كتاب مفتوح إلى لبنان الرسمي والحزبي والسلطة الفلسطينية ومعارضتها وإلى العرب كلّهم

بلال شرارة

رغم الحصار المطبق تتدفق المخدّرات إلى قطاع غزة بشكل كبير ومنظم. وعندنا وبرغم التحرير تتدفّق المخدرات إلى المنطقة الحدودية وعمقها اللبناني.

ربما يكون من مقتضيات عملية التحرير والسلطة كما الثورة رفع الاحتلال بواسطة المخدرات عن الناس، وخصوصاً الشبان.

أنا لا أملك إحصائيات، ولم أجتهد في العمل للحصول عليها، عن حجم الكارثة المتأتية عن الاتجار وتعاطي المخدرات في المنطقة الحدودية من جنوب لبنان، ولا في العمق اللبناني، إذ إنني لا أفهم في هذه المسألة ولا في أنواع المخدرات والأضرار التي يمكن أن تتسبّب بها، ولكني أعلم علم اليقين أنّ المخدّرات تسللت الى مختلف شرائح الناس، خصوصاً إلى الشبان، وأنّ أحداً من المختصّين أو من القيادات يريد أن يظهر اهتماماً خاصاً وأن يقوم بمبادرات لاعتقال التجار والمروّجين وإغلاق الأبواب والنوافذ أمام تسلّل المخدرات إلى مدننا وبلداتنا وقرانا، وخصوصاً إلى الشبان الذين لا يجدون فرص عمل وهم يقضون أوقاتهم يدخنون النارجيلة أو يجلسون في دوائر خاصة مغلقة.

إنّ آفة المخدّرات تشكّل تحدياً إضافياً للدولة والقوى السياسية، خصوصاً قوى المقاومة، ولمؤسسات المجتمع المدني التي يجب أن تكون أولى أولوياتها نشر وعي حول أخطار المخدرات.

أقول لقد نجحت المقاومة في تحقيق شعار التحرير، وإن كان على لبنان استكمال تحرير أرضه في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا واستكمال ترسيم حدوده البرية في القاطع الشرقي وترسيم حدوده البحرية، ولكن لا زال على لبنان العمل لاستكمال تحرير أرضه المحرّرة من الألغام والقنابل العنقودية «الإسرائيلية» التي تنتشر على طول حدوده وفي عمق مناطقه المحرّرة ولا زال عليه أيضاً تحرير شعبه من آفة المخدرات وهذه ليست بالمهمة السهلة.

على الصعيد نفسه يواجه قطاع غزة المحاصر عملية ممنهجة ومنظمة لإدخال المخدرات إليه بكميات كبيرة لإخضاعه لأهداف سياسية، خصوصاً خلال العامين الأخيرين ، حسب المتحدث باسم وزارة الداخلية.

وتشير المعلومات إلى أنّ تهريب المخدرات الى القطاع يتمّ عبر الحدود الشرقية مع «إسرائيل» والحدود الجنوبية مع مصر. وتقول مصادر المعلومات إنّ هناك نحو عشرة آلاف مدمن في القطاع. طبعاً الوقائع في مناطق السلطة الفلسطينية ليست أفضل حالاً .

أنا أزعم أنّ المخدّرات كالإرهاب تتطلّب تعاوناً كاملاً بين مختلف السلطات العربية، حيث إنّ المعلومات تشير إلى أنّ مختلف الكيانات العربية تعاني من ازدياد هذه المشكلة، خصوصاً البلدان العربية المضطربة، حيث تحوّل المخدّر مادة حربية! وهذا التعاون يستدعي العمل على تجفيف مصادر المخدرات والتصدّي لعمليات عبورها الحدود وتفكيك عصابات الاتجار بها عبر المنطقة، ويستدعي كذلك خططاً وطنية لحماية الناس من تهديدهم بتنامي حالات تعاطي المخدرات.

أنا على المستوى الوطني أبعث بهذه المقالة ككتاب مفتوح إلى مختلف السلطات اللبنانية والقوى السياسية عندنا، وكنت أرى أنّ المخدّرات كتهديد عام عابر للطوائف والمذاهب تستدعي أن توضع على طاولة اجتماع بعبدا، إذا عاد وانعقد. وتستدعي – المخدرات – أن توضع على خرائط عمليات الجيش والأجهزة الأمنية وعلى خرائط عمليات المقاومة. وعلى المستوى الفلسطيني تستطيع السلطة وحماس الاحتفاظ بخلافهما وأسبابه، ولكن لا بدّ من اتفاقهما على وسائل التصدي لهجوم المخدرات المعادي والمتمادي. وأعتقد أنه من الضرورة بمكان أن يحتلّ موضوع المخدرات سلّم الأولوية في المحادثات الرسمية بين السلطة الفلسطينية ومصر، وكذلك بين حكومة حماس والدحلان ومصر… وأجزم أنّ آفة المخدرات باتت تستدعي انعقاد مجلس وزراء الداخلية العرب وتشكيل غرفة عمليات عربية لخوض الحرب ضدّ مافيات المخدّرات التي باتت تمثّل تهديداً يكاد يساوي داعش .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى