تفاهمات حماس دحلان بين الدوافع والتساؤلات

رامز مصطفى

ليس هناك عاقل أو وطني في الساحة الفلسطينية لا يطمح أو يتطلع إلى إنهاء الأزمات الداخلية التي تعيشها ساحتنا منذ أكثر من عقد من الزمن. وبالتالي أن يبارك أية خطوة تقاربية بين القوى السياسية الوطنية منها أو الإسلامية، ولكن من حق هذا العاقل أو الوطني أن يسأل أو يتساءل، لماذا تلجأ القوى عندما يحصل التقارب أو التفاهم في ما بينها إلى لازمة أنّ المصلحة الوطنية وحماية القضية وعناوينها ومواجهات التحديات وتعاظمها هي الدافع وراء هذا التقارب أو التفاهم. ألم تكن موجودة المصلحة الوطنية وحماية القضية وتعاظم التحديات ومواجهتها خلال السنوات بل العقود السابقة؟ وهي ستبقى في أولويات النضال والكفاح الوطني الفلسطيني ومبرّر استمرارها ووجودها.

وإنْ كان يجب الإبقاء على تلك اللازمة حاضرة على الدوام في تفاصيل الحياة السياسية والوطنية لعموم القوى والفصائل الفلسطينية، ولكن يجب الانتباه والتنبّه ألاّ تكون الشماعة التي تعلق عليها أسباب ومسبّبات الانقسام أو التقارب والتفاهم. وأجزم كما الكثيرين أنه وفي أغلب الأحيان والأوقات والمراحل أنّ التقارب والتفاهم بين الفصائل والقوى تمليه إما المصالح، أو استجابة لضغوط خارجية على كلا الطرفين، أو الإثنتين معاً. وهذه هي حال التفاهمات الأخيرة بين حركة حماس ودحلان، حيث الدوافع التي وقفت خلف تلك التفاهمات وما سينتج عنها تحديداً في قطاع غزة، هي التطورات السياسية الأخيرة منذ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة السعودية في أيار الماضي، والتي كان من أولى تداعيات الحرب السياسية والإعلامية والاقتصادية والتهديد باستخدام القوة، بين كلّ من السعودية ومصر والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، وهي المتهمة بتصدير الإرهاب والإرهابيين وجعل الدوحة ملاذاً آمناً لقياداتهم وفي مقدمتهم «الإخوان المسلمين» وقيادة حركة حماس من ضمنهم، وإشارة البدء كانت بما قاله ترامب في وصفه حماس على أنها إرهابية، إلى جانب كلّ من حزب الله وتنظيم داعش.

وإن حصلت تلك التفاهمات فهي غير كافية، خصوصاً أنها جاءت على خلفية الصراع الذي تشهده الساحة العربية والإقليمية التي أسلفنا الحديث عنها، من خلفية الاستحواذ على ورقة حماس بعد أن ضاقت بها المساحات بعد المطالبة الواضحة والصريحة أن تغادر قياداتها الدوحة، مما يعني كفّ اليد القطرية إنْ لم نقل بترها أو قطعها عن الساحة الغزاوية، وإنهاء أيّ وجود لها، لا من خلال الإعمار أو المشاريع الأخرى سواء الاقتصادية أو السياسية التي برّرت الدوحة تدخلها مع حركة حماس جاء وفق تفاهمات مع الإدارة الأميركية على ذلك، و«إسرائيل» ليست بعيدة عن ذلك. وعدم كفايتها لسببين، أولهما أنّ تفاهمات حماس ودحلان قد بدت أنها جاءت في مواجهة السلطة وفتح ورئيسهما أبو مازن، وهو المتهم من قبل حماس وغيرها أنه يتحمّل مسؤولية مضاعفة معاناة أهلنا في القطاع عبر الإجراءات العقابية التي اتخذها من تخفيض 30 بالمائة من رواتب الموظفين في القطاع، الى رفض دفع فاتورة ثمن كهرباء القطاع للشركة «الإسرائيلية»، والطلب منها بتخفيض تزويد القطاع بالكهرباء، وعمليات التقاعد المبكر القسرية بحق العاملين في السلطة في القطاع ووقف التحويلات الطبية للحالات المرضية الخطيرة وغيرها. هذه التفاهمات ستزيد من تعقيد المشهد الداخلي على الساحة الفلسطينية، وثانيهما أنّ هناك تشكيكاً من قبل الفصائل في أبعاد هذه التفاهمات وما سيترتب عليها من تقاسم للدور بين حماس ودحلان في قطاع غزة، خصوصاً أنّ تسريع الخطوات في هذا الاتجاه أملته الخلافات وتطوّراتها التي لا تزال تتدحرج بين الدول الخليجية زائد مصر، التي أخذت على عاتقها وبمباركة حلفائها الخليجيين ولربما الأميركي وعدم اعتراض «إسرائيل» في تطبيع علاقاتها المتدهورة مع حماس، وهي المتهمة في إيواء عدد من المطلوبين الخطيرين للأجهزة الأمنية والقضائية المصرية.

هذه التفاهمات، هل ستكون أفضل من سابقاتها؟ وهل ما أفشلته الدول الإقليمية ومعها الكيان «الإسرائيلي» في السابق من اتفاقات بين حماس وفتح، ستعمل على إنجاح تفاهمات حماس دحلان؟ وكم سيستمرّ شهر العسل المصري الحمساوي؟ خصوصاً بعد الهجمات الإرهابية في منطقة رفح والتي أدّت إلى استشهاد عشرة من أفراد القوات المسلحة المصرية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى