هل يثبت ماكرون على موقفه من سورية؟
حميدي العبدالله
أثناء القمة الروسية الفرنسية أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مواقف من الأوضاع في سورية يمكن القول إنها تختلف نسبياً عن مواقف سلفه الرئيس هولاند. فقد غابت المطالب التي تدعو إلى تصعيد المواجهة ضدّ الدولة السورية ورموزها، وحلّ محلها الحديث عن ضرورة الحلّ السياسي والاتحاد لمكافحة الإرهاب، ولم يرفض مبدأ الاتصال مع مسؤولين في الحكومة السورية، وإنْ استبعد فتح السفارة الفرنسية في دمشق في وقت قريب.
مواقف ماكرون ليست الأولى بالنسبة لمسؤولين غربيين أثناء الأزمة، تحديداً بعد الإسهام الروسي في مكافحة الإرهاب، فقد أطلق مسؤولون أميركيون وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري مواقف تشبه مواقف الرئيس ماكرون، ولكن أمام ضغوط الكيان الصهيوني ودول في المنطقة في مقدّمتها السعودية وتركيا تراجع المسؤولون الأميركيون عن مواقفهم. كذلك الأمر بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، صرّح هو الآخر عبر الناطق باسم البيت الأبيض وعلى لسان وزير خارجيته وممثلة الولايات المتحدة الجديدة في مجلس الأمن، بأنهم يسعون لمقاربة جديدة لا تعطي الأولوية للعمل على تغيير النظام في سورية، والتركيز على محاربة الإرهاب، والاستعداد للاتصال بمسوؤلين في الحكومة السورية لهذا الغرض، ولكن مجرد أن نظمت حملة من القوى ذاتها ضدّ هذه المواقف تراجعت الإدارة الأميركية عن تعهّدات ترامب في حملته الانتخابية، والمواقف التي أطلقها كبار المسؤولين في الإدارة، بل أكثر من ذلك شنّ عدوانين عسكريين على الجيش السوري مسجلاً سابقة لم تكن في عهد أوباما الذي تنصّل من مسؤولية الهجوم على جبل الثردة وزعم أنّ الهجوم وقع عن طريق الخطأ.
السؤال المطروح الآن ما الذي يجعل ماكرون يثبت على مواقفه عند انطلاق حملة مماثلة ضدّه؟
لا شكّ أنّ الرئيس الفرنسي الجديد يرغب في تبني مقاربة جديدة إزاء الأوضاع في سورية عبّرت عنها تصريحاته في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا سيما أنه اعتمد على استشارة شخصيات تتبنّى مواقف إيجابية من سورية مثل وزير خارجية فرنسا الأسبق أوبير فيدرين ورئيس وزراء فرنسا الأسبق دومينيك دوفيلبان، وسفير فرنسا الأسبق ورئيس المخابرات الخارجية جان كلود كوسران.
لكن كلّ ذلك لا يشكل ضمانة في ثبات الرئيس الفرنسي على مواقفه المعلنة في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الروسي، ولا يملك المراقب سوى الانتظار والرهان على دور التحوّلات الميدانية في دفع كلّ الدول التي خاضت الحرب على سورية وشجّعت على استمرارها بتبنّي مقاربة واقعية.