«أستانة 5» وجنيف اللاحق
حميدي العبدالله
حدّدت كلّ من كازاخستان والمبعوث الدولي إلى سورية مواعيد عقد اجتماع «أستانة 5» وجولة جديدة من محادثات جنيف.
الأرجح هذه المرة أن يتمّ الالتزام بالمواعيد ولن يكون هناك تأجيل آخر سواء لأستانة أو لجنيف.
لكن الأمر المهمّ هو ماذا ينجم عن الجولات الجديدة من أستانة وجنيف، وهل ستكون النتائج مماثلة لنتائج الجولات السابقة أم أنها تحمل جديداً؟
لا شك أنّ نتائج هذه الجولات مرتبطة بأمرين رئيسين، الأول مدى قبول الأطراف المعنية لتسوية سياسية متفق عليها وفق الأسس التي تمّ التفاهم عليها في «فيينا 1» و«فيينا 2»، والتي تحوّلت مبادئها الرئيسية إلى قرار في مجلس الأمن الدولي حمل الرقم 2254. في ما يتعلق بهذا العامل واضح أنّ الظروف لم تنضج، لا دولياً ولا إقليمياً، للسير جدياً في خيار التسوية. الولايات المتحدة لا تزال تسعى إلى الإمساك بأوراق ميدانية تعزز دورها التفاوضي في أيّ تسوية، ولا ترى أنّ الظرف الراهن ملائم، أولاً للبدء بحوار روسي أميركي هو ممرّ ضروري لأيّ تسوية، وثانياً لقبول دفع ثمن التسوية، وبالتالي هي لا تعارض لقاءات أستانة ولكنها تشارك بصفتها مراقب، وتحضر لقاءات جنيف ولكن من دون خطة للوصول إلى تسوية جدية.
إذا أخذ بعين الاعتبار هذا العامل فيمكن الاستنتاج من الآن أنّ جنيف لن يحقق أيّ تقدّم في جولته المقبلة، حتى لو ادّعى ممثل الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا بعكس ذلك كما علق بعد آخر جولة من جولات جنيف.
عامل ثانٍ يساهم في توقع ما سوف تنجم عنه جولات أستانة وجنيف المقبلة، وهو الوضع الميداني. على هذا الصعيد هناك تطورات كثيرة أبرزها وصول الجيش السوري والجيش العراقي إلى الحدود المشتركة بين البلدين وتطويق داعش في ما تبقى من غرب الأنبار ومحافظة دير الزور وجيوب محدودة في محافظات سورية أخرى. لا شك أنّ لالتقاء الجيشين السوري والعراقي تداعيات استراتيجية ميدانية وسياسية كثيرة، لكن من الصعب ترجمتها بسرعة تقود إلى حدوث خرق وتقدم في أستانة وجنيف. كما أنّ تدهور العلاقات الروسية الأميركية على خلفية ملفات كثيرة ليس كلها مرتبطة بسورية، إضافة إلى الإنذار الروسي للولايات المتحدة من التمادي بالاعتداء على الجيش السوري خلق وضعاً ضاغطاً على الولايات المتحدة وغيرها للبحث عن حلّ سياسي لتدارك مواجهة تزداد احتمالاتها، وهذا قد يساعد على الأقلّ على إبقاء مسارات أستانة وجنيف في حال عمل حتى وإنْ لم تكن هناك نتائج عملية يعتدّ بها.
ما تقدّم وعوامل أخرى هي التي ستحدّد ما ستؤول إليه لقاءات أستانة وجنيف المقبلة.