وقار حجاب… وسحر نقاب
حكى لي ذات يوم حكايته فقال: «لما كنت لا أزال في عهد الشباب، وقفت أنتظر وصديقاتي إذ مرّ عطر بجانبي فنظرت، فإذا هي من حواءات العصر، تعلم وغصن البان كيف يتأود وكيف يكون القوام واللدانة.
تأملت أكثر فإذا هي فتاة متحجّبة بنقاب، وأين سعد ذابح منه في بيت نزار.
كم رسولاً أرسلته لأبيها، ذبحته تحت النقاب العيون. أو كأن السياب يقول بهاتين العينين:
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر.
فقلت في نفسي ذلك رمضان، ولكني تذكرت أن رمضان كريم!
والتفتّ، فقفز قلبي يقول قول أبي تمام في ممدوح له «ولكنه هنا في مؤنث»:
وما الحجاب بمقصّ عنك لي أملا
إن السماء ترجى حين تحتجب
وأجمل الجمال هو ما كان منقباً أو في ما يدل عليه المثل الشعبي القائل «كل محجوب مرغوب».
وربما الإرادة السماوية في هذه الحكمة أرادت على النساء أمهات النور محجبات وحتى العذراء مريم. وهنا كأنما أجاب قلبها يقول قول شاعر معاصر:
كم نام القلب على وعد
وأفاق القلب على وغد.
قال فأحجمت مستغفراً ولكن العطر نفسه مرّ ثانية.
فقالت ذاكرتي القرآنية: هل ذلك ابتلاء «ولبلونكم أيكم أحسن عملاً»!
فحيّيت وأردت أن أمضي في سبيلي، فحيّت بأحسن منها وقالت: عليك سلامي فليكن عليّ سلامك… «وإنني على ذمّة».
فعرفت أنها تقصد بالسلام هنا بالأمان، فقلت لنفسي قول حمصي كريم: «حاج عاد يا رجل!».
ومررت مرور الكرام إلى شاطئ السلام. وكان يا ما كان، يا قارئي الكلام والسلام.
د. سحر أحمد علي الحارة