المخابرات الأميركية تعيّن قاتل مغنية مسؤولاً عن ملف إيران… استهداف سليماني؟ الانتخابات وفقاً لقانون النسبية في أيار المقبل… والماكينات الانتخابية بدأت الحملات

كتب المحرّر السياسي

جدّد الرئيس الروسي في حوار مفتوح من ضمن أنشطة منتدى بطرسبورغ الاقتصادي خيار روسيا بالمضيّ في المشاركة العسكرية في سورية دفاعاً عن أمن روسيا كاشفاً وجود عشرة آلاف مسلح من أصول روسية ومن دول الاتحاد الروسي، يشكلون تهديداً أمنياً لموسكو، قائلاً: «سنقاتلهم هناك ولن ننتظرهم أن يأتوا إلينا أو إليكم»، داعياً الدول الراغبة بإنهاء الحرب في سورية ببذل الجهود للتعاون في فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهاب، بينما واصل الطيران الروسي مطاردة المواكب التابعة لداعش التي تخرج من الرقة باتجاه البادية السورية، ولاحظت مصادر عسكرية متابعة حجم مشاركة كثيفة للطيران الروسي في ثلاثة محاور جديدة، محور خط الرقة البادية وصولاً لشرق حماة، ومحور الحدود العراقية السورية من التنف إلى البوكمال منعاً لمحاولات التعطيل التي تتولاها الجماعات المسلحة التابعة لواشنطن بوجه تقدّم الجيش السوري وحلفائه لبلوغ خط الحدود مع العراق، والمحور الثالث الذي كان الطيران الروسي يتفاداه في السابق هو جنوب سورية وصولاً للحدود الأردنية، حيث بدا أنّ حشود الجيش السوري وتغطية الطيران الروسي يعبّران عن خطة إنهاء الوضع الرخو الذي تقيمه الجماعات المسلحة بالتعاون مع المخابرات الأردنية و«الإسرائيلية» لإبقاء الباب مشرعاً لتدخلات خارجية سيضع لها حداً بلوغ الجيش السوري الحدود الأردنية.

في السياق الأمني الدولي والإقليمي كان الحدث ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أنّ «إدارة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عيّنت مايكل ديآندريا مسؤولاً عن جميع عملياتها في إيران»، مشيرةً إلى انّ «ديآندريا، المعروف أيضاً بلقبي «آية الله مايك» و«الأمير الأسود»، كان يتولى منصب مدير عمليات مكافحة الإرهاب منذ العام 2006»، مشدّدة على أنه «أشرف على قتل الزعيم السابق لتنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، الذي قتل على يد القوات الأميركية في مدينة أبوت آباد الباكستانية يوم 01/05/2011».

وقالت «نيويورك تايمز» إنّ «ديآندريا أدار البرنامج الخاص باستخدام الطائرات المسيّرة ضدّ مسلحي تنظيم «القاعدة» في باكستان واليمن، وحقق نتائج كبيرة في هذه الساحة وأنّ «الأمير الأسود» قام بدور محوري في إضعاف هذا التنظيم»، مشيرةً إلى أنّ «ديآندريا هو من دبّر اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية يوم 12/02/2008 في العاصمة السورية دمشق، بواسطة سيارة مفخّخة، في عملية نفذها فريق من عملاء «سي أي آي» تحت إدارة ديآندريا بالتعاون مع جهاز «الموساد» «الإسرائيلي».

الخبراء المعنيون بتحليل الموقف الأميركي الأمني ربطوا تسريب «نيويورك تايمز» للخبر بموافقة مسبقة من المخابرات الأميركية، ضمن الحرب النفسية التي تستهدف رفع معنويات حلفاء واشنطن بعد قمة الرياض، خصوصاً أنّ عملية اغتيال القيادي المقاوم عماد مغنية لم تتمّ بمعزل عن التنسيق مع الأجهزة الأمنية في الخليج، وما ستفعله هذه الأجهزة لحساب الأميركي و«الإسرائيلي» بعد تفاهمات الرياض يستدعي رفع معنويات هذه الأجهزة وإظهار الجدية الأميركية لكن المصادر دعت لعدم التقليل من المخاطر التي تقف وراء تعيين قاتل محترف مسؤولاً عن الملف الإيراني، خصوصاً مع تزامن التعيين مع الحملة المركزة التي تنظمها القنوات الفضائية المشغلة من السعودية على قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، بما يستعيد ما فعلته قبيل اغتيال مغنية، داعية للتنبّه لتدبير عمليات مشابهة تستهدف سليماني أو قيادات من حزب الله والحشد الشعبي.

