السعودية تبايع محمد بن سلمان ولياً للعهد وواشنطن تضغط لحل أزمة قطر
بايعت السعودية الأمير محمد بن سلمان، نجل الملك سلمان بن عبد العزيز، ولياً للعهد، في خطوة تعزّز نفوذ الأمير الشاب في المملكة النفطية وتضعه في موقع الحاكم الفعلي، ولو من خلف الستار.
وبدأ العهد الجديد للأمير الشاب بضغط أميركي للدفع نحو إيجاد حل للأزمة مع الجارة قطر، حيث دعت واشنطن الدول المقاطعة للدوحة إلى تقديم مطالبها، طارحة نفسها وسيطاً في الخلاف الدبلوماسي الأكبر في المنطقة من سنوات.
وجاءت مبايعة الأمير محمد 31 عاماً في وقت تواجه السعودية سلسلة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، وعلى رأسها، إلى جانب أزمة قطر، النزاع في اليمن المجاورة وتداعيات انخفاض اسعار النفط.
وبعدما أصدر الملك سلمان أمراً ملكياً بتعيين نجله ولياً للعهد خلفاً للأمير محمد بن نايف الذي أُعفي من مناصبه، جرت مراسم المبايعة الرسمية أمس، في قصر الصفا في مكة المكرمة.
وجلس الأمير أمام عشرات الأمراء والمسؤولين السياسيين والعسكريين وشيوخ القبائل. وتحدّث مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وقال «هذه البلاد العظيمة تنبغي المحافظة على كيانها، لا من حيث الدين ولا من حيث الأمن ولا من حيث الأخلاق والاقتصاد».
وأضاف «يجب علينا أن نكون يداً واحدة في هذه البلاد المباركة لنحميها من كيد الكائدين، فإنها مستهدفة كل استهداف لما فيها من الخير العظيم والكبير، لنكون يداً واحدة، إن شاء الله، وصفاً واحداً». وختم «نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم».
ثم قام ولي العهد الجديد بمصافحة الحاضرين الواحد تلو الآخر.
والبيعة هي موافقة مجموع القبائل وتسليمها بالأمر والطاعة لولي الأمر الجديد. وعيّن الأمير محمد بتصويت 31 عضواً في «هيئة البيعة» من أصل 34، بحسب ما أورد تلفزيون «الإخبارية» السعودي.
وتُعنى «هيئة البيعة» باختيار ولي العهد بأكثرية أعضائها. وأنشأها الملك الراحل عبدالله بعد إجراء إصلاح عام 2006 من أجل تأمين انتقال سلمي للحكم، والحؤول دون أي خلافات ممكنة داخل الأسرة عند استحقاق الانتقال الى حكم أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز.
سطع نجم الأمير محمد غداة تعيينه في منصب ولي ولي العهد قبل عامين، بعد أشهر قليلة من تسلّم والده مقاليد الحكم مطلع العام 2015 إثر وفاة الملك عبدالله.
وقال وزير الطاقة خالد الفالح الله «إنّ وزارته مصمّمة على مواصلة الجهود المخلصة، التي تصاعدت في إطار رؤية المملكة 2030، وبرامجها التنفيذية لتحقيق أهداف وآمال القيادة الحكيمة»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية.
وأضاف «أُبايع سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بولاية العهد، على كتاب الله وسُنة رسوله، وعلى السمع والطاعة».
وتلقى الأمير محمد اتصالات تهنئة هاتفية من العديد من قادة الدول بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما تلقى رسائل تهنئة من عدد من المسؤولين العرب والأجانب بينهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي عبّر في برقية عن أمنياته بمزيد من التطوّر «للعلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين الشقيقين».
جاء هذا التطور السياسي البارز في المملكة على خلفية أزمة عميقة بين قطر من جهة والسعودية وحلفائها من جهة أخرى، بعد قطع الرياض العلاقات مع الدوحة في 5 حزيران واتهامها بدعم «الإرهاب» والتقرّب من إيران، الخصم الإقليمي للسعودية.
وسيلعب ولي العهد الجديد دوراً بارزاً بالتأكيد في إدارة هذه الأزمة غير المسبوقة في العلاقات بين دول الخليج العربية.
وفي هذا السياق، أعلن البيت الأبيض أنّ «الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتصل هاتفياً بولي العهد الجديد وهنأه بتوليه هذا المنصب، وناقش معه مسألة الخلاف الدبلوماسي مع قطر».
وقد صدرت من الإدارة الأميركية إشارات متضاربة حيال هذه الأزمة. وإذا كان ترامب ردد في البداية موقفاً داعماً للرياض، إلا أنّ وزارة الخارجية اتخذت منحى آخر.
ومساء الأربعاء أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون «أنّ السعودية وحليفاتها من الخليج أعدوا قائمة مطالب من قطر لحل الأزمة الدبلوماسية». وقال «نأمل أن يتم تقديم لائحة المطالب إلى قطر في وقت قريب، وأن تكون معقولة وقابلة للتحقيق».
ولفت الوزير الأميركي إلى استعداده للقيام بدور الوسيط إذا فشلت الاتصالات الإقليمية. كما شدد على ضرورة «الوحدة» بين دول الخليج من أجل «أن نركز كلّ جهودنا على مكافحة الإرهاب».
في هذا الوقت انطلقت أول سفينة تركية تنقل حوالى 4000 طن من المواد الغذائية إلى قطر، فيما أعلنت إيران «إنها ترسل يومياً 1100 طن من المواد الغذائية إلى الإمارة منذ بدء الأزمة».
وطلبت الهند من شركتين محليتين للنقل الجوي تسيير رحلات إضافية إلى الدوحة قبل عطلة عيد الفطر لمساعدة مواطنيها العالقين هناك إثر الحظر المفروض على الخطوط القطرية.