في محاكمة البطل حبيب الشرتوني.. انتظار حكم يليق بشرف القضاء!

د. لور أبي خليل

إن المعتقدات السياسية هي إلى حد كبير تشبه المنزل القائم على أساس ثابت أو على هيكل خائر. وتختلف هذه المعتقدات في فهم الحياة اليومية وفي فهم الانتماء إلى الوطن والعيش مع بشر يُصدرون أحكاماً تتعلّق بالأفضل والأسوأ وتقييمات أخلاقية وقيمية ومعيارية. فإذا أردنا معرفة الحقيقة بشكل منطقي نرى أن هناك نوعين من الإقناع:

الإقناع العقلاني والإقناع الخداعي الأول مبني على العقل والمنطق، والثاني على الكذب والخداع والمناورة. وهكذا نستطيع أن نميّز بين الصدق والكذب وبين المقاوم والعميل وبين الخطأ والصح.

وهنا نطرح السؤال التالي: ما هي الأسس المعقولة التي نملكها والتي تجعلنا نميز بين الإقناع العقلاني والإقناع الخداعي؟

إن الإقناع العقلاني يفترض أن تكون نقطة انطلاقه وارتكازه، بحسب هابرماس هو الاتفاق على قيم موحدة مثل تحديد العدو، معايير الوحدة الاجتماعية، خصائص التضامن الاجتماعي والتماسك الاجتماعي، مفهوم الحرية الخ…. وكما أكد الفيلسوف الالماني هابرماس أن التوافق الرشيد على هذه القيم يتعلّق بأمرين: الحقيقة والأخلاق، والاثنان يمكن الوصول إليهما بـ»الخطاب». ماذا تعني اذاً الحقيقة؟

الحقيقة تبدأ بتحديد عدونا وهو «إسرائيل».

والأخلاق ماذا تعني؟

إن كل مَن يتعامل مع هذا العدو لا يملك أية أخلاق حميدة ولا يمكن أن يُدرَج كبطل أو كشهيد أو كمقاوم.

والحقيقة أيضاً هي معرفة أن المصلحة الوطنية ووحدة الشعب لم تكن «إسرائيل» يوماً تعمل إلا لتفتيتها وإلغاء هوية مجتمعنا، أما الأخلاق فتتحقق عبر إرساء الخير الأقصى لكل الوطن، وليس عبر المجازر التي ارتكبت بحق الوطن والذي سعى وحقّق الخير العام هو الشهيد والمقاوم الذي قدّم دماءه بوجه العدو الصهيوني الغاصب والطامع في أرضنا وشرفنا وحقنا وليس الذي تعاون معه من أجل الوصول للسلطة. وإذا كان الذي يفترض أن نقوله هو حقيقة، فإن الأشخاص النفعيين الذين التقوا وتحاوروا واتفقوا مع هذا العدو ضد مصلحة الوطن هم الذين يفترض بهم أن تتم محاكمتهم أمام القضاء اللبناني. هذه هي الحقيقة التي يُفترض بشعبنا أن يتذكّرها دائماً من دون اللجوء إلى التأثيرات المشوّهة للحقيقة والتي صدرت من قبل بعض المحامين الذين دافعوا عن «بشير الجميل». هذا صحيح، إنه خيارهم، ولهم منفعة شخصية منه، إلا ان التصاريح التي صدرت عنهم لا تميّز بين الحق والباطل، وبين الحقيقة والوهم.

ليست هذه التصاريح الا سلوكاً استراتيجياً ناتجاً عن خداع الذات والآخر والإقناع الخداعي المبني على النفعية. فيكون عندئذ الإقناع الخداعي نقطة انطلاقه تغيير الحقائق وإلغاء القيم التي توحّد المجتمع وتجمع بين ثلاثية الجيش والوطن والمقاومة. أليس حبيب الشرتوني مقاوماً ضد العدو الصهيوني؟ أليس نبيل العلم مقاوماً ضد الاحتلال «الإسرائيلي»؟ من حيث المبدأ إن متطلبات توافق الرأي العام يتمّ التوصل إليها في موقف خطابي يظهر الحقيقة ويفرّق بين الخطأ والصواب ويضع مَن يدافع عن العملاء في خانة الخائن ومَن يقاوم في خانة البطل. فهل نحن في عصر تغيّرت فيه هذه القيم؟ وإذا كان هنا حق لمحاكمة عادلة، فيُفترض أن تكون لنصرة المقاوم والشهيد الذي يدافع عن وطنه ضد العدو الصهيوني وكل مَن تعامل معه. فلا يجب أن يُحرم أصحاب الحق من حقهم ونحن على ثقة من أن العدالة ترفض إدانة الشرفاء وأن القضاة في لبنان ما زالت قراراتهم تهدف إلى الخير الأكبر والحق في الالتزام الأخلاقي بالدفاع عن لبنان بوجه العدو الصهيوني.

فنحن في 10 تشرين بانتظار محاكمة عادلة ونصرة لقيم الحق والخير والجمال.

دكتورة في العلوم السياسيّة والإداريّة

باحثة وخبيرة في شؤون التنمية الاجتماعيّة ومكافحة الفساد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى