ما بعد المهلة الزمنية… مراوحة في الموقف أم تصعيد يسبق المواجهة؟
نمر أبي ديب
بلغت الأزمة الخليجية مرحلة اللا عودة في مسار التصادم المعلن منذ انعقاد القمة الإسلامية في الرياض، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب نتيجة التصعيد المستمرّ وتمديد المهلة الزمنية التي منحتها كلّ من السعودية والإمارات والبحرين ومصر لدولة قطر حتى يوم غد ا ربعاء من أجل تغيير الدوحة سلوكها السياسي بما يخدم ويحمي الأمن القومي ويحافظ على استقرار الدول العربية الشقيقة ومقدّراتها، كما جاء على لسان وزير الخارجية المصري سامح شكري، في حين بدت فرص الحلّ السياسي شبه معدومة، رغم المحاولات المستمرة التي قامت وتقوم بها دولة الكويت بشخص أميرها صباح الأحمد الجابر الصباح ما قد يرتب على المشهد الخليجي المزيد من التصعيد في ظلّ التعزيزات العسكرية التركية المستمرّة والموقف القطري الرافض لمناقشة وبحث أيّ طلبات تنتهك سيادة الدولة.
تجدر الإشارة إلى أنّ تظهير الخلاف الخليجي بين قطر والمملكة هو ثمرة حضور الرئيس ترامب في قمة الرياض ونتيجة أولية لحسم المرجعية السنية في المنطقة لصالح السعودية، مع ما حمله هذا الحسم لاحقاً من مبايعة سعودية للأمير المقرّب من واشنطن محمد بن سلمان صاحب العداء المطلق لأمير قطر تميم بن حمد، مبايعته ولياً للعرش السعودي.
قبل أيام من انتهاء المهلة الزمنية التي منحتها الرياض للدوحة جاء الردّ القطري من العاصمة الإيطالية روما على لسان وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بقوله «بالنسبة للمهلة الزمنية نعتقد أنّ العالم محكوم بنظام دولي وقانون دولي لا يسمح لبلدان كبيرة بأن تستأسد على البلدان الصغيرة بهذه الطريقة». وأضاف «لكلّ بلد حقه وسيادته» معرباً عن موقف واضح يعكس حجم الرفض القطري لطلبات دول الحصار.
مع هذا التطور ودخول الأزمة الخليجية عملياً مرحلة ربع الساعة الأخير من توقيت المهلة الزمنية بات التساؤل اليوم عن نوعية الردّ السعودي والخيارات المتاحة أمام المملكة في مرحلة التهويل الأميركي تجاه سورية وانتظار الجميع للنتائج المترتبة على قمة العشرين التي ينُظَر إليها كمحطة أساسية في مسار التقارب الروسي ـ الأميركي.
بعد فشل الحلّ السياسي، يعتبر دخول السعودية في مواجهة عسكرية مع قطر خطوة غير محسوبة النتائج، انطلاقاً من اعتبارات عديدة تتمحور بالدرجة الأولى حول فقدان السعودية عامل المفاجأة والغياب التامّ للعناصر المانحة على المستوى العسكري إمكانية توجيه الضربة القاسمة للدولة والنظام من دون التورّط في حرب استنزاف جديدة تضع المملكة أمام اختبار الوجود، ومن ثم الصمود على الجبهتين اليمنية والقطرية معاً، في ظلّ القرار المتخذ بعدم سقوط قطر والتعزيزات العسكرية المستمرة للحضور التركي داخل الأراضي القطرية؟
منذ اللحظات الأولى للحصار قرأت المملكة ومعها حلفاؤها الخليجيون أبعاد الرسالة المزدوجة، الإيرانية التركية الممهورة ميدانياً بختم القرار الضامن للصمود القطري والموقّعة بخطوات كسر الحصار وتأمين الحاجات القطرية حسب متطلبات المراحل، الأمر الكفيل بوضع الجميع في خانة المساءلة السياسية حول الجدوى من استمرار الحصار والنتائج المتوقعة ميدانياً من ذهاب الخيار السعودي بعيداً في مسار التصعيد وتشديد الحصار.
نتيجة الغياب الواضح للاستراتيجية المرفقة بقدرة اتخاذ القرار تعيش السعودية تفاصيل الفشل المستمرّ في سياستها التصعيدية تجاه دول الجوار، ما وضعها سياسياً على مسار التلبية الدائمة للرغبة الأميركية التي تعاني بدورها من عامل الانقسام الداخلي، وهاجس اللقاء المرتقب في قمة العشرين بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في مشهد قد يعيد صياغة العلاقات الروسية ـ الأميركية من جديد على قاعدة الفشل والنجاح للحدث المرتقب، بالتالي وحده الفشل في قمة العشرين المصحوب بالمغامرة الأميركية تجاه المنطقة يقود السعودية وحلفاءها إلى خوض غمار المواجهة العسكرية مع قطر، حيث الحضور التركي المثقل بجراح الانقلاب الداخلي والموقف الأميركي الداعم لقيام الدولة الكردية حاضر للمواجهة.
بغضّ النظر عن الموقف الإماراتي المستجدّ الذي أدلى به وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، وتحدّث من خلاله عن تصاعد تدريجي للضغوط الاقتصادية، على الجميع أن يدرك أنه لا يمكن للموقف السعودي تجاه قطر تخطي السقف النتائجي للحضور الأميركي في قمة العشرين مهما بلغت الرغبة السعودية في التصعيد والمواجهة.