الوحدة القومية تدفن الطائفية 13
أياد موصللي
ما حلت الطائفية والمذهبية في أمة أو مجتمع إلا ودمّرته بإنسانه ونموّه وبنائه… جميع كوارث التاريخ ومعظم الحروب التي نشبت كان مبعثها صراع طائفي مذهبي وما مزق المسلمين والعرب فجر تاريخ نشأتهم إلا الصراع المذهبي الطاحن المدمّر…
وها نحن الآن نرى كيف تحوّلت «إسرائيل» من عدو إلى حليف لدى بعض الدول والأنظمة العربية بسبب نشوء النزعة المذهبية بين سني وشيعي في السعودية ودول الخليج، وقد قال سعاده ونادى بفصل الدين عن الدولة وإبعاد رجال الدين عن التدخل في شؤون الدولة والسياسة…
وفي خضمّ هذا الإيقاظ للصراع المذهبي والطائفي خدمة لـ»إسرائيل» عبر تقسيم وتفتيت أعدائها نعيد بعض ما سبق ان كتبه السياسي والصحافي اللبناني المرحوم عبدالله المشنوق في 7/1/1979.
«فاليوم نحن نتحسّر على أنطون سعاده ويا ليتنا آمنا بوجهة نظره لأنها الأصحّ. بحيث تحدّد النظرة العلمية الصحيحة الشاملة لمفهوم العروبة في سورية والعالم العربي. فلو أدركنا لا بل لو أدرك العرب جميعهم حقيقة نظرة أنطون سعاده وصوابية مبادئه لما كانوا وصلوا إلى الحالة التي يتخبّطون فيها الآن. أو بالأحرى لما كانت «إسرائيل» موجودة. فأنطون سعاده لو قدّر له الله ان يعيش أكثر لاستطاع أن يغيّر مصالح كثيرة في سورية والعالم العربي، ولغيّر مجرى التاريخ
لأنه كان قادراً على ذلك ولهذا تآمروا على قتله.
لقد طالب أنطون سعاده في مبادئه الإصلاحية بفصل الدين عن الدولة ودعا المواطنين على مختلف مذاهبهم ومعتقداتهم الدينية للانصهار في بوتقة وطنية واحدة من أجل تماسك البلاد ومنعتها وعزتها وللابتعاد عن التفرقة والتشتت.
وما الأحداث الأليمة التي عاشها لبنان عام 1975 وما يزال يعيشها إلا الدليل الواضح على صوابية دعوة سعاده لفصل الدين عن الدولة وبناء المجتمع العلماني والدولة الوطنية القومية المتماسكة بوحدتها. فمثلاً لو لم يدخل القوميون الحرب لاستطعنا الجزم بأنّ المعركة طائفية تدور بين مسيحي ومسلم، وكان هذا يخدم مصلحة العدو لأنه يريد ذلك. ولكن عندما شاهدنا القرى القومية المسيحية الوطنية في المتن الشمالي وفي الكورة وغيرهما تقف بوجه المسيحيين الانعزاليين أدركنا أنّ المعركة هي بين تقدّميين وبين رجعيين عملاء، وإنّ القوميين الاجتماعيين باستشهادهم في تلك المناطق عمّدوا بدمائهم الزكية النبيلة، الوطنية الحقة التي لا غبار عليها».
ونذكّر ما قاله سعاده: «في الوحدة القومية تضمحلّ العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية الاجتماعية الصحيحة التي تتكفل بإنهاض الأمة…»