تسليم خالد السيد تعزيز للعلاقات الفلسطينية ــ اللبنانية

رامز مصطفى

لا يكاد مخيم عين الحلوة يغيب عن الواجهة الإعلامية حتى يعود سريعاً ليحتلّها من جديد. وهذه المرّة من عنوان جديد لم يكن مطروقاً أو معروفاً، إنه المدعو خالد مسعد الملقب بـ«خالد السيد»، وهو المتهم الرئيس الذي وقف خلف عمليات عدة نُفّذت، أو تلك التي كانت في طريقها نحو التنفيذ، تزامناً مع حلول شهر رمضان، وفي استهداف مكشوف للصائمين سواء في الضاحية الجنوبية أو سواها من المناطق اللبنانية، أو نحو أهداف ومراكز عسكرية أو حيوية من ضمنها مطار رفيق الحريري الدولي.

ولكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها ممن كُشف أنهم أو أنه يتوارى داخل مخيم عين الحلوة، ومنهم شادي المولوي ومجموعة أحمد الأسير، بمن فيها فضل شاكر، من خلفية أنّ المطلوب خالد مسعد والمعتقل راهناً قد ارتبط اسمه مباشرة على أنه العقل المدبّر لما اصطلح على تسميته بـ«جهنم رمضان»، نظراً للأهداف وحساسيتها التي اعترف بها من ألقي القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، والأمن العام وقف في مقدّمة تلك الأجهزة.

يُضاف إلى ذلك أنها المرة الأولى التي يقوم فيها أحد أبناء مخيم عين الحلوة بالإعداد لتلك العمليات الإرهابية وبكلّ تفاصيلها. وما وضع أمام القيادة الفلسطينية من معلومات خطيرة مصحوباً بإصرار غير معهود، وأنّ تسليم المطلوب «السيد» ليس كسابقيه، الأمر الذي أخذته الفصائل على محمل الجدّ. ومن لحظتها عملت الفصائل بكلّ طاقتها من أجل تجنيب المخيم وأهله ويلات ما قد يُعيد مأساة مخيم نهر البارد إلى الواجهة، وإلى ما انتهى إليه من خسائر فادحة على الجانبين الفلسطيني واللبناني بسبب جرائم ما سُمّي بتنظيم «فتح الإسلام». مع الأخذ بعين الاعتبار كلّ ما يحيط بتلك القضية الخطيرة من مخاطر لجهة أنّ في المخيم مجموعات تدين بالولاء إلى مسمّيات داعش والنصرة وغيرها والمتهمة أنها متورّطة تنفيذاً أو تخطيطاً أو إيواء أو تعاطفاً لأشخاص مطلوبة للقضاء اللبناني.

ما انتهت إليه عملية إلقاء القبض على المطلوب خالد مسعد «السيد»، وهو الأخطر والأثمن بالنسبة للأجهزة الأمنية اللبنانية، إنما يؤكد أنّ الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية أصبحت قادرة على التحرك من أجل حماية المخيم الفلسطيني وعنوانه الوطني الكفاحي، وعدم السماح بأن يكون مقراً أو مستقراً لأحد يعمل من خارج الأجندة الوطنية الفلسطينية الحامية لحق العودة. وبالتالي تلك العملية النظيفة وما رافقها من ارتياح على المستويين الفلسطيني واللبناني، تشكل فرصة من أجل رصّ الصف الفلسطيني في لبنان، لأنّ التحديات تتعاظم، مما يفرض على القيادات الفلسطينية أن تغلق أبواب التباين والخلافات بينها، خصوصاً ما برز مؤخراً من تأجيل لاجتماعات القيادة السياسية على خلفية مقالة تناولت رئيس السلطة الفلسطينية. وهنا ليس المطلوب من طرف واحد أن يتقيّد بل المطلوب من الجميع الابتعاد عن تناول الآخر، لأنّ استمراره يسيء أولاً للكلّ الفلسطيني، وثانياً يلحق الضرر بصورة المرجعية وهي المهتزة أصلاً أمام جمهورها، وما البيانات التي صدرت مرحبة بعملية القبض على خالد مسعد من الأطر الإئتلافية كلّها إلاّ دليل على ذلك.

تسليم المطلوب الأخطر في مخيم عين الحلوة إلى الجيش والأمن العام خطوة مسؤولة تصبّ في مصلحة أمن مخيم عين الحلوة أولاً ومن ثم لبنان، وتعزيزٌ للعلاقات الفلسطينية اللبنانية. وهو إنجاز يسجّل في خانة عصبة الأنصار وحركة حماس والفصائل الفلسطينية التي أكدت أنها ماضية اليوم وأكثر من أيّ وقت في الضرب بيد من حديد لكلّ من تسوّل له نفسه النيل من مخيماتنا ومكانتها وعنوانها الوطني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى