«القومي» يجمع الحلفاء في احتفال سعاده قانصو: حاوروا سورية رعد: مع الجيش خليل: النسبية الكاملة نقولا: الهوية المشرقية يوسف سعادة: الإرهاب يحتضر كيدانيان: وحدة الحياة مراد: فلسطين البوصلة
كتب المحرّر السياسي
تناغم التوقيت بين الحدثين السوري والعراقي لم يكن مجرّد مصادفة، فنهاية داعش في الموصل بدت وشيكة يوم تحفّز المتحاورون الأميركيون والروس في عمان تحت عنوان تفصيلي هو مواكبة تحضيرات لقاءات أستانة بتفاهمات تخصّ جنوب سورية، بينما كانت القمة الرئاسية قيد التحضير، والسؤال المحوري في العقل الأميركي كما عبّرت عنه المواقف المعلنة: كيف سيتمّ تقاسم تركة داعش؟ تلك التركة التي صارت وشيكة وما عاد ممكناً منعها، ولا الرهان على إدارة تأخيرها، والتي بات أوضح أنّ تركها القرار بشأنها للميدان سيعني مع انتقال المعركة الفاصلة مع داعش بعد سقوط دولته التي أعلنها من الموصل، إلى دير الزور حيث ستكون في حضن سورية وحلفائها وفي مقدّمتهم إيران وحزب الله والحشد الشعبي العراقي، والأميركيون و«الإسرائيليون» يقولون علناً، إنهم يفضّلون بقاء داعش على أن يكون الوريث إيران وحزب الله وحلفاءهما. وكلما بدا أنّ بقاء داعش مستحيل كانت موسكو تقول، البديل الواقعي هو التسليم طوعاً بالجيش السوري والدولة السورية والرئيس السوري، وارتضاء روسيا ضامناً للتفاهمات.
تحرّرت الموصل وسقطت دولة الخرافة ومعها سقط مشروع إدامة الفوضى وإدارتها الذي اشتغل عليه الأميركيون، فجاءت تفاهمات هامبورغ بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين أكبر من هدنة في جنوب سورية، بل بداية مسار التسليم بالدولة السورية ورئيسها وجيشها إطاراً للتسوية الأقلّ صعوبة من مفاجآت الميدان، وتسارعت المساعي لتسوية مشابهة في أوكرانيا للبدء بتنفيذ وعد رفع العقوبات الأميركية على روسيا.
على خلفية النصر الذي بذل محور المقاومة التضحيات والانتظارات للفوز به، كان الاحتفال المركزي للحزب السوري القومي الاجتماعي تحية لزعيمه ومؤسسه أنطون سعاده في ذكرى استشهاده، مناسبة لمّ شمل الحلفاء وتظهير وحدة المواقف بعد ما أصاب الصفّ الواحد من صدوع رئاسية وسياسية.
تحدّث على منبر سعاده وزير المالية علي حسن خليل ممثلاً رئيس مجلس النواب، مشدداً على السير نحو النسبية الشاملة كنقطة لقاء لمعارك الحلف المقبلة، باعتبار ما تحقق نقطة بداية، لكنها غير كافية بما حملت من تشوّهات في القانون الجديد، كما تحدّث ممثل التيار الوطني الحر النائب نبيل نقولا، مشدّداً على المشترك في فهم الهوية المشرقية كأرضية تجمع لا تفرّق. وكانت كلمة تيار المردة للوزير السابق يوسف سعادة عن حتمية انتصار المقاومة على الإرهاب، وكلمة حزب الطاشناق للوزير أواديس كيدانيان لتأكيد وحدة الحياة بمفهومها الملاصق للكرامة. وأضاء الوزير السابق عبد الرحيم مراد رئيس حزب الاتحاد على فلسطين البوصلة، ليتوقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عند النصر المقبل حتماً والمزيد من الحصاد اللبناني منه، داعياً الحكومة لوقف الدلع في العلاقة بسورية وهو ما شكل جزءاً هاماً من كلمة رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو الذي دعا لحسم أمر التواصل مع الحكومة السورية بلا تردّد، متوقفاً أمام أزمة النظام السياسي القائم على الطائفية وما يعيق من تقدّم وعصرنة متمسكاً بالنسبية الكاملة خارج القيد الطائفي كإطار لقانون انتخاب جديد، مجدّداً تأكيد جهوزية القوميين لمواصلة مسيرتهم المقاومة مع حلفائهم وشركائهم، بوجه خطر العدوان والاحتلال كما بوجه الإرهاب والتكفير، ليشكل الموقف الداعم للجيش اللبناني في معاركه بوجه الإرهاب وحملات التشكيك، الجامع بين الكلمات.
أقام الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً حاشداً بمناسبة الذكرى الـ 68 لاستشهاد مؤسس الحزب الزعيم أنطون سعاده، في قصر الأونيسكو. وتخلّل الاحتفال إلى كلمة رئيس «القومي» الوزير علي قانصو، كلمات لكل من تيار المردة، حزب الاتحاد، حزب الطاشناق، التيار الوطني الحر، حركة أمل، وحزب الله.
ولفت الوزير السابق يوسف سعادة إلى أنه «من المهم والمفيد جداً أن تدخل ثقافة النسبية إلى حياتنا السياسية، فيتمثل الجميع في المجلس النيابي، ويتم الإقلاع عن نظريات الإلغاء التي دفعنا ثمنها غالياً». من جهة ثانية أشار الوزير سعادة إلى أن «نموذجَيْ «اسرائيل» والطائفية يشكّل لبنان المتنوِّع عدوّاً لدوداً لهما فالنموذج اللبناني هو نقيض العنصرية «الإسرائيلية»، وإرهاب «داعش» وأخواتها. من هنا، ومن على منبر أنطون سعاده، واجب علينا أن نوجّه بفخر التحية إلى المقاومة التي قاتلت «إسرائيل» وانتصرت عليها، وهي في معركتها اليوم تواجه الإرهاب، وستقضي عليه. كذلك نوجّه التقدير لجيشنا اللبناني ولقوّاتنا الأمنيّة التي تسطّر كلّ يوم عملاً بطوليّاً ضدّ الإرهاب المتربّص بنا».
وأمل رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد في هذه الذكرى «أن تتطوّر مستقبلاً الصيغة النسبية المنقوصة والمشوّهة التي أقرّت حالياً، وأن تتحوّل في قانون الانتخابات المقبلة إلى صيغة النسبية الكاملة من دون أي تشويه». وأشار من ناحية أخرى إلى أن فلسطين قضية أمّتها بمقدار ما هي قضية شعبها، وأنّ أرضها كلّها حقّ للمواطنين الفلسطينيين الأصليين، وأنّها ليست موضوع مساومة وحلول مجتزأة، وأنّه ليس من حقّ أحد أن يصادر حقوق الأجيال المقبلة في تحريرها.
وأكد وزير السياحة أواديس كيدانيان أن «الزعيم أنطون سعاده عاش في حقبة زمنية معيّنة، لكنه استشرف المراحل التاريخية كلّها بفضل رؤيته وبصيرته ونظرته الثاقبة. فرأى المستقبل واستشفّ من الماضي ليعرف كيف يتمّ الحفاظ على الأرض والوطن.
ولفتَ إلى أنّ «سعاده بفكره العظيم لم يكن رجل سياسة، بل وضع أساساً للحياة والمجتمع، لأنّ السياسة الراقية لا يمكن أن تكون منفصلة عن المجتمع الذي يؤمّن لها ديمومتها، ولعلّ ما يجمع بين الحزبَين القومي والطاشناق هو الاهتمام بالمجتمع والعمل لأجله، فنحن من الشعب وللشعب».
وأشار كيدانيان الى تشديد سعاده على دور الأخلاق في التعاطي بالعمل السياسي، لافتاً الى أن هذا ما نفتقر له في حياتنا السياسية لجهة غياب المناقبية والأخلاق. واستشهد كيدانيان بقول سعاده إننا «أمة تحبّ الحياة لأنها تحبّ الحرية، وتحبّ الموت متى كان الموت طريقاً إلى الحياة»، مؤكداً «أننا سنعمل من أجل أن تستمرّ هذه الحياة انطلاقاً من الوحدة الاجتماعية بين مختلف أبناء هذا الوطن، وبعيداً عن المذهبية والطائفية». فأنطون سعاده أشار الى أن «اقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض».
وقال النائب نبيل نقولا «حياتنا حكايةُ نضالٍ متجدّدٍ نعيشُها يوميّاً لتثبيتِ الربيعِ في أرضِ وطنِنا المشرقيّ، والّتي تنهارُ حضارتُها يوماً بعدَ يوم، حتّى بِتْنا نشعرُ أنّنا بحاجةٍ ماسّةٍ إلى سعاده كي يَأتِيَ كلَّ يومٍ ليُنقذَنا من طغاةِ الانحطاطِ والانهيار». ولفت إلى «أنّ كلَّ ما فينا هوَ منَ الأُمّة، وكلَّ ما فينا هوَ للأُمّة». وأضاف: «نَقِفُ اليومَ، والعماد ميشال عون رئيسًا للجمهوريّةِ اللبنانية، لنضعَ قلوبَنا وأيديَنا وأكتافَنا للنضالِ معًا من أجلِ الحرّيّة. فَلنتكاتَفْ من أجلِ مساعدةِ رئيسِ الجمهوريةِ في مسيرةِ بناءِ الدولةِ، ومن أجل إيجادِ الحلِّ العادلِ والشاملِ للقضيّةِ الفَلسطينيّةِ، وضمانِ حقِّ العودةِ للاجئينَ الفَلسطينيّينَ ووقفِ الممارساتِ العدوانيّة بحق الشعب الفلسطيني، ومن أجلِ حلِّ مشكلةِ النازحينَ السوريّينَ عبرَ تسهيلِ عودتِهِم الآمنةِ إلى بلادِهم».
وتابع: «فَلنتكاتَفْ وفخامةَ رئيسِ الجمهوريّةِ من أجلِ صَوْن السِّلمِ الأهليّ، ورفضِ تحويلِ لبنانَ مقرًّا أو ممرًّا للإرهابِ، أو إقامةِ منطقةٍ عازلةٍ داخلَ حدودِنا.
وقال وزير المال النائب علي حسن خليل «نرى بشائر النصر باستعادة السيادة على الأراضي السورية كاملة وانهزام القوى الإرهابية بمختلف مسمّياتها، التي شكّلت عصب الإرهاب في المنطقة والعالم واستفادت من الدعم والرعاية طوال عمر الأزمة من بعض الذين يحاولون النفاذ إلى الواقع السوري بمسمّيات وأشكال مختلفة. وأكد أنه من المصلحة الوطنية اللبنانية، بل من الواجب التواصل مع حكومتها من أجل نقاش مسألة عودة النازحين».
وأضاف: «عملنا مع الحزب السوري القومي الاجتماعي على تطوير نظامنا السياسي، وناضلنا من أجل الوصول إلى قانون جديد للانتخابات على أساس النسبيّة الصحيحة والكاملة. وهو طريق جمعنا دوماً، لكن ما حقّقناه هو خطوة على هذا الطريق لا تعكس طموحاتنا، ولكنّها تضعنا على السكّة لاستكمال العمل من أجل إخراج وطننا من العقليّة الطائفيّة البغيضة التي ما زالت تتحكّم في سياسة البعض، وفتح المجال أمام بناء الدولة العادلة على أساس الانتماء الوطني الخالص والكفاءة النزيهة».
وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «لقد تغيّر المشهد كله بفعل صمود سورية وحلفائها، وبدأ التصدّع يظهر جلياً في محور العدوان، ولبنان معني بملاقاة هذا التغيير وعليه أن يحزم أمره وطنياً واستراتيجياً، وعلى الحكومة أن تكفّ عن بعض الدلع والمزاح في مقاربة المسائل الكبرى، إن هناك بؤراً إرهابية لا تزال في جرودنا ولا يجوز أن تبقى، وهناك حواضن لا يجوز أن تتطاول على الجيش إذا ما أدّى مهمة وطنية، في التعامل مع الإرهاب المتلطّي بها، وأن الفساد في لبنان ليس قدراً لا يمكن مواجهته، كما أن مواجهته تتطلّب البرامج والآليات بعيداً عن المزايدات، فإن أبرز وجوه الفساد هو المحاصصة والتطييف الإداري الإنمائي والخدمي، فإن مهزلة الكهرباء لا بدّ أن تنتهي، وسلسلة الرتب والرواتب ينبغي أن تقرّ، وقطع الحساب والموازنة يجب إنجازهما وعدم تأخيرهما».
من جهة أخرى لفت رعد إلى أن ليس من طريق لمعالجة ملف النازحين السوريين بسرعة وجدية سوى التفاهم المباشر بين حكومتَيْ لبنان وسورية. فالرهان على الأمم المتحدة مضيعة للوقت وتسويف لا طائل منه.
كلمة الختام ألقاها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو الذي لفت إلى أن تطوير النظام السياسي باتجاه لا طائفي هدف سنبقى نناضل من أجله، ومدخل هذا التطوير قانون للانتخابات النيابية، ولكن ليس القانون الذي تمّ التفاهم عليه، فقانون الـ 15 دائرة، صحيح أنه اعتمد النسبية لكن قيام هذا القانون على 15 دائرة انتخابية جعل النسبية عاجزة عن تحقيق الغرض الإصلاحي الذي ننشده، فكيف اذا اضفنا الى هذه العلة جعل الصوت التفضيلي على القضاء بدلاً من الدائرة، وعدم تخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة، لكل هذه الشوائب وغيرها تحفّظنا عن هذا القانون. وإننا سنستمر في النضال من أجل قانون جديد يقوم على لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبية ومن خارج القيد الطائفي.
وقال «إننا نحيي فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على جملة من الأفكار الإصلاحية التي تضمنتها ورقته الى لقاء بعبدا، نحييه على دعوته الى انتقال كامل نحو الدولة المدنية الشاملة، وعلى دعوته الى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، كما نحيّي فخامة الرئيس على دعوته إلى اقتصاد يقوم على الإنتاج وهذا ما نادى به سعاده منذ تأسيس الحزب في العام 1932، ولكن كل هذه الأفكار في ورقة فخامة الرئيس تحتاج الى سياسات وبرامج عمل تترجمها، وإلا فستبقى حبراً على ورق».
وتابع: ما بين لبنان وسورية وحدة جغرافيا، ووحدة مصالح، ووحدة مصير، مصلحة لبنان أن تكون العلاقة بين الدولتين مميّزة، كما نصّت وثيقة الوفاق الوطني، ولذلك دعونا الى فتح قنوات الحوار مع الحكومة السورية، وحول ملفات مشتركة وفي طليعتها ملف النازحين السوريين إلى لبنان، فهل يجوز أن لا ننسق مع الحكومة السورية في هذا الملف لتخفيف أثقاله على لبنان واللبنانيين؟ والإرهاب الذي يضرب سورية هو نفسه الذي يضرب من وقت إلى آخر لبنان، وقال: بفضل موقف حلفائها الداعم لنهجها وقيادتها ودولتها ووحدتها ستنتصر سورية على الإرهاب، وإن هؤلاء الحلفاء ونحن منهم رأوا في الدفاع عن سورية دفاعاً عن الأمة كلها، دفاعاً عن فلسطين أولاً، ودفاعاً عن العراق ودفاعاً عن لبنان».
وتابع قانصو متوجّهاً الى القوميين بالقول: ها هو حزبكم يخوض حرب الوجود ضدّ عصابات القتل والإجرام على أرض سورية، ها هم نسور الزوبعة يقاتلون الإرهاب، وهو الوجه الآخر للعدوّ الصهيوني الذي قاتله رفقاؤكم على أرض الجنوب وأرض فلسطين.
هل تقتنص الحكومة الفرصة الدولية المؤاتية؟
يحفل الأسبوع الطالع بجملة من الملفات العالقة والمعلّقة على حبال الخلافات السياسية التي برزت تداعياتها على الوضع الحكومي، كملف النازحين إذ يحول الانقسام حوله دون مقاربة مجلس الوزراء للملفات الساخنة كالتعيينات الإدارية والتشكيلات القضائية وخطة الكهرباء والمشاكل المعيشية.
مصادر سياسية تخوّفت من انعكاسات الخلاف السياسي حول ملف النزوح على الوضع الحكومي وعلى العلاقة بين أركان العهد الجديد وعلى تنفيذ بنود وثيقة بعبدا لإنقاذ البلد من المأزق المالي والاقتصادي والأمني الذي يرزح تحته، مشيرة لـ«البناء» إلى أن «لا حلّ لأزمة اللجوء إلا بالتواصل المباشر والرسمي مع الدولة السورية الذي حظي نظامها باعتراف دولي ويستقبل بشكل يومي الموفدين والمبعوثين الغربيين»، ولفتت إلى أن «سياسة النأي بالنفس وحياد لبنان قد فشلا في حماية لبنان من حملات النزوح التي شكّلت خطراً استراتيجياً على البلد ومن تهديد الإرهابيين أمنه واستقراره».
وأشارت المصادر إلى أن «بكركي تؤيد التواصل مع الحكومة السورية لحلّ الملف، لكن لن تعلن الأمر مخافة خلق شرخ جديد في البيئة المسيحية». وأبدت مخاوفها على الدولة والكيان في لبنان من تزايد النزوح السوري لا سيما على الواقع المسيحي لجهة العامل الديموغرافي الأمر الذي يتسبّب بخلل في التوازن الطائفي على المدى الطويل في ظل محاولات محلية وإقليمية ودولية لإبقاء النازحين في البلد وتكرار أزمة اللاجئين الفلسطينيين، ما يستوجب إعلاء الصوت من رئيس الجمهورية والقيادات المسيحية والبطركية المارونية لوضع الخلافات السياسية والموقف من الحكومة السورية جانباً والمطالبة بالإسراع بحلّ الملف ولو اقتضى الأمر التواصل مع النظام في سورية».
ورأت المصادر أن «الأمر يحتاج إلى خطوة رئاسية جريئة وحاسمة من رئيس الجمهورية بتكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التفاوض مع سورية كما يتطلّب موقفاً حاسماً وواضحاً من الحكومة اللبنانية قبل استفحال الأزمة، لأن استمرارها سيخلق تعقيدات جديدة ويصبح من الصعب اتخاذ قرارٍ حكومي للتواصل مع سورية».
ماذا طلبت السعودية والإمارات من الحريري؟
وبينما دعا رئيس الحكومة اللجنة الوزارية المختصة بمتابعة قضية النازحين السوريين للاجتماع يوم غدٍ للبحث في مستجداتها، رأت المصادر نفسها بخطوة رئيس الحكومة استدعاء قائد الجيش العماد جان قهوجي الى السراي الحكومي غداة عملية عرسال، مؤشراً سلبياً ويدلّ على التباعد بين رئاستي الجمهورية والحكومة.
وعلمت «البناء» أن «رئيس الحكومة طلب حضور قائد الجيش بناء على تعليمات من الخارج لاستفساره حقيقة ما حصل خلال تنفيذ عملية عرسال»، وأضافت معلومات «البناء» أن «سفيرَي السعودية والإمارات زارا الرئيس سعد الحريري خلال وجوده في المملكة وطلبوا منه اتخاذ موقف حاسم وواضح في مجلس الوزراء حيال ملف النازحين السوريين وعمل الجيش ودوره في عرسال وعلى الحدود مع سورية».
ضغوط خارجية خلف استدعاء قائد الجيش
مصادر مطلعة قالت لـ«البناء» إن «استدعاء رئيس الحكومة قائد الجيش في هذا التوقيت ليس في مكانه، وقد أتى بناءً على ضغوط خارجية، حيث يحاول الحريري إرضاء شارعه قبيل الانتخابات النيابية»، لكنها أوضحت أنه «لا يمكن لرئيس الحكومة أن يمنع القيادة العسكرية من استمرار تنفيذ مهامها على الحدود تحت أي ذريعة لأن البلاد في حالة حرب مع الإرهاب وخطر عسكري ووجودي ولا يمكن لأي مسؤول سياسي أن يقف في وجه عمل الجيش».
وأعلنت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني، أن «مديرية المخابرات أحالت لغاية تاريخه 13 موقوفاً سورياً من الذين أوقفوا خلال مداهمة المخيمات في عرسال، على القضاء المختصّ لتورّطهم في الأعمال الإرهابية، و135 موقوفاً سورياً إلى المديرية العامة للأمن العام لتجوّلهم على الأراضي اللبنانية بصورة غير قانونية، فيما أخلي سبيل 21 آخرين لعدم ثبوت ما يدينهم».
وحذّرت مصادر أمنية من ارتفاع درجة الأخطار على لبنان في حال استمرت أزمة النازحين على حالها، لا سيما مع حديث وزير الخارجية جبران باسيل قبل أيام عن «ارتفاع نسبة النزوح السوري إلى لبنان، حيث ستتحوّل مخيمات النازحين بيئات حاضنة للإرهابيين ما يصعب على الجيش والأجهزة الأمنية تنفيذ مهامهم أو شنّ أي عملية عسكرية». وحمّلت المصادر «المسؤولية لرئيس الحكومة والمستقبل والحكومة بمكوّناتها كاملة، داعية إلى عدم تكرار أخطاء العهد السابق والحكومات المتعاقبة التي أجلت حل الملف»، مشيرة الى أن «تأجيله مرة أخرى سيفجّر الأزمة بوجه الحكومة والعهد في وقتٍ قريب».