لبنان الذي احتفل بالدخان الأبيض الصادر من إفطار بعبدا، بالإعلان عن حسم القرار نحو قانون الانتخاب الجديد، ومنح اللجان فرصة أيام لحسم التفاصيل باتجاه التوافق الإجباري، بات على موعد مع الانتخابات الجديدة في أيار المقبل، كما قالت مصادر مطلعة لـ«البناء»، سواء لحاجة وزارة الداخلية لبضعة شهور لتجهيز ملفاتها وطواقمها، أو لحاجة الأطراف إلى تحضير شوارعها وحساباتها بغياب فرص التحالفات في ظلّ النسبية إلا نادراً، فيما انطلقت الماكينات الانتخابية لإعداد لوائح الشطب وتجميع كوادرها لبدء دورات تدريبية على القانون الجديد، بينما بدا شحذ الهمم لحملات تعبئة انتخابية يبدو أنها ستشهد سخونة بدأت طلائعها مع حضور رئيس الحكومة الانتخابي في طرابلس.

معركة طرابلس تسبق ولادة «القانون»

بعد الاتفاق الرئاسي في بعبدا أمس الأول، الذي أمّن المظلة السياسية لقانون النسبية على 15 دائرة على أن تُنجز النقاط التفصيلية خلال أيام، يبدو أن رئيس الحكومة سعد الحريري أطلق صفارة الانطلاق للانتخابات النيابية المقبلة وتحديداً لمعركة طرابلس قبل ولادة القانون الجديد، مفتتحاً خطابه الانتخابي من عاصمة الشمال مستعيداً شعارات بائدة ضد الدولة السورية ومستحضراً مصطلحات للتحشيد المذهبي والطائفي ضد حزب الله لم تعُد لها قيمة في ظل التسوية الرئاسية والحكومية سوى استثمارها انتخابياً، فضلاً عن إحياء وعود قديمة بالإنماء وإنشاء مشاريع اقتصادية وخدمية لا تلبث أن تتبخّر فور انتهاء كل استحقاق نيابي كان أم بلدي.

ولم يعُد خافياً على أحد تراجع شعبية تيار المستقبل في الشارع الطرابلسي والشمالي عموماً. هذا ما يتحدّث به أهالي المدينة، بحسب مصادر طرابلسية مطلعة، الأمر الذي دفع رئيس التيار الأزرق الى الحج شمالاً في محاولة لاستعادة ما أمكن من القدرة الانتخابية التي فقدها فترة وجوده في الخارج بعد أن نزح قسم كبير منها الى أخصامه التقليديين كالرئيس نجيب ميقاتي والمستجدين كاللواء أشرفي ريفي، الذي اتّهمه الحريري أمس من دون أن يسمّيه بالمتاجرة بملف السجناء الإسلاميين، وواعداً أهالي السجناء بالعمل لإقرار «قانون عفو عادل يعطي كل صاحب حق حقه وإطلاق ورشة إنماء في طرابلس ومشاريع كثيرة وتحسين الخدمات والكهرباء».

وأشار في إفطار رمضاني في طرابلس إلى أن «موقفنا معروف من حزب الله بسبب تدخله في سورية».

وترى المصادر الطرابلسية أن «أهالي المدينة فقدوا ثقتهم بالحريري وتياره السياسي بعد تراجعه مراراً عن التزاماته ووعوده»، مذكرة بالزيارة الأخيرة التي افتتح خلالها جسراً في طرابلس الذي عاد وأُغلق فور خروج الحريري من المدينة، ومشيرة الى قلة الحشود في حفل الإفطار أمس.

وتكشف المصادر أن «الإحصاءات التي أجرتها مراكز الدراسات في المستقبل، أكدت تراجع شعبية التيار الى حد كبير وأظهرت خطر اختراقات متعددة للائحة المستقبل نتيجة توزع الأقطاب في المدينة بين الرئيس ميقاتي الذي سيتحالف مع ريفي في مواجهة الحريري الذي يحضّر لصفقة انتخابية مع الوزير السابق محمد الصفدي، وما يزيد المخاوف من كارثة انتخابية يتعرّض لها المستقبليون في المدينة، هو شح المال الانتخابي لرئيس الحكومة، الذي اعترف على الملء منذ أيام بالإفلاس في معرض رده على اتهامات النائب وليد جنبلاط له بالفساد.

وأكدت المصادر أن «الحريري سيسعى لإقرار قانون العفو في إطار تبادل الخدمات بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والسيد نادر الحريري لاستثماره في الانتخابات وجذب القوة الانتخابية الاسلامية وتجييرها انتخابياً لصالح الحريري وهي قوة ناخبة لا يُستهان بها في الشمال خصوصاً».

وكشفت المصادر في المقابل أن «اللواء ريفي بدأ يُعدّ العدّة للمواجهة التي يعتبرها الحاسمة ضد الحريري ويسعى إلى إلحاق الهزيمة به في عرينه طرابلس»، وتشدّد على أن «ريفي هو القوة الأبرز طرابلسياً الآن وفوزه مؤكداً»، وتضيف «وفق القانون الجديد طرابلس والضنية والمنية دائرة واحدة فيها 5 مقاعد، الأول لريفي والثاني لميقاتي والثالث للصفدي مع تأكيد فوز الوزير محمد كبارة أما المقعد الخامس فسيكون من حصة المستقبل».

لكن مصادر مستقبلية شمالية تؤكد لـ«البناء» أن «خريطة التحالفات الانتخابية لم تتضح بعد، وهناك متّسع من الوقت حتى الربيع المقبل على أبعد تقدير لإجراء الانتخابات، لكن رغم ذلك المستقبل يلملم شارعه ويستعدّ للاستحقاق النيابي، وبالتأكيد سيتحالف مع مَن يشاركه في خياراته السياسية ورؤيته للخطط التنموية للمدنية، وبالتالي لن يتحالف مع ميقاتي ولا مع اللواء ريفي».

وخاض الحريري أمس، حفلة مزايدات مع ريفي في التهجم على سورية وإيران وحزب الله، كعناوين للمعركة الانتخابية المقبلة، كما أعلن ريفي من طرابلس أمس المواجهة مع الحريري، قائلاً «سنواجه مع دولة الفساد المحمية من الدويلة التي لها حصة بالنهب المنظم للمال العام ونشهد تقاسماً بالتراضي مثلما تُلزم المناقصات المشبوهة».

التفاصيل في طريقها إلى الحل

وفي غضون ذلك، تتكثّف اللقاءات الانتخابية في محاولة لاستكمال التوافق حول بعض التفاصيل التقنية للقانون، على أن تتولّى اللجنة الوزارية التي ستؤلف بناءً على اتفاق بعبدا، لدراسة النقاط العالقة وتحويل الاتفاق إلى مشروع قانون يقدّم إلى مجلس الوزراء ربما في جلسة الأربعاء المقبل في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون على أن يُقرّ في الحكومة ويحال الى المجلس النيابي كخريطة طريق تبذل الجهود لإنجازها، كما أوضح عراب «الاتفاق» نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان، الذي أكد بعد زيارته الحريري أمس، في بيت الوسط أن «لا شيء سيطيح القانون الجديد وتمّ تذليل بعض النقاط العالقة ونقل المقاعد لم يوضع جانباً».

وإذ أكدت معلومات «البناء» أن الأمور التفصيلية تسلك طريقها نحو الحل في غضون أيام ولن تقف حاجزاً أمام الإعلان النهائي عن التوافق حول القانون، وأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيعلن تأجيل جلسة 5 حزيران إن لم تنجز تفاصيل القانون كافة، أشارت قناة «أو تي في» الى أن «الرئيس عون مصرّ على إجراء الانتخابات في أقرب وقت تسمح بها الجهوزية التقنية واللوجستية وأنه أعطى توجيهاتِه بضرورةِ إنجاز التفاصيل الباقية في أسرعِ وقتٍ بهدف الذهاب إلى الانتخابات في أقربِ موعد، كما لفتت الى أن إفطار القصر لم ينتهِ أمس مع كلام الرئيس إذْ تواصلت الاجتماعاتُ بعدَه في لجنةٍ مصغّرة وحضر عون قسماً منها».

وأكد رئيس الجمهورية أنه «سيفي بما وعد به اللبنانيين بأن يكون هناك قانون انتخابي جديد عادل رغم الصعوبات التي واجهت الوصول الى مثل هذا القانون»، ولفت إلى أن «بداية الإصلاح تكون من خلال مجلس النواب الذي يمثل الشعب اللبناني بكامله».

وأعلن الوزير باسيل من بكركي أننا وصلنا من خلال القانون الجديد إلى القانون الممكن، معلناً أن المعركة مستمرة لتحصيل الأفضل، ولفت إثر لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن «المعركة تستمر لتحصيل الحقوق وإحقاقها وتصحيح التمثيل بشكل كامل»، ولافتاً الى «اننا نُعدّ قانون انتخاب لما بعد 2050. كنا نتمنى لو أن المعركة انتهت في 2017 لكنها ستستمر وسنظل نقاتل لتحصيل حقوق كل لبناني بالتمثيل الصحيح».

وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أننا «في حزب الله نساهم على طريقتنا بإنجاح الوصول إلى قانون انتخاب جديد من دون ضوضاء ومن دون أن نكون في الواجهة وأيضاً من دون أن نعرض عنتريات القوانين وما نريده هو القانون وأن ينتخب الشعب بشكل عادل وفق قانون نسبي»، مؤكداً اننا «لن نوفر جهداً لنسهّل ولادة هذا القانون وليهدي ربنا أولئك الذين يقفون عند التفاصيل الصغيرة».

الانتخابات في الربيع المقبل

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة أن «من خلال حملة إعلامية مكثفة واعتماد التقنيات الحديثة يمكن اطلاع المواطنين على قانون الانتخاب»، مشدداً على أن «المدة الأدنى لتدريب الموظفين على القانون الانتخابي الجديد هي 6 أشهر والأقصى 7 أشهر».

وأشار وزير الداخلية الأسبق مروان شربل لـ«البناء» أن «هناك أسباباً جوهرية تحول دون إجراء الانتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر، وفقاً للقانون الجديد، وبالتالي لا بد من إقرار التمديد للمجلس النيابي الحالي لإتاحة المجال أمام وزارة الداخلية التحضير للعملية الانتخابية»، وتوقّع شربل أن يُقرّ التمديد ضمن القانون الجديد لمدة أقلها 9 أشهر، «لأن لا يمكن إجراء الانتخابات في فصل الشتاء في المناطق الجبلية بسبب الظروف المناخية، وبالتالي لا حلّ إلا بالتمديد حتى الربيع المقبل».

وأوضح شربل أن «لا يمكن القول بأن قانون الـ15 دائرة هو نفسه القانون الأرثوذكسي الذي ينتخب على أساسه المسيحييون نوابهم والمسلمون نوابهم. وهذا غير موجود في القانون المزمع إقراره والذي يعتبر نسخة معدلة عن القانون الذي قدّمته وأقرّته بالإجماع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كانت تضم عشرة وزراء من التيار الوطني الحر»، ولفت الى أن «الفوارق بين الصيغتين ليست جوهرية بل تنحصر بنقطتين: الاولى رفع عدد الدوائر من 13 الى 15 والثانية اعتبار الصوت التفضيلي مقعداً واحداً بدلاً من اثنين».

نتائج الـ2009 لن تتكرّر!

وقالت مصادر مطلعة على مشاريع قوانين الانتخاب لـ«البناء» إنه «عند التوافق النهائي على القانون الجديد، فلن يعترض رئيس الجمهورية على التمديد لمدة سنة أو 9 أشهر»، مشيرة الى أن «قانون 15 دائرة يحقق عدالة التمثيل لجميع الأحزاب والقوى السياسية وللمستقلين غير الحزبيين أيضاً». وتوقّعت أن يأتي «هذا القانون بـ51 نائباً بأصوات المسيحيين أغلبهم من ثنائي التيار الحر والقوات وحلفائهما، أما تيار المستقبل فسيخسر عدداً من النواب في طرابلس والبقاع الغربي وبيروت بينما يخسر ثنائي أمل وحزب الله نائبين بالحدّ الأقصى والأمر نفسه بالنسبة للحزب التقدمي الاشتراكي الذي سيفقد بعض المقاعد المسيحية التي اكتسبها في القانون السابق وربما يتمكن أخصام الاشتراكي على الساحة الدرزية من الاختراق بنائب واحد على الأقلّ».

وأكدت المصادر أنّ النسبية لا تسمح بعقد التحالفات الانتخابية بين الأحزاب الكبيرة كحركة أمل وحزب الله وبين «التيار الحر» و«القوات». وأشارت الى أنّ جميع القوى ستخسر بعض المقاعد، وبالتالي لا يمكن تكرار نتائج انتخابات العام 2009 اليوم، كما أنّ «ميزة الانتخابات على النسبية هي غموض النتائج».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى