«أرض الأمّهات»… معرضاً للفنان الفلسطينيّ عيسي ديبي في أوسنبرغ

اختتم الفنان الفلسطيني عيسي ديبي 1969 الجولة الأولى لمعرضه الذي يحمل عنوان «أرض الأمهات»، وذلك في متحف مدينة أوسنبرغ الألمانية، برعاية بلدية أوسنبرغ وبالتعاون مع مؤسّسات ثقافية ألمانية وبلدية مدينة تشنكالي التركية.

«أرض الأمّهات»، هو عمل فنّي إنشائي متعدّد الوسائط، أعدّ بتقنية الفيديو آرت، ويعالج فيه الفنان سؤال المنفى ومعضلة الوطنية الحديثة في سياقها الفلسطيني وعلاقتها التاريخية مع المشروع الاستعماري في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

شارك في افتتاح المعرض كل من: رئيسة المجلس الثقافي في الحكومة الألمانية، ومديرة المتحف غوليه دراغانوفيك، والمشرف على العرض الدكتور كريستيان أوكسنيطوس. وضمّ المعرض أعمالاً لأكثر من ثلاثين فناناً وفنانة من ألمانيا، تركيا، أرمينيا، اليونان، والولايات المتحدة الأميركية.

باشر ديبي منذ أكثر من سنة، البحث والتصوير في مدينتَي نيويورك وجنيف بتقنية تصوير فيديو ثلاثي الأبعاد، حيث تمركز التصوير في مكانين موازيين لهما علاقة مباشرة بالمشاهد الطبيعية لمدينة نيويورك، وخاصة منطقة سنترال بارك، التي تعدّ منطقة خضراء محمية، تم بناؤها على نسق الحدائق الإنكليزية والأسلوب الفيكتوري، رغبة منه بربط المكان بالتاريخ الكولونيالي لبريطانيا الذي امتدّ من أقصى الأراضي الأميركية إلى فلسطين، وخاصة أن الحديقة العامة «سنترال بارك» كان قد تم إنشاؤها على أنقاض محمية طبيعية كانت ملكاً للسكان الأصليين.

اختيار ديبي للمكان نابع من توجّه يحاول أن يربط النقاط بين المنفى والوطن، والسؤال الكولونيالي المركّب حول أميركا الحديثة كامتداد للمشروع الأوروبي وعلاقتها بالنصّ الخاص للمنفى، وبناء على ذلك أنتج المتحف وبالتشاور مع الفنان وطاقم المعرض الفصل الأول من العمل «سنترال بارك نيويورك»، وهو عمل إنشائي مكوّن من 24 عمل فيديو رقمي مطبوع بتقنيات حديثة، حيث سيتم عرض المشروع كاملاً في السنة المقبلة في بينالي تشنكالي في تركيا.

وشكّل معرض «الوطن الأمّ»، موضوع ندوة عُقدت على هامشه، حيث دار نقاش هام حول تطوّرات الحرب على سورية واليمن والوضع في تركيا، وتأثير الوضع على المشهد الثقافي العالمي في ظل التهجير الحاصل نتيجة للحرب. وعبّر المشاركون في الندوة عن قلقهم العميق على مستقبل العلاقة مع أوروبا في سياق الهجرات الجديدة، وفي ظلّ التحدّيات الثقافية الهامة التي تواجه المجتمعات الأوروبية، وفي سياق تطوير رواية مستقبلية تضع الاندماج كمشروع يشمل خصوصية الهويات الثقافية والدينية.

وعبّر ديبي في مداخلته عن قلقه الشديد من مفهوم الاندماج، وهندسة البشر، داعياً المجتمع الثقافي الألماني إلى تجاوز الأخطاء الأوروبية التاريخية في بريطانيا وفرنسا. وشدّد على ضرورة طرح مشروح دولة المواطنين في ألمانيا كبديل لمنهج الدمج والصهر للمهاجرين العرب والأتراك، وطالب زملاءه الألمان بالضغط على القيادة السياسية للتدخل بشكل أقوى لوقف الحروب في المنطقة، متسائلاً عن مدى مساهمة شركات السلاح الألمانية في تعميق الأزمة.

وشارك في النقاش أيضاً، القيّم على المعرض في ألمانيا الدكتور كريستيان أونكس، والقيّمة على المعارض التركية بيرال مادرا، والباحثة دنيس إبراز من تركيا.

الفنان عيسى ديبي، بروفسور ومحاضر جامعي وباحث في الفنون البصرية، مقيم في مدينة جنيف السويسرية، شغل عدداً من المناصب الأكاديمية في الولايات المتحدة الأميركية، مصر، المكسيك وبريطانيا، حيث كان أوّل أكاديمي فلسطيني يتولى رئاسة برنامج الثقافات البصرية في الجامعة الأميركية في القاهرة، ولاحقاً شغل منصب رئيس قسم الفنون البصرية في جامعة مونتكلير في ولاية نيوجرسي الأميركية.

يذكر أنّ أعمال ديبي عُرضت عالمياً في دور العرض والمتاحف، منها بينالي فينيسيا، متحف مدينة نيويورك وغيرها في العالم العربي.

البروفسور ديبي وُلد في مدينة حيفا عام 1969 وحاز على شهادة الدكتوراه في الفنون البصرية من جامعة ساوثهامبتون البريطانية حيث أشرف على دراسته البروفسور الفلسطيني بشير مخّول.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى