… وماذا عن التغلغل الصهيوني في العالم العربي؟!
معن حمية
منذ بدء الحرب على سورية وتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية، امتلأ سجل هذه الجامعة بالسوابق والمواقف المخزية، وصارت كلّ أنشطتها وتحرّكاتها محلّ شبهة، خصوصاً بعدما ظهر جلياً للعيان أنها تمارس دوراً وظيفياً يتعارض مع ميثاقها وغايتها وأهدافها.
على مدى سبع سنوات ماضية، وقطر والسعودية تهيمنان على «جامعة الدول العربية»، تسيّرانها كيفما شاءتا وتتحكّمان بقراراتها، وخلال كلّ تلك الفترة لم يظهر أيّ اختلاف أو خلاف بين هاتين الدولتين الخليجيّتين الراعيتين والمموّلتين للمجموعات الإرهابية المتطرفة، لا بل بدا التوافق بينهما تاماً والانسجام حيال الوظائف الجديدة للجامعة، لا سيما تشكيل منصة التحريض الإعلامي والسياسي على الدولة السورية رئيساً وقيادة وجيشاً وشعباً، وتظهير المجموعات الإرهابية المتطرفة على اختلافها مسمّياتها على أنها «معارضات سلمية» تبحث عن الحرية المزعومة و«جمعيات خيرية» تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان!
و»جامعة الدول العربية» الغائبة حضوراً ودوراً عن فلسطين وقضايا العرب، والخاضعة لمشيئة أنصاف الرجال وأشباه الدول، لم تعُد تلك المؤسسة التي يعوّل عليها لتنظيم وتقوية العلاقات بين أعضائها، ولا لرسم سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية، ولا لتحقيق التعاون والدفاع والأمن المشترك، بل صارت أداة تعمل على زعزعة العلاقات وزرع الفتن وتقويض الثقة وتغذية الخلافات البينية بين دولها…
لكن، ما هو لافت، أنّ مجلس الجامعة اجتمع يوم أمس على مستوى المندوبين الدائمين، والاجتماع لم يكن مخصّصاً لبحث الخلاف الخليجي ـ الخليجي المستعر وتداعياته، ولا من أجل اتخاذ قرار بطرد قطر على خلفية دعمها للإرهاب، أو فصل السعودية من عضوية الجامعة لدورها في قتل أطفال اليمن ودعم قسم آخر من الإرهاب… بل من أجل بحث «تنامي التغلغل الإسرائيلي في قارة أفريقيا»، وحث الدول الأفريقية على عدم المشاركة في أيّ مؤتمرات أفريقية «إسرائيلية» الهدف منها إدامة الاحتلال وفك عزلته!
هنا يجدر القول إنّ بحث قضايا بهذه الخطورة، التغلغل الصهيوني في أفريقيا بناء على طلب السلطة في فلسطين، وبرئاسة الدولة الجزائرية، يشي بأنّ هناك إمكانية لأن تستعيد مؤسسات الجامعة بعضاً من المهام المنوطة بها… ولكن… ماذا عن التغلغل الصهيوني في العالم العربي؟
تغلغل بات مادة يومية للصحافة «الإسرائيلية» ويجاهر به المسؤولون الصهاينة صبح مساء، حين يتحدّثون عن لقاءات وعلاقات وتعاون مع دول عربية عدة!
تغلغل يتجسّد بما تقوم به المجموعات الإرهابية المتطرفة من أعمال إجرامية، وبما تعبر عنه أجنحتها المسمّاة «معارضات سورية» والتي لا تفوّت فرصة للإعلان عن تواصلها وتعاملها مع العدو!
تغلغل نراه واضحاً في مناطق الحكم الذاتي في العراق التي تتحضّر لاستفتاء الانفصال عن الدولة إنفاذاً لمخطط التقسيم، ونراه في سلوك ونهج أمراء الخليج الذين يتواصلون مع العدو سراً، وهذا ما بدأ يخرج للعلن!
من الجيّد أن ينأى مجلس الجامعة العربية عن التحريض البيني بين دوله، لكن ما هو مطلوب في هذه المرحلة عقد اجتماعات مفتوحة لبحث تنامي التغلغل الصهيوني في العالم العربي واتخاذ مواقف لمواجهته، سبيلاً للتخلص من كل الإرهاب وآثامه…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي