مبادرات تطوّعية من الشباب السوري للنهوض بالبلاد عبر تعزيز قدرات الأطفال والمراهقين
لأجل الحبّ غنّى كبّار الفنانين، لأجل السلام استُشهد أشرف الرجال، ولأجل الأمل بادر الشباب السوري الطامح إلى سلسلة أنشطة خدماتية وترفيهية في معظم مناطق دمشق وحلب وطرطوس واللاذقية، وذلك تعزيزاً للطموح السوري في نهضة البلاد من جديد، وأفضل ما كان.
شعار السلام والأمل عنوان هذه المبادرات الشبابية الواعدة، لا يتردّدون في المساعدة، خصوصاً لأطفال فقدوا الرعاية العائلية وسط الحرب على سورية. ربما هذه المشاريع ليست بجديدة على طموح الشباب، فالشعب السوري عُرف على مرّ السنين بقدرته العالية في التطوير والتحسين، ومواكبة الأفضل في كافة المجالات. أن تهزم القوّة أمر طبيعي، لكن عزيمة هؤلاء لا يغلبها الموت، فكلما صمد الشعب تعاظمت العزيمة.
نعرض في هذا التقرير بعضاً من مبادرات الشباب السوري في إضفاء الأمل والمحبة على حياة الأطفال وذوي الشهداء.
مشروع «همّة» في حمص
مبادرات عدّة أطلقها مؤخراً يافعو مشروع «همّة» المنفذ بالتعاون بين فريق «عون للإغاثة والتنمية» ومنظمة «يونيسف»، بهدف النهوض بالمجتمع والعمل على تحسين الواقع المعاش عبر أنشطة خدمية وترفيهية منوّعة لاقت إقبالاً كبيراً في أوساط الفئات المستهدفة.
وعن هذه المبادرات أعرب رسمي السراج مدير المشروع، أنّه أطلق مؤخراً عدّة مبادرات منها «بسمة فطر» استهدفت الأطفال الذين فقدوا الرعاية العائلية، لمشاركتهم فرحة العيد، تضمّنت المبادرة خمس حفلات أطرتها أنشطة مسرحية وترفيهية في أيام عيد الفطر السعيد.
أما المبادرة الثانية فجاءت تحت عنوان «هديتي من صنعي» قام خلالها خرّيجو دورة الفنون اليدوية التابعة للمشروع المنفذ بالتعاون مع «يونيسف»، ومشاركة اليافعين بإهداء يافعات «الجمعية الخيرية الإسلامية» حقائب نسائية صنع يدوي، من نتاج ما تعلّموه خلال الدورة، بغية إدخال الفرح إلى قلوبهن وتعزيز الثقة لدى المتدرّبات.
نادي «بنك الإبداع لليافعين»
استقطب نادي «بنك الإبداع لليافعين» خلال حزيران الماضي عدداً كبيراً من الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 9 و14 سنة، لاختيار أحدهم كمتفوق في المجالات التي تشمل التعليم التفاعلي وإعادة التدوير وتعلّم اللغتين الانكليزية والفرنسية. يستمر النادي باستقبال الأطفال حتى نهاية الشهر الحالي.
النادي الذي أطلقته مكتبة الأطفال العمومية في مقرّها في اللاذقية بالتعاون مع مؤسسة «تنامي ترين للتدريب»، يعتبر أولى ثمار التنسيق بين الجانبين. كما لفتت المديرة التنفيذية للمكتبة عدوية ديوب إلى حرص الجانبين على تقديم طرح جديد بمحاور متنوعة بما يمكن من تنمية قدرات الأطفال وتطويرها، ليكون واحداً من الأندية الموجودة ضمن برنامج المكتبة الصيفي الحالي، ما يتيح المجال لتبادل الخبرات وعرض أساليب تدريبية جديدة، خصوصاً أن مدرّبي «تنامي ترين» أشرفوا بأنفسهم على إدارة الجلسات وتنفيذ البرنامج.
الاهتمام بالتعليم التفاعلي وإدراجه كأحد محاور النادي يأتي من أهميته في مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره وأفكاره على حدّ تعبير المدرّبة ميريام كروم المتخصّصة في هذا المجال إلى جانب اللغة الانكليزية. كما تشير كروم إلى أنه يتم التركيز في النادي على الأنشطة والألعاب التعليمية التي تجعل الطفل يعمل بروح الفريق الواحد، فيتعلم تقدير الذات وتزيد قدرته على حلّ المشكلات والتخطيط، ما ينعكس على حياته في اتخاذ القرارات الصحيحة لمستقبله.
كذلك حظيت جلسات إعادة التدوير باهتمام شريحة واسعة من الأطفال واليافعين، اذ تعرب الفنانة التشكيلية رانية ضاهر بهذا الخصوص أن هذا المحور يهدف إلى توعية الجيل الناشئ بأساليب الحفاظ على البيئة، إضافةً إلى مفهوم الاقتصاد المنزلي حيث يتعلّمون الاستفادة من أشياء غير ضرورية في البيت بصنع أغراض مفيدة.
من جهتها عبّرت عليا اليوسف والدة الطفلة عرين سيلمان ذات السنين التسع عن إعجابها بمبادئ النادي، لا سيما محور إعادة التدوير الذي يجعل الطفل يشغل حواسه كافّة، لاكتشاف مكامن الجمال لافتة إلى تفاعل الأطفال مع الجلسات المقرّرة التي يتعرّفون خلالها على أساليب مبتكرة في تشكيل الأشياء تطرحها المدرّبات بطريقة سلسة وجذابة.
وفي سياق متصل، يسعى فريق النادي لنشر أفكاره على أوسع نطاق، وذلك بالتعاون مع مؤسسات وجهات أهلية عديدة، تتلاقى رؤاها مع طروحات النادي الذي سيكون حريصاً في المراحل القادمة على التوجّه بمبادرات تشمل ذوي الأطفال والتعاون معهم للخروج بأفضل النتائج.
فريق «صبايا حمص التطوّعي»
خمس عشرة متطوّعة من فريق «صبايا حمص التطوعي» شاركن منذ أيام في حفل تكريمي لذوي الشهداء في محافظة حمص تقديراً لتضحياتهم وعطاءاتهم الواسعة خلال سنوات الحرب، حيث جاء التكريم بمثابة وقفة تضامنية متجددة لدعم أسر الشهداء وتمتين روابط التواصل الاجتماعي معهم.
كرّمت خلال الحفل 150 سيدة من ذوي الشهداء، حيث لفتت يانا سلوم مؤسسة الفريق إلى أن إحدى فقرات الحفل خصّصت للتعريف بنشاطات الفريق الذي عمل على دعم المجتمع المحلي والارتقاء به عبر تمكين الشرائح الاجتماعية المختلفة، وبناء قدراتها، وفي مقدّمها النساء والأطفال.
«أبناء الشمس»
أطلق مشروع «سيار» مؤخراً برعاية الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، بالشراكة مع اثنتي عشرة مؤسسة وجمعية وفرق تطوعية وتنموية، فعالية «يوم أبناء الشمس» الخاص بالأطفال المهمّشين بهدف لفت نظر المجتمع إليهم، ودعمهم لتجاوز الظروف الحياتية الصعبة التي آلت بهم إلى فقدان الرعاية الأسرية.
وأوضحت سامية نحاس من مؤسّسي المشروع أنه جرى تحديد يوم الأول من تموز لإطلاق هذه الفعالية السنوية بدءاً من دمشق إلى حلب، طرطوس، اللاذقية، حمص والسلمية، حيث تتضمّن الأنشطة المقرّرة فعاليات مختلفة موجّهة للأطفال فاقدي الرعاية الأسرية.
وتتضمن الأنشطة بحسب نحاس إطلاق رسائل محبة وسلام من هؤلاء الأطفال للعالم أجمع، وهو نشاط تسبقه فعاليات متنوعة كتنظيف الحدائق وألعاب الأطفال والمسابقات، ثم توزيع الهدايا على الشريحة المستهدفة من قبل المتطوعين الشباب.
وتابعت: تتضمن لأنشطة فقرات تعليمية وتوعوية وتنشيطية وترفيهية بدأت على إثر إطلاق فرق جوالة في الشوارع لتحضير هؤلاء الأطفال، واستقبالهم ضمن برامج مخصّصة، جرى العمل عليها بشكل مدروس من قبل اختصاصيين في عدد من الفرق المشاركة لتنتهي الفعالية بإطلاق حمامة السلام كدعوة إلى المحبة والسلام من «أبناء الشمس» إلى العالم أجمع وتكون رمزاً لهذا اليوم.
وقالت نحاس إنّ فعالية «أبناء الشمس» تقام بالشراكة مع جمعيات ومراكز مجتمعية ومؤسّسات وفرق تطوّعية مختلفة، وأخذت فِرق كثيرة على عاتقها إنجاز الفعالية في عدّة مدن سورية. والفرق هي: مشروع «سيار»، مجموعة «وتد التربوية الموسيقية»، مجموعة «فضا»، مؤسّسة «مبادرون»، مركز «نحل المجتمعي»، مركز «زهرة اللوتس»، ومبادرة «شارع الحياة» في حلب، وفريق «دوبامين» في حمص، وجمعية «فضا للتنمية المجتمعية» في طرطوس، وجمعية «الريادي السوري»، وجمعية «أصدقاء سلمية».