من الإبداع القومي
نذير العظمة
سوناتا في ضوء تشرين
هذا زمن آخر
هذا وطن آخر
لكني أعزم أن أحيا في نبضه
أن ألهب أغنيتي من رفضه
لا يفصلني عنه البعد
شفة أحمله أو رئة
أو جوهر عين
أو مطراً يحمله الرعد
مملكتي الوعد
تشرين مملكتي وشموع عشر
يضحك في شعلتها الورد
مملكتي الفجر
سيزيف قدري والخضر
يا أطفالي
لا إرث لنا غير الحلم
غير السفر
قسماً بالحبر وبالقلم
سنمزق تاريخاً عفناً
وتغيره وجه القدر
قسماً بالأرض سنسقيها
مطراً، يعشب وجه الحجر
يا أطفالي
إني أبصر في أدمعكم
وطناً مشدوداً كالوتر
يا أطفالي
أنتم وجه الزمن الآتي
فرحٌ في تشرين العمر
وقد البصر
لهب التاريخ المنطفئ
من غيركم؟!
صدر للصدر المهترئ
نبض يلغي وشم العصر
من غيركم؟!
يا أطفال الزمن الآخر
يا أشبال الوطن
يخرجنا من قبر الزمن
لا إرث لنا غير الكفن
يا لهب اللهب
أنتم يا خير شهاداتي
يا شعر الشعر وكتب الكتب
أنتم يا أرزٌ خلف الأرز
ونارٌ تحلم حلم العشب
أنتم يا تشرين الغضب
يا ريح يا شفق
يا شمسٌ يا أفق
يهديكم لي أبداً تشرينُ
وطناً بالعزة مسكون
يا أطفالي الليل لنا
أعطوا للنجمة رايتنا
الكلمة قامت
صهوتنا حلمٌ
الليل لنا سفن السفر
الليل لنا سفرة إزميل في الحجر
الليل لنا
يا أطفالي
أنتم هذا الزمن الآتي
أنتم في الفرح الآتي
يا سنبلة تمسح حزني
ألقا تشبع جوع البشر
يا أطفالي
يا كبد القمر وضحك الغيب وحزن المطر
يا عرزال يبقى
رغم الحطاب الجلاد
يا نبض الميلاد
يا آجر يرقى
من بطن الأرض المستتر
ألواح تنقط بالنور وماء السور
يا حرف الحرف وطرف الطرف وجمر الثمر
يا قدر يبطل ذل القدر؟!
من غيركم؟!
يولد كالفجر
يا جبل الروح المستعر
نشيد لأطفال العيد
ممنوع في عرف الطغيان
أن يولد في الأرض الإنسان
وأنا يا سامر مجبول
بالشعر أغني للأحزان
ممنوع أن تنمو ورده
أن يرفع إنسان خده
والقمحة إن صارت سبلا
فالمنجل يمنحها حدّه
ممنوع في عرف الجلاد
أن تفرح في الأرض الأعياد
أن يطلع في القدس صبي
يتكلم في مهد الميلاد
هل للزيتونة أن تنمو
بالحب ويختمر الكرم
ويصير البحر غيوما
ويعود إلى البحر الغيم؟!
والغابة، هل حلم الشجره
بالحب يغذي خضرتها
ويضيء التربة والحجره
يا سامر هل للأطفال
في العتمة، غير المشعال
يزهو في أيدينا شمسا
تتحدى ظلم الأجيال
من يرفع فوق الموجة رأسا
من يضرب بالقلب الفأسا
من يكسر في الأرض القضبان
ويطوعها غير الإنسان
ممنوع أن يحيا البغض
ممنوع أن تظمأ الأرض
ما دام لنا قلب في الصدر
يشعشع.. ما دام النبض!
حصان الريح
أرافق صخراً أم أرافق موجة
فإن شعاري داخل الجلد والنبض
فليس لبحر أن يحدَّ تمردي
وليس لأرض أن لي أرضي
توهجت قبل الموت حتى اقتحمته
فليس لفجري بعده سنة الغمض
وشئت لشعبي أن يشرش في دمي
فماهم أن يفنى على حجر بعضي
ترابك يا أرض الكرامة تربتي
وناري نسغ في الجذور وفي الروض
نحرت حروفي فوق صخرك فانبرى
ينابيع خصب ترتدي لهب الرفض
لأنك عرضي ما تأخرت كلما
تطلب مني أن أموت فدا عرضي
لبست شموخي وانكسرت على الثرى
وخمرت نار الشمس في الساعد الغض
أنا لهب لا يستريح وهاجس
تفجر بالأضواء في عتمة القبض
رفيقي رفيقي لا لا تنم خلف غيضة
بها ترقد الأفعى على ساخن البيض
فما فرخت نسراً ولا خلفت هدى
ولكنها مرهونة الزحف والعض
إذا افترست أرض الجنوب تفرست
تدمر حدس الروح شهوة البغض
أنا وردة للنار ملتهب الحشا
زرعت حشاها بالوجيعة والرض
خلعت ثياب الموت أن ارتديته
وخلفت للأجيال ملحمة الرفض
زرعت لهيبي بينكم وتيقظت
تركت لكم حلمي فلا تنقضوا نقضي
خرقت حصار الموت أي تمرد
له لغة للحب في جسد الومض؟!
ركبت حصان الريح أن توحدت
حياتي وموتي، كيف أمضى ولا أمضى؟!
يفيض دمي فوق الرصيف ومهجتي
وأي حجار لا تبرعم من نبضي؟!
فيا جيل لا تحزن ويا موج لا تقف
ويا روح فيضي آن يا رفقتي فيضي!!
فضضت بكارات الردى وتركته
ضياء يرود الكون يخبر عن فضي
هوية
إبتسام أنا يتوهج في العتم
أجمع النقيضين
النار والماء
الجسد البض الذي يستحيل إلى نجمة
أتوحد بإشراق الـ T.N.T
وأطلع فجراً يضيء الكلمات
ويصنع اللغة الجديدة.
إبتسام حرب أنا
وحرب إبتسام
آتيكم بعصر تتغير فيه الأسماء
بزمن تقشر فيه القيم
ليس الجلد هويتنا
ليس البشرة
أنها الانتماء إلى الأرض
الأرض التي يقضمها السرطان
يتنكر بالعافية
يتلبس الأمن
ويستعين على براءتنا بالمخلب
يمده إلى الرحم
يمزق الشغاف والتبض
ليقيم رايته المسدسه
جرادة أسطورية
تلبس ثوب الأنبياء
وتأكل صدر الأرض الأخضر
فنخرج عليه من لهب الجنوب
وأنفة الشوف وقلعة الشهباء
سناء خالداً، إبتسام شهادة شهادة إبتسام
تغير وجه الأرض ونرسم المصير.
من مجموعة «سوناتا في ضوء تشرين»