مختصر مفيد الربع الأخير من الساعة

ليس الكلام عن دور واشنطن في ولادة داعش وتمدّده وبقائه اتهام بغرض الإساءة، فالأميركيون لا يُحرجون من ذلك، وهم على الأقل كانوا صرحوا بلسان ترامب أن أوباما وإدارته صنعوا داعش، وقالوا بلسان فيلتمان لن ننهي داعش سريعاً، لأننا نريد استنزاف سورية وحزب الله وإيران وربما روسيا.

السلوك الأميركي في الحرب على الإرهاب بدأ باستثناء تام لجبهة النصرة، مثلاً بلا حرج ولا خجل صار اسمها الحرب على داعش، علماً أن النصرة هي الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة المصنّف أولاً عند واشنطن إرهاباً.

بلا حرج أيضاً وقف المسؤولون الأميركيون يدافعون عن منح الفرص للنصرة للانضمام للعملية السياسية والخروج من الحرب ومنحوا قطر وتركيا دور المفاوض وتغيّرت أسماء النصرة تلبية لهذه السياسة الأميركية مرات عدة.

في الحرب على داعش لم يُحرج الأميركيون من جعلها ضمن ضوابط لا تجعلها سريعة ولا حاسمة. ومن هذه الضوابط استبعادهم للحشد الشعبي مراراً وسعيهم لتقييد حركته لاحقاً، والأهم محاولة إبقاء منفذ غربي نحو سورية من الموصل عبر تلعفر أو منفذ جنوبي نحو الأنبار.

في سورية أيضاً شكل الإصرار على استبعاد تركيا تعبيراً عن الهدف ذاته، بعدم الرغبة بحرب سريعة وحاسمة. والأهم تفادي كل تعاون مع الجيش السوري، وبالأصل رفض التنسيق الكامل مع روسيا كشريك لا يسبب إحراجاً كسورية وإيران وحزب الله، والتفرد بالحرب لم يكن بحساب احتكار الأرباح بل تأخير الحسم وجعله غير نهائي.

كسب الأميركيون من هذه الاستراتيجية استنزاف خصومهم ومنع نصر سريع لسورية يحمل معه حقائق محرجة لحلفاء واشنطن في السعودية و»إسرائيل».

كسب الأميركيون الإيحاء بعروض عضلات عسكرية، وقع الخليج في حبائلها، فدفعت السعودية مئات المليارات طلباً للمزيد وتورّطت بحربها ضد قطر.

كسب الأميركيون خصوصية كردية تابعة لهم تبرّر بقاء قواتهم تحت مسمّى محلي سوري.

اليوم ونهاية داعش تدنو يتساءل الأميركيون لماذا ندَع داعش يتهاوى وماذا سنفعل بعده؟

قبل الاتفاق على تقاسم كعكة داعش الجغرافية لا يجوز أن يسقط، وخصوصاً قبل حصولنا على الحدود السورية العراقية وضمانات بأمن «إسرائيل» ومنع حزب الله من الوجود جنوب سورية.

لذلك يهدد الأميركيون بالضربات ويستعملون روايات الكيماوي، ويقولون نمنع الجيش السوري من بلوغ البوكمال ليضرب داعش، ولو اتهمنا بالتعاون مع الإرهاب فمصالحنا فوق كل اعتبار.

لذلك يقول محور المقاومة دنت ساعة المواجهة، فإن كنتم لها فهلمّوا إلى الميدان..

إنّه الربع الأخير من الساعة الأخيرة! .

ناصر قنديل

ينشر هذا المقال بالتزامن مع الزميلتين «الشروق» التونسية و«الثورة» السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى