واشنطن: غرفة عمليات دمشق تنفّذ تهديدها وتستهدف قوات أميركية بطائرة بدون طيار المساعي الناعمة لحزب الله تدوِّر زوايا الخلاف وتنقذ تفاهم بعبدا من الطريق المسدود!

كتب المحرّر السياسي

دخلت الأزمة القطرية مرحلة التعايش مع انقسام خليجي مديد صار صعباً حسمه بالسياسة أو بغيرها، فبعدما بلغت المقاطعة التي تقودها السعودية سقفها وبلغت المواقف السياسية واستجلاب الدعم لها باتهامات لقطر شارك في توجيهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبعد مرور الأيام الأولى للحصار التمويني والضغوط المالية، بدأت قطر تتأقلم وتشعر بالأمان مع فتح موانئ إيرانية لتزويدها بالسلع الضرورية، ومع موقف تركي عسكري يفتح باب التموضع لقوات تركية في قطر كرسالة لقطع الطريق على الخيار العسكري بغطاء انقلابي مدبّر أو من دونه. وقد جاء الإعلان القطري الرسمي عن رفض الوصاية والاستعداد للتعايش مع الحصار، وإبلاغ الكويت رفض الشروط التي حملها أميرها، ووصفها بشروط الإذعان وإعلانه رفض الدعوة الرئاسية الأميركية لتفاوض تحت سقف البيت الأبيض بالقول لا نفاوض ونحن تحت الحصار، ليكرّس الأزمة المفتوحة التي لا تملك السعودية جواباً بعد حول نهايتها، ولا على كيفية التعايش معها.

تزامن تراجع وهج التصعيد السعودي العقابي لقطر مع تراجع وهج الخطوط الحمراء التي حاول الأميركيون رسمها في البادية السورية بغاراتهم الجوية، بعد بيان غرفة عمليات الحلفاء في دمشق مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية عن تعرّض قواتها لإطلاق نار من طائرة بدون طيار تابعة للجيش السوري أو لحلفائه، تنفيذاً لبيان التهديد. وفيما أعاد البنتاغون التذكير بمناطق يعتبرها محرّمة بالتقرّب من قواعده ضمن مسافة عشرات الكيلومترات، وهو ما تعتبره دمشق وموسكو وطهران انتهاكاً سيادياً صارخاً، وترفض التسليم به، قال البنتاغون إنه لا يريد التصادم مع الجيش السوري ولا مع حلفائه وإنه يبحث عن حلّ تفاوضي للأزمة، وإن قنوات الاتصال مع موسكو سيجري تحريكها لبحث الأزمة.

لبنانياً، فتحت كوة في جدار التشاؤم حول قانون الانتخابات مع قيام حزب الله بمساعٍ بعيدة عن الأضواء لتدوير زوايا الخلافات وتخفيض سقوف الطروحات ومحاولة حصر القانون بإجراء الانتخابات وطي المطالب الإصلاحية أو الطائفية او الميثاقية لمناقشات تتسع لها مساحة ما بعد الانتخابات ومرحلة إعداد القانون الجديد من المجلس النيابي المنتخب والذي يفترض أن يقوم على صيغة المجلسين ولا مانع من تضمين عناوينه في مقدمة القانون الذي ستجري الانتخابات على اساسه لمرة واحدة، أو الأخذ بما «خفّ حمله وغلا ثمنه من المطالب لعدم إحراج المطالبين بالخروج بسلة فارغة، وهنا يحضر البحث بالإمكانية العملية لتخصيص مقاعد للمغتربين، إذا كان ذلك ضمن قدرة وزارة الداخلية ووزارة الخارجية، بينما يجري نقل باقي المطالب والطروحات لمناقشات المجلس الجديد، خصوصاً مع التقدم في حسم عتبة الفوز الانتخابي وطريقة احتساب الأصوات للفائزين، لكن لا يبدو أن المساعي الناعمة لحزب الله ستنجح بحلحلة العقد قبل موعد جلسة الإثنين المقبل.

«القانون»: اتفاق لم يكتمل

11 يوماً باقياً من عمر المجلس النيابي، وقانون الانتخاب الجديد لم تكتمل معالمه النهائية بعد، في ظل الخلاف حول بعض النقاط التفصيلية التي توازي القانون نفسه، بحسب ما يعبر المسؤولون في التيار الوطني الحر الذي لا يزال يُصرّ على تضمين مواد القانون الجديد النقاط التي تتعلّق بالعتبة الوطنية والصوت التفضيلي ومنح المغتربين عدداً من المقاعد، لكن هل تسمح المدة المتبقية حتى 20 الشهر الحالي من إنجاز التفاصيل موضع الخلاف وطرح القانون على مجلس الوزراء لإقراره وإحالته الى المجلس النيابي ليقره بدوره؟

وإن لم تسجل الساعات المقبلة تقدماً في المفاوضات لجهة التفاصيل العالقة، فإن أسبوعاً حاسماً ينتظر مصير القانون قبل وقوع المجلس في حالة الفراغ الأمر المرفوض من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب الله وقوى أخرى.

وفي حين أشارت قناة «أو تي في» الى تقدم نسبي هو نتيجة الاجتماع الرباعي أمس الأول، في وزارة الخارجية، الذي جمع رئيس التيار الحر جبران باسيل والخليلين ونادر الحريري، أشارت مصادر أخرى الى أن «المفاوضين تقدموا خطوة الى الأمام في موضوع تمثيل المغتربين بمقاعد من أصل الـ128 انما في دورات لاحقة». في المقابل أشارت معلومات الـ»أن بي أن» الى أن «التفاصيل الصغيرة المتفق عليها ستجد طريقها نحو الحلحلة وتعلية السقوف هدفها تسجيل مواقف شعبية، لكن لا يمكن حتى الآن الحديث عن اتفاق، ولكن الاتصالات ستستمر من أجل ايجاد حل لهذه التفاصيل».

وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «التقدم الذي حصل لم يحسم النقاط العالقة، لكن المناخ الإيجابي يتمثل باستمرار المساعي واللقاءات بين كافة القوى للتوصل الى قانون جديد»، ولفتت الى أن «الرئيس بري ضد أي مقاربة طائفية ومذهبية لمسألة القانون سواء بالصوت التفضيلي أو بالعتبة الوطنية أو بطريقة احتساب الأصوات أو منح المغتربين بعض المقاعد، كما أن الاصلاحات الدستورية التي يطالب بها التيار الحر يمكن تأجيلها ولا علاقة لها بقانون الانتخاب الذي يجب إنجازه بأسرع وقت ممكن». وكشفت أن «لقاء الخارجية أمس الأول لم يتوصل الى حلول لكل النقاط بل دار حوار موسع وشامل بين الأطراف لم يؤد الى نتيجة حاسمة».

وأكدت المصادر أن «التمديد غير وارد لدى رئيس المجلس»، وأوضحت أن «البند الوحيد المطروح على جلسة المجلس المقبلة هو إقرار القانون، لكن هناك عرف متفق عليه بأن المجلس سيد نفسه، وبالتالي يحق له طرح أية قضية من ضمنها الموازنة كما يستطيع تعديل المهل الدستورية قبل نهاية ولاية المجلس للعودة الى إجراء الانتخابات على القانون النافذ إذا حصل توافق سياسي حوله في حال تعثر إقرار قانون جديد».

وأضافت المصادر أن «الرئيس بري سيتخذ القرار يوم غدٍ بشأن جلسة الاثنين في ضوء المعطيات والمستجدات خلال الـ48 ساعة المقبلة، فإما يؤجلها أياماً عدة كي ينضج الاتفاق وإما يبقي عليها إذا أنهى المفاوضون التفاصيل». ولفتت الى أن «المجلس النيابي يمكن أن يتقدّم باقتراح معجل مكرر الى الهيئة العامة لإقرار القانون من دون العودة الى الحكومة لكسب الوقت إذا تأمن اتفاق حوله»، وحذّرت المصادر من أننا «دخلنا المرحلة الأسوأ ولم يعد هناك متّسع من الوقت»، ورجحت أن يكون «الهدف من وضع الشروط الجديدة لتحسين شروط التفاوض وتحقيق مكاسب اضافية لبعض المكوّنات».

«التيار الحر»: متمسكون بمطالبنا

وفي ما يقف التيار الوطني عند حدود مطالبه ويرفض التنازل عنها، ولا يتقدّم خطوة واحدة الى الأمام، كرر أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان النقاط التي يتمسك بها التيار، وأكد أننا «نطرح النسبية مع الضوابط للمحافظة على المناصفة التي نص عليها الدستور، والصوت التفضيلي على القضاء بدلاً من الدائرة حتى لا تذوب الأكثريات وتصبح اقليات، بالاضافة الى الاصلاحات المطروحة في المجلس النيابي من بطاقة ممغنطة وبطاقة الاقتراع الموحدة والهيئة المشرفة على الانتخابات، وهي إصلاحات مطروحة منذ العام 2005».

واعتبر كنعان أنه «حصل تجاوز للطائف بعشرين مقعداً في المجلس النيابي، ونحن نطرح أن يتمثل المنتشرون بستة مقاعد من كل الطوائف، كما نطرح اقتراع العسكريين الذي أوصت الهيئة العامة في وقت سابق بأن يؤخذ بالاعتبار».

وأشار كنعان الى أن «هناك قبولاً بالصوت التفضيلي على مستوى القضاء، ويجري البحث في الضوابط، فيما مسألة تمثيل المنتشرين لا تزال قيد البحث، في ضوء ما يطرحه البعض من زيادة عدد النواب، بينما المطلوب تقليل العدد وإعادة توزيع بعض المقاعد».

«المستقبل»: مستعدّون للتنازل أكثر

وفي حين يواكب الرئيس سعد الحريري مسار المشاورات الانتخابية من المملكة السعودية التي زارها لأداء مناسك العمرة، يعود الحريري اليوم الى بيروت لمتابعة تفاصيل القانون عن كثب، وأشارت أوساط نيابية مستقبلية لـ«البناء» الى أن «المساعي مستمرة من الحريري وكافة القوى السياسية للتوصل لقانون جديد»، مؤكدة أن رئيس المستقبل «مسهّل للحل الى أبعد الحدود لم يضع الشروط كغيره من القوى السياسية، وتيار المستقبل قدّم كل التسهيلات والتنازلات منذ تراجعه عن القانون المختلط وموافقته على النسبية التي رفضها في السابق»، مضيفة أن «الأمر يتطلب التنازل المتبادل من الجميع لإنقاذ البلد في ظل الظروف الاقليمية الساخنة المحيطة بنا»، وجددت رفض التيار «العودة الى الستين» واستغربت «الاتهامات التي تطاله بأنه يريد العودة الى الستين».

وأوضحت الأوساط أن «المستقبل يؤيد حصر الصوت التفضيلي على مستوى القضاء، لكنه لم يوافق على أن تكون عتبة التمثيل 40 في المئة من الحاصل الانتخابي، كما يطرح التيار الحر ولا زالت هذه النقطة قيد النقاش، لكننا مستعدون أن نقدم تنازلات في هذه المسألة وغيرها إذا توافق الآخرون عليها».

ورأت الأوساط نفسها أن «الدستور واضح لجهة حصر عمل المجلس النيابي في الدورة الاستثنائية بإقرار قانون الانتخاب، كما ينص المرسوم الذي وقعه رئيسا الجمهورية والحكومة».

وعن التحالفات الانتخابية، رأت الأوساط المستقبلية الى أنه «من المبكر الإعلان عن التحالفات المرتبطة بالاتفاق النهائي على القانون وإعادة تقييم للعلاقات مع القوى السياسية»، لكنها أكدت أن «التحالف مع التيار الحر والقوات محسوم حتى الآن، بعد أن تحسّنت علاقة التيارين الأزرق والبرتقالي الى حد كبير في الآونة الأخيرة»، ولفتت الى أن «التحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي لم يُحسَم بعد وبحاجة الى حوار بين الحزبين بعد أن اهتزت العلاقة بينهما عقب الحملة التي شنها النائب وليد جنبلاط على الرئيس الحريري الذي لطالما تجنّب الدخول في سجالات مع جنبلاط، لكنه اضطر الى ذلك مكرهاً الأسبوع الماضي بعد أن تمادى جنبلاط في اتهاماته».

في غضون ذلك من المرتقب أن يحدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موقف لبنان إزاء المستجدات الاقليمية في الاحتفال بالذكرى السادسة والخمسين بعد المئة لتأسيس قوى الأمن الداخلي، الذي سيُقام اليوم في ثكنة اللواء الشهيد وسام الحسن الضبية، كما يتطرّق الرئيس عون الى الوضع الداخلي لا سيما الملف الانتخابي.

وتوجّه الرئيس عون الى ضباط قوى الامن الداخلي ورتبائها وأفرادها، مقدراً تضحياتهم، داعياً الى المزيد وقال: «حصانتكم هي الانضباط والتمسك بالقيم والفضائل العسكرية وبالمناقبية التي تربيتم عليها. حصانتكم هي تجردكم سواء خلال تنفيذ مهامكم، او في معاملتكم للمواطنين، فالتجرد مرادف للعدالة وعدم الظلم، فتطبقون القانون على الجميع بالسواء».

وأكد عون عزمه توفير كل ما يساعد القوى العسكرية والأمنية على أدائها مهامها بنجاح وحرفية عالية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى