توجيه تهمة الفساد إلى الرئيس البرازيلي تهدّد بإغراق البلاد في أزمة سياسية جديدة

طالب النائب العام في البرازيل أول أمس الاثنين بتوجيه التهمة رسمياً إلى الرئيس ميشال تامر بتلقي رشوة في خطوة غير مسبوقة تهدّد بإغراق البرازيل في أزمة سياسية جديدة.

ويضع اتهام النائب العام رودريغو جانو الرئيس البرازيلي في عين العاصفة لفضيحة مالية كبرى تهز أكبر دول أميركا الجنوبية منذ ثلاث سنوات.

يذكر أنّ تامر هو أول رئيس برازيلي يواجه خلال ولايته اتهامات جنائية، علماً أن تحقيقات في قضايا فساد فتحت بحق رؤساء برازيليين سابقين ووجوه سياسية.

وفي أول رد فعل له قال تامر في خطاب في قصر بلانالتو «لا شيء سيدمّرنا، أنا والوزراء».

ولكي يتم توجيه الاتهام رسمياً إلى الرئيس ويحال أمام المحكمة العليا يجب أن يوافق ثلثا النواب على الأقل على محاكمته، وعندها يكفّ رئيس الجمهورية عن أداء مهامه لمدة يمكن أن تصل إلى 180 يوماً.

ويتهم المدعي العام الرئيس البرازيلي بأنه «استفاد من منصبه كرئيس للبلاد» من أجل تلقي رشوة قدرها نصف مليون ريال حوالى 150 ألف دولار من رئيس شركة «جاي بي أس» للحوم المتورطة في فضيحة الفساد الضخمة التي تهز البلاد، بحسب طلب الادعاء الذي نشرته المحكمة العليا.

وبلغت الأزمة السياسية ذروتها منتصف أيار مع تسريب تسجيل صوتي يبدو فيه أن الرئيس يعطي موافقته لأحد مالكي شركة جاي بي أس لشراء صمت الرئيس السابق لمجلس النواب أدواردو كونيا المسجون حالياً.

وقبل أسبوعين تمكن تامر من إنقاذ ولايته بصعوبة بالغة بفضل قرار مثير للجدل للمحكمة الانتخابية العليا التي قرر قضاتها بأغلبية ضئيلة رد قضية تمويل غير شرعي للحملة الانتخابية التي خاضها عام 2014 مع الرئيسة السابقة ديلما روسيف وتولى بعدها منصب نائب الرئيس.

وشدّد تامر على أنه «ليس هناك من خطة بديلة وتجب متابعة السير إلى الأمام»، في إشارة إلى إجراءات التقشف التي تسعى حكومته إلى إقرارها من أجل إخراج البلاد من انكماش مزمن.

وبالرغم من تسجيل البرازيل مؤشرات خجولة إلى تعافي اقتصادها، إلا أن شعبية تامر لا تزال في الحضيض مع نسبة تأييد تبلغ 7 ، وهي النسبة الأسوأ في تاريخ رئاسة البلاد منذ حوالي 30 عاماً، بحسب استطلاع نشره مركز داتافوليا.

والأسوأ من ذلك أنّ 65 ممن شملهم الاستطلاع أيّدوا رحيله قبل انتهاء ولايته أواخر 2018، ما سيشكّل، إذا حصل، ثاني تغيير جذري على رأس السلطة في البرازيل بعد الإطاحة بديلما روسيف التي أقيلت بتهمة التلاعب بالحسابات العامة.

إلا أنّ خبراء يستبعدون حصول هذا السيناريو، بما أن تامر لا يزال يتمتع بدعم كبير في البرلمان.

ويوضح المحلل السياسي في موقع «كونغرسو أم فوكو» سيلفيو كوستا لـ«فرانس برس» أنّ «الكثير من النواب متورطون في قضايا فساد، ما يخلق نوعاً من شبكة التضامن».

ويتابع المحلل أنه رغم أنّ تامر «لم يعد لديه غالبية قوية في البرلمان، إلا أنّ المعارضة ليس لديها القوة اللازمة لإزاحته عن السلطة».

في السياق نفسه، فإنّ الاتهامات التي يواجهها تامر خطيرة للغاية. ولدى المحققين إثباتات «تشير بقوة إلى حصول رشوة سلبية»، بحسب تقرير برلماني نشر الأسبوع الماضي.

ويستند التقرير إلى اعترافات مديري قطب الصناعات الغذائية «جاي بي أس» والتي يقف أحد مالكيها جوسلي باتيستا وراء التسجيل الصوتي الذي أطلق شرارة الفضيحة.

وكان الرئيس البرازيلي اعتمد سياسة التشكيك في صحة التسجيل مندداً بـ «تلاعب» في «تسجيل غير شرعي» إلا أنّ الشرطة تؤكد عدم حصول أي تعديل على التسجيل، بحسب ما أوردت صحيفة فوليا دي ساو باولو.

ويضاف إلى هذا التسجيل شهادات كوادر «جاي بي أس» الذين يتحدثون عن دفع رشى بملايين الدولارات لتمويل صناديق سوداء لأحزاب، من بينها حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية بزعامة تامر.

ويشير تقرير الشرطة إلى وجود إثبات بدفع رشوة لرودريغو روشا لوريس وهو مقرب سابق من الرئيس تم توقيفه في 3 حزيران الحالي.

وتمّ تصوير روشا لوريس وبحوزته حقيبة سوداء تحوي 500 ألف ريال برازيلي حوالى 152500 دولار أميركي يشتبه في أن تكون أموال قضية الرشوة.

وبالإضافة إلى شبهات الفساد يتناول التحقيق اتهامات له بعرقلة سير العدالة والتآمر.

ومن المفترض أن يعلن المدعي العام قريباً ما إذا كان سيحول هاتين الشبهتين إلى تهمتين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى