محافظة درعا في مسار جديد
حميدي العبدالله
واضح أنّ قرار القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة الذي التزم بوقف العمليات العسكرية في مدينة درعا لمدة 48 ساعة، يختلف عن غيره من التفاهمات وقرارات وقف إطلاق النار والهدن بما في ذلك اتفاق مناطق خفض التصعيد.
تبرز الاختلافات في الجوانب الآتية:
أولاً، بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة حدّد هدف هذه الهدنة بإفساح المجال أمام جهود المصالحة. في السابق، وباستثناء مناطق قدسيا والهامة ووادي بردى والزبداني ومضايا والقابون وبرزة، كانت قرارات وقف إطلاق النار تأتي في سياق هدنة إنسانية أو تأتي ترجمة وتنفيذاً لتفاهمات تمّ التوصل إليها بجهود من قبل روسيا والولايات المتحدة، اتفاقا شباط وأيلول 2016 أو اتفاقات أستانة ولكن جميع هذه الاتفاقات لم يكن هدفها إنجاز المصالحة، بل خفض التوتر وإفساح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى المواطنين الذين يحتاجونه، هذه المرة الهدف سياسي وواضح، وهو إنجاز مصالحة تنهي الحرب وتكرّس نتائج شبيهة بما جرى في حي الوعر ووداي بردى والقابون وبرزة.
هذا بحدّ ذاته يعتبر تطوّراً مهماً، لا سيما أنّ مناطق واسعة في محافظة درعا انخرطت في خيار المصالحة منذ فترة طويلة نسبياً.
ثانياً، يأتي الإعلان الأميركي الأردني بدعم هذه الخطوة التي أقدم عليها الجيش السوري والطلب إلى الجماعات المسلحة الناشطة في محافظة درعا الالتزام بما أعلنته القيادة العامة للجيش السوري، ليكشف عن احتمال وجود فرصة جدية لتحقيق نجاح قد يكون سريعاً، لا سيما أنّ جميع التشكيلات المسلحة الناشطة في محافظة درعا تتلقى الدعم من غرفة «الموك» في الأردن، وعندما يطلب منها الالتزام، خاصة إذا كان هذا الطلب جدي من قبل الأردن والولايات المتحدة، فإنها سوف تمتثل وليس لديها خيارات للالتفاف والمناورة والقيام بأعمال شبيهة بتلك التي حصلت في محافظة حلب.
لا شك، وبمعزل عن نجاح أو فشل مبادرة الجيش السوري، فإنّ محافظة درعا دخلت مساراً جديداً يشير إلى قرب تحرّرها من كابوس سيطرة التشكيلات المسلحة، لأنّ هذا التطور وموقف الجيش السوري الحازم يؤكد أنّ معارك درعا تحوّلت إلى معارك انتحار بالنسبة للجماعات المسلحة والدول الداعمة لها.