الردّ الروسي على إسقاط الطائرة السورية
حميدي العبدالله
تأخر الردّ الروسي على إسقاط الطائرة السورية أكثر من 18 ساعة، وبديهي مثل هذا التأخير، فقرار موسكو بالردّ ستكون له تبعات لأنّ المواجهة هي مع أكبر دولة في العالم، وقرار إزاء مثل هذه الدولة وتصرفاتها العدوانية والطائشة لا يمكن اتخاذه بسرعة وارتجال ويحتاج الموقف إلى تقييم من كلّ جوانبه، ودراسة سيناريوهات الردّ واختيار أفضلها. وبديهي أنّ كلّ ذلك يتطلب بعض الوقت، ويمكن القول إنّ ما استغرقته عملية اتخاذ القرار يشير إلى سرعة قياسية.
في النهاية جاء الردّ بتعليق العمل بمذكرة تنسيق الطلعات الجوية، واعتبار أيّ هدف في مناطق عمل القوات الروسية هدفاً لهذه القوات ستتعامل معه عند الضرورة.
أدّى الردّ الروسي إلى نتائج فورية بعضها عسكري وبعضها سياسي.
النتائج العسكرية تتمثل في تغيير الولايات المتحدة لمسار عمليات طائراتها التي تشارك في التحالف الدولي، وهذا من شأنه أن يوفر حماية لنشاط الطيران الروسي والسوري في مناطق العمليات ويحول دون إقدام الولايات المتحدة على عمل أحمق جديد. ومن شأن ذلك أن يزيد من فعالية الهجمات التي يشنّها سلاح الجو السوري – الروسي، ويسرّع في تقدّم القوات البرية باتجاه مناطق سيطرة داعش على كافة الجبهات. ومن بين النتائج العسكرية أيضاً تعليق استراليا مشاركة طائراتها في الهجمات الجوية التي يشنّها طيران التحالف في سورية خشية حدوث صدام وسقوط إحدى الطائرات الأسترالية، بكلمة فإنّ النتائج العسكرية أهمّ مما لو عمدت روسيا مثلاً إلى إسقاط طائرة أميركية، فمثل هذا العمل من شأنه أن يزيد حدة التصعيد، وربما يؤثر على سير العمليات براً وجواً ويستفيد داعش من كلّ ذلك.
أما النتائج السياسية فهي حرص الولايات المتحدة على أعلى المستويات، سواء المستوى العسكري ممثلاً بوزير الدفاع، أو السياسي ممثلاً بالبيت الأبيض على القول إنّ أقنية الاتصال مع روسيا ستظلّ مفتوحة، بل أكثر من ذلك أعدّ وزير الخارجية الأميركي، سلسلة مقترحات لما أسماه «انتشال العلاقات الروسية الأميركية من الحضيض» وما كان لذلك القرار أنّ يحظى بإجماع الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة لولا خطورة ما وصلت إليه العلاقات الأميركية الروسية بعد إسقاط الطائرة السورية.