هل يصمد الاتفاق الأميركي الروسي؟
حميدي العبدالله
السؤال الأبرز الذي يتداوله الجميع بعد التوصل إلى اتفاق بين موسكو وواشنطن، يقضي بوقف القتال في الجبهة الجنوبية الغربية، يتخلص في الآتي: هل يصمد هذا الاتفاق، أم أنه يلاقي مصير الاتفاقات السابقة التي تمّ التوصل إليها بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا سيما اتفاقي 28 شباط و 9 أيلول عام 2016.
الاتفاق الجديد، مثل الاتفاقات السابقة فرضته التطوّرات الميدانية. إذ انّ اتفاق 28 شباط 2016 جاء بطلب من الولايات المتحدة بهدف وقف عملية فرض الحصار على الجماعات المسلحة في أحياء حلب الشرقية، وعندما استفادت القوات السورية وحلفاؤها من الاتفاق وتمكّنت من تحرير مدينة تدمر انقلبت الولايات المتحدة على الاتفاق. ولكن عندما أوشكت القوات السورية على تحرير مدينة حلب، بما في ذلك الأحياء الشرقية من المدينة حاولت الولايات المتحدة وقف العملية من خلال اتفاق 9 أيلول، ولكن سرعان ما تنكّرت لهذا الاتفاق الذي لم يبصر النور ولم يصمد سوى ساعات قليلة.
اليوم تبادر الولايات المتحدة لطلب وقف إطلاق النار في المنطقة الجنوبية الغربية لوقف تقدّم الجيش السوري وحلفائه على هذه الجبهة بعد أن تمّ حشد قوات كافية لتحرير هذه المنطقة من الجماعات المسلحة على غرار ما حصل في حلب ومناطق أخرى، وعليه ما الذي يمنع الولايات المتحدة من الانقلاب على هذا الاتفاق كما انقلبت على الاتفاقات السابقة؟
سببان يرجّحان هذه المرة عدم قدرة الولايات المتحدة على الانقلاب على الاتفاق، السبب الأول، أنّ الجيش السوري إذا وقع الانقلاب سوف يستأنف عملياته العسكرية في هذه المنطقة، وسيتكرّر سيناريو حلب، إلا في حال كان هناك تدخل عسكري إسرائيلي أردني، وهذا يعني أنّ الحرب السورية سوف تتسع رقعتها لتشمل الكيان الصهيوني والأردن، وهذا خيار مكلف لا تريده لا واشنطن ولا تل أبيب ولا عمّان. السبب الثاني، أنّ هذا الاتفاق لم يأت هذه المرة فقط لقطع الطريق على تقدّم الجيش السوري في المنطقة، بل وأيضاً لأنّ الاعتداءات الأميركية المباشرة على القوات السورية أوصلت العلاقات الروسية – الأميركية إلى حافة المواجهة، وليس من مصلحة البلدين الانجرار إلى هذه المواجهة، وبالتالي الأفضل التفاهم مع روسيا.
معسكر الحرب في الولايات المتحدة وفي المنطقة وعلى رأسه «إسرائيل» الذي كان يضغط لتعطيل تنفيذ الاتفاقات الروسية – الأميركية يدعم اليوم هذا الاتفاق لخدمة الكيان الصهيوني.