«الوطن»… محور أعمال المعرض الختاميّ لملتقى السلام والمحبة في اللاذقية
بعد خمسة عشر يوماً من العمل الابداعي لقرابة ثلاثين فناناً وفنانة تشكيليين، أسدلت الستارة على فعاليات ملتقى السلام والمحبة الذي تُوّج بمعرض واسع لمخرجات الملتقى الفنية من منحوتات خشبية ولوحات زيتية.
وتوزّعت عشرات اللوحات الزيتية على جدران الصالة المفتوحة في فندق «لاميرا» في اللاذقية شكلت معاً مشهدية بصرية متناغمة بدأت بلوحات الفنان نعمان عيسى المفعمة بمناخ وجداني يصور حالة البشر بشكل عام والطفولة بشكل خاص. معتبراً انهم اللبنة الأولى في المجتمع والتي تتأثر بشكل مباشر بأي ظرف صعب يقع.
أما الفنانة لينا ديب فأشارت إلى تغيير أسلوبها أكثر من مرة اثناء تنفيذ الأعمال التي اتت في النهاية مغايرة لتصورها المبدئي فتأثرت بمحيطها والجو العام للملتقى لتستقر على طرح مواضيع مرتبطة بسورية من حروفيات ومعالم لها علاقة بالأرض إلى حدّ كبير.
حروفيات الفنانين أكسم طلاع ووليد الآغا حملت لمسات خاصة عززتها الخلفية اللونية المختارة بعناية. كما تأثر الفنان محمد العلبي بجو البحر والشاطئ المجاور لورش عمل الفنانين طوال فترة الملتقى ليقدم لوحة فنية حملت رموزاً معينة مرتبطة بالمكان.
وتبقى لأعمال الفنان علي مقوص وزنها الخاص سواء من خلال الطرح المرتبط بالإنسان السوري الظاهر بوضوح في اللوحة أو بألوان الأعمال المائلة إلى الأزرق الشاحب المعبّر عن الازمة بشكل أو بآخر، حيث أكد مقوص ان المناخ التفاعلي للملتقى أثّر على خيارات ومخرجات الفنانين النهائية فالجميع على حدّ قوله خاضوا تجربة بعيدة عن أجواء مراسمهم، أتاحت لهم فضاء فنياً ايجابياً انعكس على مفردات اعمالهم التي عبرت بمجملها عن موقف وجداني جماعي إزاء ما يحصل بسورية مع إبراز ثقافتها وإرثها.
وتربعت جدارية كبيرة وسط الأعمال حملت توقيع الفنان سعد يكن ابن محافظة حلب الذي اعتبر ضيف الشرف في الملتقى وقدم من لبنان لوضع بصمته الخاصة من خلال عمل فني سمّاه «جمهور وفراشة» سلّط من خلاله الضوء على الأزمة الإنسانية والانتقال من حالة الدراما والتأزم الى حالة من الشروق والانفتاح لتظهر في سماء اللوحة على شكل فراشات متفائلة تبحث عن ختام السواد الذي مرت به شخوص العمل.
وعن الملتقى قال يكن هو إضافة خاصة يطور بلا شك المشهد التشكيلي السوري بشكل عام والجميل في الامر انه أقيم تحت شعار السلام والمحبة وهما أكثر ما يطلبه السوريون جميعاً هذه الأيام.
ولم تقلّ الأعمال النحتية سوية عن نظيرتها الزيتية ففي وسط الصالة توزعت أكثر من عشرة أعمال اعتمدت خشب الزيتون مادة أولية لها وجاءت في مقدّمها منحوتة الفنان اياد البلال التي تندرج في سياق تجربته وبحثه الفني الخاص بالوجوه وانطباعاتها وقدمها هذه المرة على شكل اسطواني. مؤكداً امكانية طرح الفكرة بتقنيات أخرى نظراً إلى استمرار بحثه في هذا المجال الواسع الأفق.
أما الميثيولوجيا السورية فظهرت بوضوح بعمل الفنان عيسى سلامة الذي أصرّ على انجازه بالمطرقة والازميل فقط لتنفيذ التفاصيل الدقيقة الخاصة بشخوص منحوتته «أفراح عشتار» التي تغص بمشاهد من الحضارات السورية المتعاقبة وحذا حذوه الفنان وائل فضة الذي قدم عملاً اسطورياً يجسد إلهة سورية قديمة تظهر على شكل انثى مجنحة في أشارة إلى حضارة سورية الممتدة.
الأنثى بملامحها القوية برزت ايضاً في العمل الفني الخاص بالنحاتة أمل الزيات لتقدمها ربى الكنج بطريقتها الخاصة على شكل امرأة مجنحة تستعد للانطلاق بعد ان كانت ملتصقة بالارض ليتجه الفنان منتجب يوسف إلى التجريد من خلال عمل ذي وجهين الأول لجسد انثى والثاني لريشة قلم فيهما الكثير من البساطة والاختزال والتوازن الفكري للطرح.
أما الفنان فادي محمد فغرد منفرداً بعمل تعبيري ركز فيه على الخطوط ومنحنياتها في اشارة لمتناقضات الحياة ما خلق حالة جمالية ساعدته فيها خامة الخشب المستخدم كخامة للعمل.
إزاحة الستارة عن جدارية ضخمة ضمّت اعمالاً زيتية للفنانين المشاركين كانت بمثابة مفاجأة لجمهور الملتقى وخاصة انها شكلت معا توليفة فنية تناغمت عناصرها حيث أكد الدكتور سهيل بدور مشرف أعمال الملتقى ان هذه اللوحة
ستكون بمثابة هدية رمزية من الفنانين المشاركين للرئيس بشار الأسد.
وأضاف بدور: التقينا على السلام والمحبة في هذه المدينة التاريخية التي تستحق منا الكثير ونأمل ان يصبح الملتقى تظاهرة فنية متكررة تستقطب اكبر عدد من الفنانين السوريين من مختلف السويات والتجارب.
يذكر أن ملتقى السلام والمحبة انطلق في الخامس من الشهر الحالي بدعم من وزارة السياحة ومشاركة ثلاثين فناناً وفنانة من مختلف المحافظات أمضوا قرابة اسبوعين من العمل الفني المتواصل ضمن فندق «لاميرا» في اللاذقية لتقديم اعمال فنية يعود ريعها لدعم ذوي شهداء وجرحى الجيش السوري.