باسيل ومكسب المغتربين… كمن يشتري سمكاً في البحر
هتاف دهام
مَن يلتقِ رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو يشرح مضمون مشروع القانون الانتخابي يرَ في ملامحه معالم الانشراح. الاتفاق السياسي جنّب البلد قطوعاً خطيراً كاد أن يدخل فيه ويواجه احتمال الفراغ.
تحدّثه نفسه للرئيس بري ليفصح أمام زواره عما كان ينوي القيام به في ما لو وصل البرلمان الى الفراغ. أي سيناريو جهنمي كان سيدخل البلد فيه؟ وأي ردود كان سيُقدم عليها؟ إلا أنّ الأستاذ يمسك نفسه في اللحظة الأخيرة. يضبط ملامح تردّد سادت على وجهه في أن يفصح أو يمتنع ليقرّر أن يمتنع. امتناع أتى بالتزامن مع قراءة أحد النواب «خبراً عاجلاً» عبر الهاتف لقرار مجلس الوزراء التمديد للمجلس النيابي لـ 6 أيار 2018.
يتناقش النواب في ساحة النجمة في تعقيدات القانون. مشاعر القلق تساور معظمهم جراء «صوت تفضيلي» سيكون سبباً لنشوب معارك ضارية داخل الصف الواحد نفسه. يميل قسم من «أصحاب السعادة» إلى تعجيل إجراء الانتخابات، عازين الأمر إلى ضغط شعبي ومعنوي يمارس عليهم، لكونهم ممدّدين لأنفسهم.
تردّدات همسات الكواليس النيابية سرعان ما تلتقطها «أنتينات» بري. يشير الأخير أمام زواره الى ملفات أساسية على جدول الهيئة العامة وفي طليعتها سلسلة الرتب والرواتب والموازنة، مبدياً إصراره على تفعيل دور المجلس لمواجهة الاعتراض الشعبي.
أما في ما يتعلق بالقانون الانتخابي، فيبدو أنّ قسماً كبيراً من النواب عاجز عن فهم آلياته ومضامينه، فضلاً عن غموض كبير في تقدير نتائجه. وهنا تحتشد الأسئلة. أسئلة يأتي في طليعتها من انتصر بإقرار مشروع النسبية مع تقسيم لبنان إلى 15 دائرة، ومَن انهزم؟
تشعر الأغلبية في التيار الوطني الحر أنّ رئيسها جبران باسيل هو المهزوم الأول، مهما حاول أن يجمّل النتائج ويوظّفها ويوحي أنها لمصلحته. مَن شيطن النسبية الكاملة يوماً ما وهاجمها بشكل ضارٍ، عاد فوافق عليها. كلّ الصيغ التي تقدّم بها سقطت الواحدة تلو الأخرى. أما ما أسماه من ضوابط وإصلاحات فقد ذهبت مع الريح.
ربما فقط يحق لوزير الخارجية والمغتربين أن يقول إنه وصل صيغة النسبية مع الـ15 دائرة، وهي مشروع بكركي أساساً. مشروع كان مرفوضاً من رئيس المجلس في مرحلة من المراحل. هذا الإنجاز يُعتبر بسيطاً إذا قورن بمشروع وزير الداخلية الأسبق مروان شربل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ( 13 دائرة على أساس النسبية ) حيث إنّ الفروقات بينهما طفيفة لا تذكر.
أما مسألة الصوت التفضيلي المقيّد في القضاء، فهو في الأصل مطلب رئيس الحكومة سعد الحريري وليس مطلب التيار البرتقالي. ربما يقول المرشح عن دائرة البترون أنه كسب بعد ثماني سنوات في موضوع المغتربين، لكن هذا المكسب، بحسب العونيين أنفسهم، يبدو كمن يشتري سمكاً في البحر، لأنّ هذه السنوات قد تكون ضوئية مفتوحة على كلّ الأشكال اللامتوقعة، أمام ما نشهده من تحوّلات وتحديات.
يؤكد نائب يُشهد له بالخبرة الانتخابية أنّ مفاجآت كبيرة ستترتب على نتائج هذا القانون خاصة في الساحة المسيحية.. القوات اللبنانية الرابح الأول. ستأتي بـستة نواب من الثمانية بقوتها الذاتية، وستتقاسم مع التيار الوطني بالتحالف نواباً في كسروان وبيروت الأولى وعكار والمتن.
يبقى أنّ مفاجآت كبرى تنتظر تيار المستقبل في طرابلس والبقاع الغربي وصيدا وبيروت فمهما جرت مراعاة خصوصيته في صيدا وبيروت، فإنه سيخسر سنياً في صيدا وآخر في بيروت. أما الاختراقات على المستوى الشيعي فمرشحة أن تحصل في دائرتي بعبدا وبعلبك الهرمل. أما في المناطق الأخرى لا سيما في الجنوب، فالخروقات صعبة للغاية.