قلق «إسرائيلي» من سقوط الخطوط الحمراء الأميركية على الحدود السورية العراقية توتّر ما قبل الإقرار لم يلغ إقلاع الماكينات الانتخابية… وحبيقة أول المرشحين

كتب المحرّر السياسي

تحوّل اتجاه المعارك في سورية جذرياً مع وصول الجيش السوري إلى خط الحدود العراقية وتوسعه عشرات الكيلومترات طولياً على الحدود مع الأردن فيما بلغ الحشد الشعبي مساحات طولية ضخمة من الحدود الموازية لمحافظتي الحسكة ودير الزور السوريتين، وصارت الأعماق التي يسيطر عليها الجيش السوري في البادية من ريفي حمص ودمشق ظهيراً كافياً لحماية الانتشار العسكري على الحدود واستكمال الصعود شمالاً نحو دير الزور، وفقاً لمصادر عسكرية متابعة، قالت لـ «البناء» إنّ معركة دير الزور مزدوجة الأهمية عدا أهميتها الوطنية، فهي معركة إحكام الحصار على داعش في الرقة وفرض طابع جدّي للمعركة هناك وإغلاق الباب أمام فرص المساومات التي يسعى إليها الأميركيون والقيادات الكردية مع داعش لتأمين ممرّ آمن لانسحاب التنظيم إلى دير الزور بعدما صار التفكير بالانسحاب إلى البادية انتحاراً، مع التقدّم اليومي للجيش السوري في مساحاتها المفتوحة نحو خط مجرى الفرات، وبتقدّم الجيش نحو دير الزور تقفل نهائياً فرص المساومات ويصير على الأميركيين وقوات سورية الديمقراطية مواجهة حرب شبيهة بحرب الموصل في الرقة، بينما الأهمية الثانية لدير الزور هو أنه بفكّ حصار داعش عنها يحاصر داعش نفسه في البوكمال وتصير معارك الحدود مع العراق شبه محسومة النتائج.

الدعم الإيراني والروسي ومشاركة حزب الله عناصر واضحة في المعركة على الحدود مع العراق والبادية وصولاً لدير الزور، ما يجعل التقدّم في هذه الاتجاهات شبيهاً من زاوية التوازنات الكبرى بمعركة حلب مع فارق غياب الحاضن القادر على تأمين خلفية جغرافية وسياسية للطرف المقابل للجيش السوري والحلفاء. العدو هنا هو داعش ولا أحد يجرؤ على الاحتضان، ولا خلفية عمق جغرافي كالذي مثلته تركيا وإدلب في معارك حلب، وسقف ما يستطيعه الأميركيون هو ما فعلوه، برسم مناطق سيطرة لقواتهم والجماعات التي يشغلونها لكنهم لا يجرؤون على القول ممنوع اقتحام مناطق سيطرة داعش.

الحصيلة تبدو تراكمية لصالح الجيش السوري وحلفائه، وفقاً للمصادر العسكرية بعدما تحقق الخرق الأهمّ ببلوغ الحدود، وهذا ما تقاطع مع ما قرأته مصادر عسكرية «إسرائيلية» لموقع «ديبكا» المقرّب من المخابرات «الإسرائيلية»، بقولها «إنّ المعركة باتت محسومة لصالح الجيش السوري وحلفائه، وإنّ إسرائيل تستغرب الهزيمة السهلة التي أصابت ما وصفه الأميركيون بالخط الأحمر الذي رسموه تحت عنوان استراتيجي هو منع حلفاء إيران من امتلاك خط إمداد بري عبر العراق»، مضيفة «أنّ إسرائيل بدأت تتصرّف على أساس أنّ إيران باتت دولة مجاورة تتمركز على حدودها. وهذا مقلق جداً».

لبنانياً، رغم بقاء تفاصيل قانون الانتخاب الجديد على شدّ حبال الساعات الأخيرة قبل انعقاد الجلسة الحكومية غداً والمقرّر أن يُبتّ القانون على طاولتها، وما يخلقه القلق من بقاء التعقيدات ومخاطر إطاحتها التوافق قائماً، إلا أنّ مصادر متقاطعة من أطراف معنية بالتفاوض على طرفي الخلاف تؤكد استحالة الفشل والوقوع في المجهول، وتقول إنّ السعي مستمرّ لبلوغ مخارج تحفظ ماء الوجه لأصحاب الاقتراحات المستحيلة، من دون القبول بنسف جوهر القانون بقبول هذه الاقتراحات، وقد صار محسوماً التوافق بين الأغلبية المقرّرة أنها في غير المكان والزمان المناسبين، وأنّ البحث قائم عن مخرج شكلي لحفظ ماء وجه أصحابها ومنحهم انتصاراً إعلامياً يحتاجونه بعد التعقيد والتصعيد.

الماكينات الانتخابية للأطراف بدأت تتعامل مع القانون الجديد بصفته محسوماً وتستعدّ لترتيبات الترشيحات والتنظيم، وفقاً للقواعد الجديدة التي يتضمّنها، وأول المرشحين على صورة القانون الجديد كان رئيس حزب الوعد جو حبيقة الذي قال لـ «البناء» إنه بالتحالف مع تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي سيعلن ترشيحه في دائرة بعبدا.

أيام مفصلية تحدّد مصير «القانون»

أيام مفصلية تعيشها البلاد تحدد مصير قانون الانتخاب الذي طال انتظاره ثماني سنوات، وإذ تضاربت المعلومات يوم أمس، عن مدى نجاح أطراف التفاوض في إنجاز تفاصيل القانون لطرحه كاملاً متكاملاً على طاولة مجلس الوزراء في جلسته التي دعا إليها رئيس الجمهورية الأربعاء المقبل في بعبدا، غير أن مجرد وضع القانون على جدول الأعمال يرفع احتمالات إقراره وإحالته الى المجلس النيابي للتصديق عليه في جلسة الجمعة.

وفي حين نقلت قناة الـ «أو تي في» عن مصادر سياسية أن «جلسة مجلس الوزراء الأربعاء ستكون حاسمة في موضوع قانون الانتخاب في ظل الانفراجات على صعيد الصوت التفضيلي»، لفتت قناة «أن بي أن» إلى أن «طروحات جديدة معقّدة لطرق الاحتساب زادت الأمور تعقيداً بدلاً من حلحلتها وتحوّلت الحلحلة الى تحايلٍ للعودة بالملموس والروح الى القانون التأهيلي الطائفي»، وتساءلت: «ماذا تعني طروحات العتبة الطائفية للمرشح والقواعد المكبّلة لاحتساب النتائج بترتيب الفائزين المذهبي ولاحتساب نتائج اللوائح غير المكتملة؟».

وعقد مساء أمس اجتماع في بيت الوسط لاستكمال البحث في تفاصيل قانون الانتخاب، وقالت مصادر مطلعة لـ»البناء» إن «هناك قراراً حاسماً من قبل القوى السياسية الرئيسية لإنجاز قانون الانتخاب وتحديد موعد الانتخابات المقبلة حتى لو لم يتمّ التوافق على بعض التفاصيل قيد النقاش»، وأكدت أن «الجهود لتحقيق هذا الهدف جدّيّة أكثر من أي وقت مضى والتفاصيل تسلك طريقها إلى الحل لينتقل الملف الانتخابي الى مجلس الوزراء الأربعاء المقبل».

ولفتت المصادر إلى أن «حزب الله يقود مساعي حثيثة واتصالات بعيدة عن الأضواء مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي والوزير جبران باسيل لتذليل ما تبقى من عقبات للحؤول دون عرقلة الاتفاق في اللحظات الأخيرة، لأن الحزب يريد إنجاز الاتفاق على القانون الذي رسمت مبادئه وملامحه الأساسية في إفطار بعبدا بأسرع وقتٍ وقبل انقضاء المهلة المتبقية، لا سيما وأنه بعد التقدم الذي حصل باتت العودة الى الوراء إهداراً للفرصة الأخيرة، والبلد لا يحتمل أية خضة سياسية تنسف التسوية الرئاسية والحكومية المُنجزة».

وعلمت «البناء» أن «المسائل التفصيلية التي أثير حولها الخلاف، باتت شبه مُنجَزة، حيث تمّ التوافق على اعتماد الحاصل الانتخابي هو العتبة الوطنية للائحة الفائزة، عدد المقترعين مقسوم على عدد مقاعد الدائرة ، وعتبة التمثيل 5 في المئة، أما مسألة مقاعد المغتربين فقد تأجّلت إلى الدورة الانتخابية التي تلي الدورة المقبلة نظراً لصعوبة تطبيقها الآن من الناحية اللوجستية والتقنية، أما الصوت التفضيلي فحُسِم على مستوى القضاء وليس على أساس طائفي في ما لم تُحسَمْ قضية احتساب مقاعد اللائحة الفائزة».

لكن نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان عدّد النقاط الخلافية، كالتالي: «عتبة المرشح بعد أن اتفق على عتبة اللائحة، قصة المقاعد التي ستُعطى للمغتربين، والجميع يطالب بها والخلاف حول زيادة عدد النواب، الصوت التفضيلي بالدائرة أو القضاء وأخيراً كيفية احتساب مقاعد اللائحة الفائزة».

ولفت عدوان إلى أن «الاتصالات الأخيرة التي نقوم بها كشفت أن التيار الوطني الحر وافق على اقتراحي حول التصويت على قانون جديد»، مشدّداً على أنه «لا يوجد رفض من قبل أي فريق، ولكن لا يريدون طرح القانون على التصويت»، جازماً أن «المعطيات التقنية أصبحت جاهزة لإجراء الانتخابات».

وغرّد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ناشراً صورة لدرج يوصل الى شاطئ معلقاً: «النزلة الى الشاطئ نسبياً سهلة كقانون الانتخاب، لكن الطلعة نسبياً أصعب وفق الصوت التفضيلي دائرة أم قضاء».

ووسط إصرار بعبدا على إجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية العام الحالي، تحدّثت أوساط التيار الوطني الحر عن اتجاه لحسم النقاط العالقة خلال 48 ساعة.

وأشارت لـ«البناء» إلى أن «المبادئ الأساسية حسمت والتفاصيل قيد الإنجاز في اليومين المقبلين»، وشدّدت الأوساط العونية على أن «قانون الانتخاب أولوية لدى الرئيس عون لذلك أدرجه على جدول الأعمال لإقراره، إذاً لن يسمح عون بترك البلاد مشرّعة أمام الفراغ النيابي وتعطيل المؤسسات وإجهاض العهد منذ بدايته، كما لا يستطيع أي طرف تحمّل مسؤولية ذهاب البلاد نحو المجهول في ظلّ التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة».

ورجّحت المصادر «إقرار القانون في الأسبوع المقبل، إما عبر مشروع قانون يُحال من الحكومة إلى المجلس النيابي وإما من خلال اقتراح قانون معجّل مكرّر من المجلس النيابي».

ولفتت إلى أن «التيار الوطني الحر يرفض التمديد لفترة طويلة، إذ لا يجوز أن يمر عام كامل من عمر العهد من دون انتخابات، خصوصاً أن رئيس البلاد قالها أكثر من مرة أن حكومة العهد الأولى هي ما بعد الانتخابات النيابية»، لكنها أوضحت أن التيار «يؤيد التمديد حسب الحاجة التقنية واللوجستية وهذا تقرره وزارة الداخلية».

«المستقبل»: «التيار الحر» يناقض نفسه

وانضمّ الرئيس نجيب ميقاتي إلى تيار المستقبل في رفض نقل المقعد الماروني في طرابلس إلى دائرة أخرى، وأكد ميقاتي من عين التينة أمس، أنه توافق والرئيس نبيه بري على التمسك بالمقعد الماروني في مدينة طرابلس.

أوساط مستقبلية أشارت لـ«البناء» الى أن «تيار المستقبل والمسيحيين في طرابلس يرفضون نقل المقعد الماروني في طرابلس إلى البترون، لكن الوزير باسيل مصرّ على نقل هذا المقعد ويضعه في كفة وقانون الانتخاب في كفة». وأوضحت أن «الخلافات السياسية التي أعاقت قانون الانتخاب على مدى 7 سنوات لا زالت نفسها وليس من المنطق العودة الى التصويت، لأن لم يعتمد هذا المنطق في أي من القضايا الأخرى في الحكومات السابقة، فكيف في موضوع بحجم قانون الانتخاب؟».

ولفتت الأوساط إلى أن «رئيس الحكومة سعد الحريري يحاول إرضاء رئيس الجمهورية، لكن ليس على حساب إغضاب الثنائي الشيعي بل المحافظة على التوازن والاستقرار الحكومي. وهو يدرك بأن اعتكاف الوزراء الشيعة سيصيب الحكومة بداء الشلل وتقف كلّ المشاريع التي تنتظر في أدراج السراي الحكومي».

وأضافت أن «التيار الحر يناقض نفسه، فهو يريد أن يمنح القانون قدرة للأحزاب الوطنية الكبرى على حصد العدد الأكبر من النواب وفي الوقت نفسه يسعى لأن يحفظ حقوق الأقليات السياسية والمستقلين».

وحدّدت الأوساط «خياراً من اثنين: إما انتخابات على الستين وإما وضع الخطوط العريضة لقانون 15 دائرة ويترك البحث الى لجان خبراء لبت النقاط العالقة»، و«لم تستبعد إصدار فتوى دستورية لإبقاء المجلس النيابي منعقداً لضرورات وطنية قصوى».

وأعاد الحريري أمس، التأكيد على أنه «سيكون هناك قانون انتخاب»، معلناً أن قانون الـ60 صفحة طويت، وأن تفاصيل قانون الدوائر الـ15 والنسبية والصوت التفضيلي والاحتساب سننتهي منها بين اليوم والغد والأربعاء سيكون لدينا قانون انتخابات».

ودعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى إنجاز ما تبقى من قانون الانتخاب ونقفل النقاش حوله، وأنه طالما حددنا الإطار الذي توافقنا عليه وهو النسبية مع 15 دائرة انتخابية، فيجب أن نختصر في التفاصيل»، مؤكداً أنه «ليس بالإمكان الهروب إلى الوراء ولا قلب الطاولة على الإطار العام الذي حدّدناه لقانون الانتخاب»، موضحاً أن «الوقت ليس لمصلحة أحد، ولا يظنن أحد أنه يستطيع فعل ما يريده وحده».

إلى ذلك، يستعدّ رئيس حزب الوعد جو حبيقة للترشح في دائرة بعبدا، بحسب ما يؤكد لـ «البناء»، من دون أن يحدّد حيثية تحالفاته. لكنه جزم أن الحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المردة يمثلان الحليفين الطبيعيين منذ سنوات بعيدة. وشدّد على أن قاعدة تحالفات حزبه قد تتوسّع لتطال قوى سياسية تشكّل ضمانة للمواطنين على حقوقهم وطنياً وإصلاحياً فعلاًً لا شعارات رنانة. وعن التحالف مع حزب الله، قال حبيقة «أتوقع أن يكمل حزب الله بتحالفاته مع الوطني الحر، وإذا تبدّل الواقع، فلكل حادث حديث». وأضاف «الوعدي لن يعطي صوته لمرشح لا يقنعه بطروحاته وفكره، فمنطقنا الوطني اللاطائفي لا نحيد عنه. نحتاج إلى دم جديد في الندوة البرلمانية».

زيارة الرئيس القبرصي

على صعيد آخر، وصل الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس أمس الى بيروت في زيارة رسمية الى لبنان تستمر حتى الأربعاء، واستهلّ الزيارة من بعبدا، حيث أجرى محادثات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وفي مؤتمر صحافي مشترك أكد الرئيس عون «أننا اتفقنا على توحيد الجهود من أجل مكافحة الإرهاب». كما أعلن أننا «نشجّع حكومتي بلدينا على رفع مستوى التعاون بين لبنان وقبرص في مجالات النفط والغاز».

بدوره أعلن اناستاسيادس أن «قبرص ستواصل مساعدة لبنان على رفع التحديات التي يواجهها على المستوى الثنائي، ومن خلال قنوات الاتحاد الأوروبي».

لقاء أمني في اليرزة

وعقد اجتماع أمني في وزارة الدفاع في اليرزة أمس، حضره وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، وزير الداخلية نهاد المشنوق، وقادة الأجهزة الأمنية والمستشار العسكري في رئاسة الجمهورية.

وتناول اللقاء الأوضاع الأمنية في لبنان والتنسيق القائم بين مختلف الأجهزة والذي أسفر في الأيام الأخيرة عن ضبط شبكات إرهابية كانت تخطط لاستهداف استقرار لبنان وأمنه وسلمه الأهلي.

وشدّد المجتمعون على «وجوب تكثيف التنسيق وتعزيزه لمعالجة ظاهرة الفلتان الأمني في منطقة البقاع»، كما تمّ بحث «عملية التنسيق بين الجيش وباقي وحدات الأجهزة الأمنية الأخرى في تكريس الأمن الوقائي الذي من شأنه حفظ الأمن وإحباط أي محاولات للعبث به».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى