ماذا يريد باسيل…؟!
هتاف دهام
حطّ القانون الانتخابي رحاله على أرضية التوافق الوطني في رقعته الضيقة. رقعة تملك قابلية التمدد باتجاه قضايا أخرى. وحده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا يزال يمعن في اللغة غير التوافقية وكأنه يشتهي الخصومات حتى من دون طائل.
إثر التوافق على قانون الانتخاب، أبلغت حركة أمل الوزير باسيل أنها تنوي فتح صفحة جديدة في العلاقات. إيجابية عين التينة ردّ عليها رئيس التيار البرتقالي في إفطار البترون بموقف غير مفهوم. موقف أشار إلى شراكة حزب الله القوات – تيار المستقبل في إنتاج قانون الانتخاب مهمّشاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري المعلوم أنه أدى دوراً كبيراً في تدوير الزوايا للوصول إلى صيغة كانت محلّ تحفظ من قبل الثنائية الشيعية بغضّ النظر عن الصوت التفضيلي في القضاء.
تتساءل أوساط سياسية عن مغزى التمرّد الباسيلي، لا سيما أنّ مَن دغدغته أحلام شطب بري من المعادلة مُني بالهزيمة. «الأستاذ» رقم صعب والثنائية الشيعية خط أحمر.
ربما كادت الأمور أن تتدحرج مجدّداً بين الرابية وعين التينة باتجاه حرب الردود والردود المضادة المفتوحة، لولا عقلانية «الأستاذ» ووساطة رئيس الحكومة سعد الحريري. فالشيخ سعد تمنى على أصدقائه في «الحركة» عدم الانجرار في لعبة الأخذ والردّ، واعداً بمعالجة الأمر.
أول أمس، أطلّ وزير الخارجية بموقف جديد ينطوي على دلالات حسنة ودلالات سيئة، عندما قال إنه سيسعى لأن يعتمد القانون الانتخابي (النسبية مع الـ15 دائرة) لمرة واحدة، وأنه سيجهد لإنتاج قانون جديد لانتخابات ما بعد المقبلة.
إنّ دلالات كلام الوزيرالعوني الحسنة تعني أنّ الأخير أقلع عن دعوة أطلقها غداة إقرار القانون الانتخابي ودعا فيها إلى تعديل القانون الجديد، مما يشير إلى يأسه من إمكانية نجاح هذه الفرصة.
أما دلالات موقفه السيئة فتعني أنّ مرشح البترون لا يزال على نهجه في «الحر» و«الحركشة»، فضلاً عن ضخّه المناخ السياسي العام بالمواقف التصعيدية بخلفيات طائفية، تقول الأوساط نفسها.
إنّ كلام باسيل عن اعتماد القانون مرة واحدة وتعديله لانتخابات العام 2022 هدية من السماء، لأنّ القانون بوضعيته الراهنة، رغم إيجابيته، بحسب المعنيّين بملف الانتخابات النيابية، هو قانون لا يلبّي طموح القوى الوطنية. فإذا كان ثمة تعديل يجب أن يخضع له القانون الجديد، فهو العمل على النسبية النقية غير المقيّدة. نسبية تؤدّي كلّ مفاعيل الإصلاح السياسي.
فهل يبغي باسيل من طرحه الجديد الوصول إلى الإصلاح السياسي؟ تسأل الأوساط السياسية وتجيب نفسها: خطاب الوزير البرتقالي الطائفي أبعد ما يكون عن الإصلاح.
رغم انفعالية باسيل، فإنّ العلاقة بين بعبدا وعين التينة، بحسب ما يؤكد مصدر مطلع لـ«البناء»، محكومة بمجموعة إيجابيات في المرحلة المقبلة بإرادة تعاون كرّسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس في لقاء إفطار بعبدا، ثم في التوصل إلى إقرار القانون الانتخابي، وصولاً إلى جلسة رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة وتوقيع الرئيس عون مرسوم فتح العقد الاستثنائي.
منذ أن أقرّ القانون الجديد، والقوى السياسية المختلفة تعيش خضماً عاصفاً من النقاشات والتقديرات لفهم القانون ودراسة مفاعيله والاحتمالات المختلفة للتحالفات وما ستتركه من نتائج.
تدرك المكوّنات السياسية كافة أنها أمام قواعد جديدة في إدارة العملية الانتخابية، وأنّ ثمة مفاجآت كثيرة قد تدهم بعض أركانها الأساسيين كحال التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.