عشق الصباح
هيّأت زادي من الورق والقهوة والحبر، وخبأتك في ذاكرة الأحلام. طيفك وحي كتاباتي. قالت، وهي تزيح الستارة عن النافذة المطلّة على البحر، وصلنا إلى مفترق وعر، ولا أجد كلمة تحكى، صمتك يربكني، لا بد أن نفترق! حكايات العشق نازفة، خشيت أن يغويني النوم، كما أغوتني ياسمينة بعطرها النافذ حتى شغاف القلب. كنت أمشي على الرمل البليل، تلاحقني كلماتها: لا بدّ أن نفترق. كلانا يعاني من مرارة الصمت. توالت الأيام والشهور والسنون، ولم يزل يقلقني سؤال حائر، كيف أكتشف أنها تقرأ ما أكتبه؟ وهل تصاب بقشعريرة ويرتعش جسدها النديّ و«تنمّل» أصابعها الطرية وتزداد دقات قلبها وترجف شفتاها الغارقتان بماء الكرز وهي تمرّر عينيها على الكلمات؟
لا أدري أين قرأت «إنّ للحزن لون الماء»؟، وهل للماء لون؟ أجريت تجربة حين كان المطر غزيراً والريح الشمالية باردة، تركت وعاء طوال الليل تحت المطر وحين أشرق الصباح نظرت في الوعاء، لا لون للماء يا ياسمينة. ما الذي دفعك إلى القول إن للحزن لون الماء؟ التفت باتجاه البحر وتمتمت، أنا أمقت الألوان السوداء والرمادية والحيادية! أحبّ اللون الشفيف الذي يأخذ لون السماء كحال البحر. إيه يا بحر، ماء على ماء، ماء تحته ملح وماء، يوجعني صوت انكسارات الموج على صخر الشاطئ.
همست، بعض النوارس لا تزال تمر على رغم غروب الشمس. هبّت ريح شمالية تطاير الورق وجفّ الحبر ولم يعد طعم للقهوة. في الشرفة البحرية حبق وصوت عبد الحليم، «بحياتك يا ولدي امرأة عيناها سبحان المعبود، فمها مرسوم كالعنقود، ضحكتها أزهار وورود، ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي، هي الدنيا».
حسن ابراهيم الناصر