التشكيليّ محمد غنّوم يعرض أعماله في البرلمان الأوروبي ـ لوكسمبورغ
محمد سمير طحّان
تحتفي صالة المعارض في البرلمان الأوروبي في دوقية لوكسمبورغ حالياً، بأعمال المعرض الفردي السبعين للتشكيليّ السوري الدكتور محمد غنّوم، والذي يضمّ ستّاً وعشرين لوحة حروفية، الذي انطلق في 8 حزيران الحالي ويستمر حتى 16 منه.
وتحمل أعمال المعرض عناوين ترتبط بالوطن والحبّ مثل «الوطن» و«شام» و«دمشق» و«أوغاريت» و«إيبلا» و«معلولا» و«حبّ» وغيرها، والتي أنجز غنّوم معظمها بين عامَي 2015 و2016 بتقنية الاكريليك على القماش وبأحجام متنوعة معتمداً أسلوبه الحروفي المعروف مع تجديد على صعيد الرؤية البصرية للعمل الفني.
وعن هذه الفعالية يقول التشكيلي غنّوم: يأتي المعرض بدعوة من كلود تيرمز عضو البرلمان الأوروبي وضمن نشاطاتي الفنية في السنتين الأخيرتين خارج سورية، لتكون رسالة فنية حضارية للعالم تمثل ثقافة الجمال بديلاً عن القبح الذي أراده أعداؤنا أن يعمّ بلدنا وأرواحنا. فأيّ نشاط فنّي سوري في هذا الوقت الصعب الذي نعيشه يشكل محاولة جادة لإزاحة القبح وتحقيق إنسانية الإنسان عبر الفن والجمال بشكل واضح. معتبراً أنه آن الأوان ليخرج الفن التشكيلي البصري العربي من نطاقه الضيق إلى العالم.
وتابع غنّوم: الفنانون السوريون ليسوا بحاجة إلى شهادات حسن سلوك من الغرب الذي يصوّر السوريين على أنهم لاجئون فقدوا قدرتهم على الإنجاز الحضاري والإنساني. مبيّناً أنّ كل المعارض الفنية السورية في الخارج تردّ على هذه الادّعاءات وتأتي استمراراً لدور أجدادنا التاريخي من خلال نشر الحضارة والفنّ والثقافة في كلّ أنحاء العالم عن طريق الحوار الجمالي والحبّ.
ولفت إلى أن على الفنان أن يقدم رؤيته وشخصيته وتجربته الفنية بغضّ النظر عن الجمهور الذي يخاطبه، معتمداً على مخاطبة الوجدان والقلوب الإنسانية ليكون فنه مهماً وحاضراً ومؤثراً على الصعيدين الإنساني والفني.
غنّوم الرافض تصنيف الفنّ الحروفي يجد تقبلاً كبيراً لأعماله من قبل الجمهور غير العربي رغم اعتماده الحرف العربي كثيمة أساسية يبني عليها تكوين لوحته التجريدية. ويقول: الحرف العربي الذي أبدعه فنانونا عبر مئات السنين فن مغرق في التجريد واليوم أعمالي التجريدية تعتمد هذا الحرف وهي خطوة للأمام في مسيرة تطور شكل الحرف العربي وإثبات لقدرته على تقديم الاكتشافات البصرية الجميلة والمدهشة ورد على الأصوات التي تدعي أن الحرف العربي وصل لمرحلة الكمال ولا يمكن الإضافة إليه أو تطويره.
ويرى صاحب التجربة الفنية الطويلة أن الفنّ التشكيلي لغة عالمية ولا يمكن أن يحتكر لشعب دون غيره. ولكن القرب يعطي نوعاً من التخصّص. مبيّناً أنه رغم إغراقه بالمحلية عبر لوحاته بحروفها العربية إلا أن هذه المحلية هي التي أوصلت عمله الفني إلى العالمية، لأن العالم لا يُقبل على التجربة الفنية للفنان إن لم تكن معبّرة عن حقيقة إرثه الحضاري ورؤيته الفنية الخاصة.
غنّوم الذي بدأ بعرض أعماله في الخارج منذ عام 1980 في ألمانيا لمس عبر عشرات وُرَش العمل والمعارض في عدد كبير من دول العالم حواراً حميمياً بين أعماله والناس الذين أحبّوها وتفاعلوا معها واقتنوها لتكون في بيوتهم وفي أهم الأماكن في بلدانهم. مشيراً إلى أنه منذ بداية مشواره الفني اعتمد على مبدأ أن الفن المهم هو خلاصة فكر وثقافة ومن ثم تأتي الموهبة وأن الفن لا يأتي بالصدفة.
ويعبّر المدرّس في كلّيتَي الفنون الجميلة والهندسة المعمارية عن تفاؤله الكبير بمستقبل الفنّ التشكيلي السوري. ويختم حديثه بالقول: سورية عمرها آلاف السنين، وفنانوها حَمَلة إرثها الثقافي الضارب في عمق التاريخ. ومن خلال متابعتي الاجيال الفنية الشابة ممّن ادرّسهم، يتأكد لي أن القادم من الأيام يحمل الكثير من التطوّر وأن أجمل وأهم الأعمال التشكيلية السورية لم تنجز بعد.
يشار إلى أن الفنان غنّوم أقام أنشطة فنية مكثفة في السنتين الماضيتين حيث أقام خمسة معارض في هايدلبرغ وهيشنغن في ألمانيا وخوس في هولندا ومعرضاً في لوكسمبورغ حقق نجاحاً كبيراً.
والفنان غنّوم من مواليد دمشق عام 1949 خرّيج كلّية الفنون الجميلة جامعة دمشق قسم التصميم الداخلي عام 1976 ويحمل دكتوراه فلسفة في علوم الفنّ من طشقند عام 1992، ويشغل رئيس جمعية أصدقاء الفنّ في دمشق منذ عام 1996، مدرّس مُحاضر في كليتي الهندسة المعمارية والفنون الجميلة وحاصل على جوائز عدّة أهمها الجائزة الأولى في مهرجان الخط العربي طهران والجائزة الأولى للخط والموسيقى في فرنسا. وله عدد من المشاركات في ملتقيات ووُرَش عمل فنية ومعارض فردية وجماعية داخل سورية وخارجها.
«سانا»