يران في 2008، حين فوجئنا بأن نكتشف أن الأميركيين يقدّرون أنّ البرنامج النووي العسكري الايراني توقف في 2003. وكانت تلزم سنة كاملة من العمل المشترك مع الاستخبارات «الإسرائيلية» لإقناع الأميركيين بأنهم أخطأوا.

وكذا التقديرات بالنسبة إلى «الربيع العربي» في 2011 وإدارة الظهر للرئيس المصري حسني مبارك. إخراج القوات من العراق وتركه لمصيره مع جيش عليل لإرهابيي «داعش»، والمحاولة للوصول إلى اتفاق أثناء «الجرف الصامد» بتعاون قطر وتركيا ـ من دون «إسرائيل»، مصر والفلسطينيين ـ هذه بعض من الاخفاقات البارزة لمحافل التقدير الأميركية، وهي بلا ريب تستحق فحصاً معمّقاً لفهمها.

بسبب الضغط السياسي وانطلاقاً من الرغبة في تجنيد الصوت اليهودي، للانتخابات في منتصف تشرين الثاني وتحسين وضعه بعض الشيء في الاستطلاعات، أزال أوباما تقريباً الضغط على «إسرائيل» واعترف هذا الاسبوع بخطأ آخر لأميركا ـ جذر المشاكل في الشرق الاوسط ليس النزاع «الإسرائيلي» ـ الفلسطيني، قال، ثمة أسباب عميقة أخرى، عربية واسلامية داخلية، هي جزء لا بأس به من المشكلة. وهكذا يعترف أوباما بالخطأ في تقدير الوضع، ولكنه يلمح أيضاً، في الوقت ذاته، إلى أنّ أميركا لا تعتزم المبادرة إلى تسوية «إسرائيلية» أ فلسطينية. لا يمكن لـ«إسرائيل» أن تسمح لنفسها بجملة بهذا القدر من الاتّساع من الأخطاء في تقدير الوضع. فالاخطاء من النوع الذي ارتكبته الولايات المتحدة في العقد الاخير من شأنها أن تكلّف «إسرائيل» ثمناً باهظاً، وذلك لأن الخطر هنا حقّاً خلف الزاوية لا على مسافة آلاف الاميال. «إسرائيل» في الجبهة وحدها، في مواجهة جملة من التهديدات ستجد قوة عظمى عالمية نفسها في صعوبة للوقوف في وجهها. فالوضع يتطلب الحذر، ويستوجب من القيادة «الإسرائيلية» العمل بتفكر والامتناع عن الأخطاء.

في خطابه في الجمعية العمومية للامم المتحدة، أوضح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للعالم أنّ «إسرائيل» تقف في جبهة القتال ضدّ الارهاب وتقاتل عن العالم الحر. ووضع نتنياهو العالم مرة أخرى أمام مرآة التهديدات في الشرق الاوسط وللاسلام المتطرّف، ووصف خطوة سياسية، تتطابق وتصريح أوباما، يتحقق فيها السلام الاقليمي بداية مع الدول العربية المعتدلة فيما ينتظر الحل مع الفلسطينيين إلى المرحلة التالية.

إنّ المحاولة «الإسرائيلية» لدحر النزاع مع الفلسطينيين إلى المكان الثاني والتوجه نحو حل إقليمي هي محاولة جدّ إبداعية، ولكن فرصها في التحقق ليست عالية. فليس لـ«إسرائيل» الترف الأميركي في أن تخطئ، وتقول «إخس، أخطأنا»، والمواصلة إلى الامام. المشكلة الحقيقية تبقى هنا، ملتصقة بنا، في غزة وفي الضفة. «إسرائيل» ملزمة بأن تكون متحفزة عسكرياً وسياسياً في مواجهة المشكلة الفلسطينية والعمل أولاً وقبل كلّ شيء حيال هذه المشكلة. وحل المشكلة وحده يسمح لـ«إسرائيل» بأن توجّه المقدرات الاقتصادية، السياسية والعسكرية نحو التهديدات الأبعد حولنا. «إسرائيل» ملزمة أن تخرج بمبادرة سياسية مع الفلسطينيين تسمح لها، بالتعاون مع الفلسطينيين، لإقامة تحالف من أجل القتال ضدّ الاسلام المتطرّف الذي يتهدّد المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى