نديم شويري… الإنسان الإرادة

سليمان بختي

رحل نديم شويري، الرائد الأصيل في العمل الاجتماعي في بلادنا. والقدوة في تأهيل الإنسان بقلب كبير وعقل ذي رؤية وروح وثّابة. وقف نفسه لخدمة الإنسان والمجتمع وأعطى حياته وماله وجهده لهذه القيم.

صبّ جام عمله على قيمة الإنسان وكرامته، على التأهيل وإعادة التأهيل، كي يعيد إلى الإنسان انتماءه إلى إنسانيته وإلى مجتمعه وقيمه. ذهب إلى الفتيات الجانحات وأنشأ واحة «Lenid» لتأهيلهن. وفتح مصنعاً للحقائب الجلدية كي يفتح المجال للمعوقين كي ينتجوا.

أسّس «الكفاءات» وأعطاها جذوة عمره وجهود زوجته وأولاده. وفي ظنّي أنه لم يردّ أحداً خائباً. اقتنع نديم شويري بالالتزام بالإنسان وكان دائماً يعتزّ بتأثير أفكار الزعيم أنطون سعاده عليه، من هذه الناحية «المنارة الساطعة» كما وصفه.

تأثر نديم شويري أيضاً بتجربة الأب بيار في فرنسا، ولكنه اشتغل هنا بلا دعم الدولة ولا المؤسّسات. وبقي واقفاً في وجه المصاعب والمِحن وطوّر مفهوم العمل الاجتماعي الحديث وقدرة الجمعيات والأعمال الخيرية إذا ما تضافرت جهودها، على تأهيل الإنسان وتعزيز دور المجتمع في هذه المسألة.

كانت لنديم شويري أياد بيضاء على النصب التذكاري لسعاده في ضهور الشوير، وكان ركناً مؤسّساً في «مؤسّسة سعاده للثقافة». وأذكر ما قاله في كلمته لمناسبة إزاحة الستارة عن النصب في ضهور الشوير 12 أيلول 2004: «لا مناص لنا في الرجوع إلى سعاده. سبعون سنة مرّت على تعاليم أشرقت من هنا، من هذه المنارة الساطعة، فازدادت وهجاً ولمعاناً في صوابية الحقّ والمعرفة… وبما تحمله من قيم نبيلة وأصيلة ترياقاً ناجعاً لِما تتخبّط فيه بلادنا اليوم من تخلّف وتفسّخ وآفات على كلّ صعيد وكلّ اتجاه».

لا أزال أذكر حضوره ومداخلاته في اجتماعات «مؤسّسة سعاده للثقافة». وفي السنوات الأخيرة وقبل أن يداهمه المرض، بدا مغتبطاً لأنّ الزمن أنصف سعاده وأثبت بُطلان كلّ ما أتى خارج رؤاه.

نودّع في نديم شويري الإنسان النقيّ الشفّاف، المؤمن بالإنسان وطاقة الخير فيه، رغم كل شيء. نودّع الإرادة التي تجد السبيل والطريق دائماً. ونتخيّله يتلقّى وسام سعاده على صدره وأزرار النهضة تتوهّج في عينيه.

كاتب وناشر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى