قالت له
قالت له: أنت دائي ودوائي.
فقال لها: وهل تشربين الدواء أم تتمتعين بالداء؟
فقالت: أشربك كي أشفى منك، ومتى شفيت لا حاجة إلى لقاء.
فقال: ولأنني لا أستيطع قسوتي معك، أدعو لك بالشفاء.
فقالت له: لا تستعجل، فالمريض يحتاج إلى حنان الطبيب.
فقال: بحجم شراسة المرض وخبثه، فكيف يستقيم الخبث والحنان؟
قالت: خبث التجذّر لا خبث الجوهر.
قال: ولِمَ لا تقولين حنان التجذّر وحنان الجوهر؟
قالت: لأنه يؤلمني وأحتاج إليه لأشفى من حاجتي إليه.
قال: ويؤلمني وأبتعد متألّماً كي لا أدمن عليه.
قالت: اِبتعد واَقترب في آن، لنفسك اِبتعد واَقترب لنفسي.
قال: كلّ الأحاجي صارت مهمّتي وتتحدّثين عن قسوتي فلا تمارسي القسوة!
فقالت: اِمنحني الوقت بعضاً وخذه لنفسك بلا حدود.
فقال: أنتِ خارج البعاد والابتعاد، باقية أبدية الوجود.
فقالت: هاتِ بعضاً منك على كفّي أشمّ فيك يوماً معنى الخلود.
فقبّل باطن كفّها ومضى… ولن يعود.