شعارات الأحزاب التونسية بين السطو والاقتباس

تعيش تونس جدالاً واسعاً حول الشعارات الانتخابية التي اختارها المرشحون للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، ليعبروا بها عن أفكارهم وتوجهاتهم وميولهم الفكرية والإيديولوجية. ويتحدث التونسيون عن شعارات سُرقت أو اقتبست من شخصيات أو أحزاب أجنبية.

من غباغبو إلى المرزوقي

وأول شعار يثير جدالاً في تونس هو الشعار الذي اختاره الرئيس الحالي للبلاد مرشح حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المنصف المرزوقي لحملته الانتخابية، وهو «ننتصر أو ننتصر» الذي أعلنه رئيس الحملة عدنان منصر، وهو الشعار ذاته الذي اعتمده دكتاتور ساحل العاج لوران غباغبو عندما تقدم لانتخابات الرئاسة عام 2010، بعد أن قاد انقلاباً دموياً عام 1999.

وقد تغنى أنصار غباغبو بهذا الشعار في نشيد معروف كانوا يرددونه خلال سيطرتهم على الشوارع ومؤسسات الدولة في أبيدجان، وكانوا يعنون بذلك أنهم سينتصرون في كل الحالات إما عن طريق الانتخابات أو بقوة السلاح.

وأعلن رئيس حزب «تونس بيتنا» فتحي الورفلي على لسان الناطق الرسمي للحزب منور السويبقي أن الحزب سوف يتقدم بشكوى ضد الرئيس المرزوقي بسبب استعماله هذا الشعار، موضحاً أن «الأحزاب الكبيرة تتاجر بمبادئ وشعارات الأحزاب الشابة، مستغلة في ذلك الأموال الفاسدة»، وذلك في إشارة إلى استخدام المرزوقي شعار حزب «تونس بيتنا».

اعتذار النهضة

أما حركة النهضة، فوجدت هي الآخرى نفسها في موقفين صعبين بدأت بهما حراكها الانتخابي، يتمثل الموقف الأول في أن المذيع الممثل التلفزيوني الفرنسي الشهير كريستيان موران الذي كان يقدم برنامج «عجلة الحظ» فوجئ بصورته على ملصقات ومطويات الحركة الخاصة بحملتها الانتخابية، وقد تبين أن الصورة تم أخذها من ملصق فيلم لموران يحمل عنوان «الأربعاء: يوم مجنون» الذي عرض عام 2000.

وعبّر موران عن استغرابه من «إقحامه في ملصقات ووثائق الحركة الإسلامية التونسي»، مضيفاً أنه لو جرى استغلال صورته في فرنسا لكان طالب بسحبها، ودعا حركة النهضة إلى إزالة صورته من شعارها الانتخابي والاعتذار منه.

وأشارت محطة «فرانس 24» إلى أنّه باتصالها بمسؤولي حركة النهضة أكدوا أن كل الصور التي وقع استخدامها كانت بموافقة أصحابها، موضحين أن صورة موران كانت خطأ سيتم إصلاحه.

حزب أردوغان

أما الموقف الثاني الذي أحرج حركة النهضة، فهو تقديمها لفيلم دعائي قصير حول برنامجها الانتخابي، حيث وما إن تم العرض الفيلم خلال حفل تقيم البرنامج الانتخابي للحركة حتى اكتشف التونسيون أنه نسخة مطابقة للأصل من الفيلم الدعائي لحملة الرئيس التركي رجب الطيب أدوغان، وهو ما أثار جدالاً واسعاً في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي تساءلت عما إذا كان الأمر يتعلق بـ «طبخة إخوانية» أو سرقة متعمدة، خصوصاً أن حركة النهضة تتميز بعلاقات تحالف مع أردوغان وحزبه.

وأوضح الناطق الرسمي باسم الحركة زياد العذاري أن فكرة الفيلم الدعائي كانت لـ «غاية نبيلة» على رغم اقتباسه عن إعلان لحزب العدالة والتنمية التركي، وفق تعبيره.

دراجة هوائية

واختار حزب التيار الديمقراطي برئاسة محمد عبّو شعار الدراجة الهوائية لحملته الانتخابية، ثم تبين أن الشعار مستنسخ من شعار حزب «الدراجة» الفرنسي، وهو ما حاول عبّو التخفيف من أهميته، قائلاً: «لا علم لنا بوجود هذا الحزب الفرنسي ولا بشعاره، ولو كنا على علم فلا مشكلة في اقتباس الشعار».

غياب الجهد

يرى مراقبون أن الاستحواذ على الشعارات والرموز الأجنبية أو الاقتباس عنها يعود إلى غياب الجهد واستسهال العملية الانتخابية وعدم الاعتماد على الكفاءات. ويقول المحلل السياسي خليفة بن سالم إن أغلب الأحزاب التونسية تعتمد على الاقتباس من تجارب الآخرين أو نقلها كما هي، وتكتفي بالبحث في الشبكة العنكبوتية عن صور أو رموز أو شعارات تعتمدها من دون اعتبار لمسألتين مهمتين، الأولى أن الكشف عن ذلك بات أمراً سهلاً وفي متناول الجميع، والثانية أن هناك حقوقاً ملكية لا بد من احترامها، وهي تشمل الفكرة والصورة والشعار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى