ورد وشوك
اختل الميزان، فارتعدت الأوزان. ما عادت منصفة للبائع والشاري على حدّ سواء. حتى وحدات القياس تذبذبت وتماهت فاختلفت النتائج في تقدير الأطوال. عمّت الفوضى فتداخلت مع بعضها المفاهيم والمعتقدات وضاع المعيار فما كان بالأمس من البديهيات صار اليوم يشوبه الإبهام. أنت وأنا كنا قد رضعنا الأصالة من حليب الأمهات و ترسّخت في ضمائرنا خصال من المفروض أنها دستور للحياة. الاحترام، الإخلاص، الوفاء، وأنّ الصدق منجاة ونظافة اليد والقلب واللسان من الإيمان وغيرها من مكارم الأخلاق المفروض أنها القاعدة ومن شذً عنها أو عن بعضها كان استثناء.
مرعب أن يتغلغل هذا الاستثناء في مناحي وساحات الحياة ويصبح السائد فيها في كل المجالات يدخل البيوت من دون استئذان بشتى الوسائل ينشر أمراضاً قد تستشري ولا نعرف لها علاجاً. ترتدي لباس الحضارة تتوارى خلف ما يسمّى بالدراما التلفزيونية تقلب المفاهيم فتصبح الخيانة عندها حداثة والتفلت من الالتزام حرّية والحشمة وصمة عار والإخلاص عفى عنه الزمان والاحترام يعني الانقياد والتعري عنوان للانفتاح والحب الحقيقي ضرب من المحال.
ما أحوجنا اليوم لإعادة التقييم وإصلاح خلل الميزان لتصويب الأخطاء. لنتخيل أن هذا سيحدث فكل ما نصر على تخيل حدوثه حتماً سيحدث، وإلا فالتفكير في ما سيؤول إليه حالنا أمر مخيف محزن. إنها الهاوية وما أدراكم ما الهاوية!
رشا المارديني