ماكرون ينطلق بقوة لبدء الإصلاحات ويضمن غالبية برلمانية
أكتسح حزب الرئيس «الجمهورية إلى الأمام» وحليفه «الحركة الديموقراطية» المنافسين مع 350 مقعداً من أصل 577، من بينها 308 مقاعد لحزب الرئيس وحده.
أما الحزب الاشتراكي فلم يعد يملك سوى 29 مقعداً في مقابل 284 في الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها. وتمكن «الجمهوريون» من الاحتفاظ بـ113 مقعداً 131 مع حلفائهم الوسطيين . ورغم خيبة أمله إلا أنّ حزب اليمين المتطرف كسب ثمانية مقاعد في مقابل 2 في البرلمان السابق أحدها لزعيمته مارين لوبان.
وتقول الصحف إنّ هذه الغالبية ليس معناها أن الناخبين منحوا الرئيس تفويضاً على بياض لإجراء إصلاحاته، فنسبة الامتناع القياسية 57 في الدورة الثانية و51.3 في الدورة الأولى تشكل رفضاً إلى حدّ ما لمنح السلطة التنفيذية سلطة مطلقة.
وكسب ماكرون رهانه بالتغيير مع نهاية عهد الثنائية بين اليسار واليمين وبروز الكتلة الوسطية وانتخاب عدد قياسي من النساء ومن النواب الجديد 424 من أصل 577 . أما أولوياته على الصعيد الداخلي فهي فرض قواعد أخلاقية في الحياة السياسية وإصلاح قانون العمل وتعزيز ترسانة مكافحة الإرهاب.
فقد أدّت الانتخابات التشريعية إلى تكريس الأحزاب الشابة والوافدين الجدد إلى الحياة السياسية: 91 من النواب الجدد لحزب الجمهورية إلى الإمام و100 من نواب فرنسا المتمرّدة لم يسبق انتخابهم أبداً في مجلس النواب.
فيما نجح 140 نائباً فقط من أصل 345 في إعادة انتخابهم في مناصبهم. وشدّد فيليب مساء الأحد «قبل عام فقط، لم يكن أحد ليتخيّل مثل هذا التجديد السياسي».
ومن المفترض أن يتقدّم رئيس الوزراء أدوار فيليب سريعاً باستقالة حكومته، وهي إجراءات معتادة بعد الاقتراع التشريعي الذي شكّل تكريساً للصعود الخاطف للرئيس الشاب.
وقال المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير أنّ رئيس الحكومة المنتمي إلى الجناح المعتدل من حزب «الجمهوريون» اليميني سيستعيد منصبه بعد «تعديل تقني» محدود للحكومة.
وأقرّ كاستانير «لقد حصل على غالبية واضحة لكن الفرنسيين في الوقت نفسه رفضوا توقيع شيك على بياض».
وقال زعيم اليسار المتطرف جان لوك ميلنشون الذي فاز في مرسيليا جنوب والذي حصل حزبه «فرنسا المتمردة» الذي تأسس قبل عام على 17 مقعداً» إن «الشعب دخل في إضراب مدني عام».
وأظهرت بيانات الاتحاد البرلماني الدولي التي بدأ جمعها في مطلع حزيران الحالي، أن هذا يرفع فرنسا من المرتبة 67 إلى المرتبة 17 في الترتيب العالمي للتمثيل البرلماني للنساء والسادسة في أوروبا متجاوزة بذلك بريطانيا وألمانيا.
وحزب «الجمهورية إلى الأمام» الذي فاز بأغلبية كبيرة في انتخابات الأحد لديه أعلى نسبة من النساء المنتخبات ما يوازي 47 في المئة من مجموع عدد نوابه.
وقالت كاثرين باربارو القائمة بأعمال رئيس هذا الحزب الوليد الذي لم يتجاوز عمره سنة واحدة: «لأول مرة في الجمهورية الخامسة سيشهد البرلمان تجديداً عميقاً وسيصبح أكثر تنوّعاً وشباباً. لكن الأهم من ذلك كله، اسمحوا لي بالإعراب عن سعادتي لأنّ هذا حدث تاريخي لتمثيل النساء في البرلمان».
وزاد تمثيل المرأة في البرلمان بشكل مطّرد في فرنسا من 12.3 في المئة عام 2002 إلى 38.6 في المئة في الانتخابات الحالية.
وحللت صحيفة «ليبراسيون» اليسارية أنّ «الامتناع القياسي وحده يلقي بظلاله على فوز لم يكن أيّ معلق يتوقعه في مطلع الحملة».
أما صحيفة «لو فيغارو» القريبة من أوساط اليمين فعلّقت بأنّ «ثورة إلى الأمام اجتاحت فرنسا كالتسونامي بشكل سريع».
وعليه، بات الرئيس يتمتع بهامش تحرك كبير لإطلاق إصلاحات دقيقة تعهّد بها خلال حملته الإنتخابية.
وبات موقع ماكرون معزّزاً على المستوى الأوروبي وذلك عشية اجتماع للمجلس الأوروبي وانطلاق محادثات بريكست.
ومن المقرّر أن يشارك ماكرون في اجتماع المجلس يومي 22 و23 حزيران للتباحث في مسائل أساسية مثل الهجرة والأمن والدفاع. وكان التقى في الأيام الأخيرة قادة أوروبيين عديدين للتباحث في إعطاء دفع للاتحاد الذي يفقد من شعبيته إزاء صعود الأحزاب القومية واليمينية.
وسارعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي ستخوض قريباً استحقاقاً انتخابياً، إلى تهنئة ماكرون على «الغالبية النيابية الواضحة»، بحسب المتحدّث باسمها.
أما وزير الخارجية الألماني سيغمار غابريال فقد اعتبر أن الطريق باتت «سالكة أمام الإصلاحات».