الأميركيون رفعوا الحرية صنماً وقتلوها بشراً ويقودون حرب العدوان ضدّ الأحرار والأوطان

اياد موصللي

«إذا لم تستح فافعل ما تشاء…»

أميركا دولة عظمى، ولقبت براعية حقوق الإنسان وشعارها الذي تتميّز به في العالم، الحرية التي أقامت لها تمثالاً على خليج نيويورك ليكون في استقبال كلّ زائر للبلاد، ويُعرف الموقع الذي ينتصب فيه هذا التمثال بجزيرة الحرية، والتمثال يرمز الى التحرّر من قيود الاستبداد التي وضعت عند قدمي التمثال الذي يرفع بيده اليمنى مشعلاً يرمز للحرية.

نرى في اميركا شعاراً يتمثل بتمثال كبير للحرية ولكننا في واقع أميركا لا نرى اية حرية في سياستها وإدارتها للشؤون الإنسانية والعالمية… فتاريخها حافل بالعدوان وحبّ السيطرة نشأت بعقلية وأسلوب القوة والاستيلاء بالعنف على بلاد الآخرين، وأقام المهاجرون فيها وحوّلوها وطناً يفتقد إلى المبادئ والمثل العليا في الحرية والسيادة للآخرين، عرفت قادة عظام ولكن الأسلوب الإسرائيلي الذي سيطر على قادتها جعل منها دولة وسلطة متغطرسة مستبدة، وهذا ما سبق أن حذّر منه بنيامين فرانكلين وكثيرون مثله.. حيث أوضح مخاوفه من الخطر اليهودي على بلاده وتنبّأ بوقوع الولايات المتحدة الأميركية فريسة للسيطرة اليهودية عليها وقال: «إذا لم يطردوا فإنهم خلال مائة عام سيحكموننا ويدمّروننا من خلال أنظمة الحكم لدينا.

وها أنا أحذركم إنْ لم تطردوا اليهود من هذه البلاد إلى الأبد فإنّ أولادكم وأحفادكم سيلعنونكم في قبورهم ونضيف إلى ما قاله فرانكلين بأنّ العالم كله سوف يلعنكم وها هو يلعنكم…

انّ المؤامرة التي تعرّضت لها سورية في الشام والعراق خير دليل على هذا كله.. المخطط الاسرائيلي للسيطرة على بلادنا والذي تنفذه أميركا ومن معها عبر تنظيمات إرهابية درّبت وسلّحت وأرسلت لتقاتل وتدمّر أملاً في تفتيت البلاد وتقسيمها.. تارة تحت شعارات دينية شيعية وتارة تحت شعارات كردية وعنصرية.

وما جرى أخيراً في منطقة الرصافة جنوب الرقة بإسقاط طائرة عسكرية سورية كانت تواكب تقدّم القوات الشامية، وجاء الادّعاء الاميركي بأنّ الطائرة أسقطت لأنها هاجمت تنظيماً يتمتع بحماية القوات الأميركية.. وقاحة لعذر أقبح من الذنب..

أرض سورية وجيش سوري.. يدافع عن البلاد ضدّ عدوان خارجي.. فما هو دور الأميركي على أرض حرة ذات سيادة تتعرّض لعدوان إرهابي.. وكما يقول المثل «ضربني وبكى سبقني واشتكى»!

أميركا راعية للإرهاب في جوهر تكوينها ولن تغيّر الأصنام كفر العبادة ولن يكون تمثال الحرية شعاراً لإيمان بل غطاء وستار للاستبداد الذي كان وبقي شعاراً إيمانياً لأميركا وقادتها انّ الموقف الأميركي الأخير وما سبقه من مواقف لن يبدّل مسار المعركة.

انّ إرادة الحياة قد فرضت نفسها وأعلنت عن وجودها يوم ترجمت المقاومة في لبنان وعلى الأرض ما كنا نراه في أحلام النوم واليقظة، وها هي المقاومة بكلّ عناوين العزّ والفخار جاثمة على صدر العدو… عدو الإرادة وعدو الوجود… عدو حاكم متخاذل، وعدو الوجود صهيوني متغطرس، بأرضنا ووجودنا في وجه هذا كله بصقت المقاومة وزغردت الصبايا وضحك الأطفال، وقبل ان تلوح شمس العز كان وميض نور الكرامة يشع من جباه جيل آمن بانه ينتمي لأمة صنعت الحياة،…

وأمام هذه المقاومة في لبنان والشام والعراق كان هتاف الجراح يناديها من فلسطين نحن هنا رفقاء قضية رسالة حياة… توحدت إرادة العز ولاحت بيارقه، وأمام كلّ شهيد يولد وليد منتش بدماء جديدة يتنشق هواء نقياً مضمّخاً بأريج النبل والبطولة، ويناديهم من بعيد صوت مدوّ يقول سيروا إلى الجهاد وما أروع النصر الذي سوف تحققون…

انّ البطولة التي يسجلها ويجسّدها العاملون بصمت بعيداً عن الإعلام، بعيداً عن الضوء والضوضاء، تلك هي البطولة المؤيدة بصحة العقيدة والإيمان هي التي سوف تصحّح كلّ المفاهيم وتؤكد انّ فلسطين انتصرت والأعراب أفلسوا، انّ فلسطين انتصرت بالإرادات، والأعراب أفلسوا رغم القرارات… وانّ إرادات البقاء أقوى من القرارات والإملاءات… وعندما نقول فلسطين انتصرت نعني انّ المؤامرة الإسرائيلية على سورية قد فشلت…

والذين طردوا الجيش الذي لا يقهر من جنوب لبنان وأخرجوه ذليلاً وأعادوا الكرة في تموز 2006 سيضعون حداً لـ«إسرائيل» عدواناً وكياناً… وقد أجبر الانتصار الذي تحقق في عام 1973 الغرب على الاعتراف بأنّ العرب يملكون الإرادة إذا ما أحسنوا الاستخدام.

فكتبت صحيفة «التايمز» في تشرين الثاني/ نوفمبر 1973: «كانت الصورة التي قدّمتها الصحافة العالمية للمقاتل العربي عقب حرب 1967 هي صورة مليئة بالسلبيات وتعطي الانطباع باستحالة المواجهة العسكرية الناجحة من جانب العرب لقوة إسرائيل العسكرية، إلا أنّ حرب تشرين الأول/ أكتوبر أثبتت ان للمقاتل السوري والعربي وجوده وقدراته».

كما قالت صحيفة «واشنطن بوست» انّ المصريين والسوريين أبدوا كفاءة عالية وتنظيماً وشجاعة، لقد حقق العرب نصراً ضخماً تحطمت معه أوهام الإسرائيليين بأنّ العرب لا يصلحون للحرب» صفحة 187 «كتاب أكاذيب التاريخ الكبرى».

نحن لم نكن ننتظر هذه الشهادات لنعرف من نحن لقد قلنا وكرّرنا انّ «دود الخلّ منه وفيه»، ودودنا الذي قتل الإرادة العربية ونخر الجسد العربي ودنس الكرامة العربية، هذا الدود قضينا عليه بالمبيدات الفتاكة، وهي الثقة وحرية القرار… فأسقطنا الحكام من معادلة انّ طاعة الحاكم من العبادة واتبعنا طريق لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق… فحكامنا فجرة كفرة لذلك نبذناهم وسنحقق النصر وهو آت…

مرة أخرى انتصرت فلسطين وأفلس الأعراب وسقطوا. لقد مرّت أمتنا بمحطات مماثلة وتعرّضت حقوقها للاغتصاب مرات عدة في تاريخها، فمن الأتراك الذين أوغلوا في قهرنا وإذلالنا حتى وصل بهم الأمر إلى محاولة تتريكنا وإلغاء وجودنا القومي… إلى الفرنجة «الصليبيون» الذين أنكروا حقنا في أرضنا المقدسة… الى الافرنسيين والانكليز…

نعود الى انفسنا لكي نعلم انْ كنا فعلاً قادرين على خوض معركة مع عدو متحالف مع أعتى مجرمي العالم ونحدّد مصادر القوة في ذاتنا لتكون لنا الثقة فيها، وهي أول طريق للانتصار نجد انه عندما نتحدث عن انتصار فلسطين فإنّ مصدر حديثنا ليس خيالات او أوهام ولا هو وليد أمنيات وأحلام، النصر حلم نريد تحقيقه، والعمل لجعل الحلم حقيقة ليس معجزة ولا أعجوبة انه يحتاج فقط لإرادة… والتاريخ مليء بأخبار الأمم والشعوب التي حطمت القيود وانتصرت على من هم أقوى من اليهود…

إذا استعدنا صفحات تاريخ حرب فيتنام وقارنّا بين قوة فرنسا التي كانت تحتلّ البلاد وقوة المقاومة الوطنية لظهر فارق كبير في مقاييس القوة العسكرية عدداً وعتاداً ولكن إرادة الحياة والكرامة الوطنية تستدعي حبّ العطاء والسخاء في بذل الروح والدم فداء الوطن حتى النصر وتحرير البلاد. وكذلك أعيدت الكرة مع الأميركان وهم أكثر قوة وأفتك سلاحاً واكثر وحشية وأقلّ احتراماً لحقوق الإنسان، عمل الأميركيون على تحطيم فيتنام واستخدموا أشدّ أنواع الأسلحة أذى وتدميراً سحقوا الإنسان روحاً وجسداً وانتصر الفيتناميون وخرجت أميركا تجرّ أذيال الخزي والعار… وها هي أفغانستان أمامنا، جيوش العالم احتلتها واسلحة الكون استخدمت فيها وفنون الإبادة تعدّد استعمالها الا انّ كلّ هذا عجز عن إحناء رأس مقاومتها وكسر عنفوانها.

ففي الوقائع الميدانية سجل الجيش السوري ميدانياً وجوده مع حلفائه في ساحات معركة الرقة وامتداد دير الزور بكلّ أبعادها واستراتيجيتها تؤازره القوى الشعبية.. وأمسك بالحدود السورية العراقية.. والخطوة القادمة هي تحرير دير الزور حيث ستكون المعركة الفاصلة والنهائية هناك وبتحرير دير الزور تصبح المنطقة الى حدود وامتداد منطقة الجزيرة نظيفة محرّرة حتى الحدود مع العراق من جهة منطقة سنجار.

أميركا تحاول تحقيق المشروع التقسيمي الإسرائيلي في سورية عبر داعش أو عبر وعود كاذبة للأكراد ثمناً لموقفهم.. كما وعدتهم بريطانيا بمعاهدة سيفر عام 1920 وأبطلت هذا الوعد في معاهدة لوزان عام 1923…

نجول في البلاد العربية فنرى أعراباً ولا نرى عروبة، نرى مسلمين ولا نرى إسلاماً، نرى مسيحيين ولا نرى مسيحيية، نريد ان نعيد الروح الى معتقداتنا الروحية والفكرية والقومية، ولنتذكر دائماً انه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان… فهذا المال أغرق خليجنا وأتخم ناسه فامتلأت الجيوب وفرغت النفوس وخنق وجدانهم وضميرهم… فابتعدوا عن كلّ معاني الآباء وساروا طبّالين في مواكب أعداء الامة يهتفون ويرقصون وسيفهم بيد الرئيس الأميركي ترامب الصهيوني المتبجّح.

لقد نسي قادة وملوك الخليج وبعض أقطار العروبة معنى الحرية والسيادة. نسوا فلسطين وأهلها. انّ خيرات الله جعلتهم ينساقون وراء غذاء الجسد ونسوا غذاء الروح… انّ اجيالنا القادمة أجيال الفاقة والحرمان ستكون غنية بالقيم والمثل الحقيقية التي ستفرض نفسها بالأخير… وهي حقيقة انتصار هذه الامة العظيمة، انّ اجيالنا القادمة تتبرّأ من اولئك المستسلمين المستجدين الحق استجداء، لقد رفضوا الصراع فرفضوا الحرية وسلّموا أنفسهم للعبودية، فالحق ليس طلباً بل مطلباً تطلبه النفوس القادرة وتحارب في سبيله فتظفروتسعد، كما انّ الباطل تطلبه النفوس العاجزة فيجرّها الى التهلكة، لقد وعت أجيالنا انّ الهزيمة هي درس لكلّ طموح مجدّ وهي طريق يسلكه المجدون لبلوغ الأحسن والأفضل.

لقد أثبتت الأيام انّ شعبنا في فلسطين حيّ ومهما فعل الصهاينة ومن يقف دائماً معهم فانّ الشعوب هي الباقية.

وإذا كانت إرادة الله قد حفظت سورية فانّ قلوبنا ترتجف هلعاً وخوفاً على هذا البلد الحبيب الذي تكالبت عليه قوى الشرّ في العالم.

ونذكر بما قاله سعاده: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة اذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.

يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. وإذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى