نصرالله: أمام مسلّحي الجرود وقت قليل للتسوية
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّه آن الأوان للانتهاء من تهديدات المسلّحين الإرهابيّين في جرود عرسال للبنان، وقال: «هذه الفرصة الأخيرة للمسلّحين، وما زال بعض الوقت القليل جداً للوصول إلى تسويات ومعالجات معيّنة»، آملاً أن «يتمّ استغلال الفرصة المتاحة، وإلّا فنحن أمام الكلام الأخير والوضع الأخير الذي يجب أن نصل إليه ولا يبقى حيئنذ أيّ وجود مسلّح على الأراضي اللبنانية».
واعتبر أنّ «تحرير الموصل مقدّمة لتطوّرات في سورية وكلّ المنطقة»، لافتاً إلى أنّ الانتصار في العراق هو مقدّمة للحفاظ على أمن كلّ العالم.
كلام السيد نصرالله جاء خلال كلمة متلفزة بثّتها قناة «المنار» مساء أمس، واستهلّها بالحديث عن تحرير الموصل من تنظيم «داعش» الإرهابي، مؤكّداً أنّ «ما جرى في العراق والموصل لا يرتبط فقط بمصير العراق وشعبه، وإنّما يرتبط بمصير الأمّة وشعوب المنطقة».
ورأى أنّ «الانتصار الذي أعلن عنه الرئيس حيدر العبادي في العراق هو انتصار عظيم ولا يمكن التقليل من شأنه، وهو نتيجة انتصارات متراكمة في ديالى وغيرها والتي أدّت إلى هذا الانتصار بالتحديد».
وقال: «لقد رأى العراقيّون أنفسهم أمام فتنة أدّت إلى حالة ارتباك ويأس»، وأوضح أنّ «بعد الذي حصل أتت فتوى المرجع الديني السيد علي السيستاني بوجوب الدفاع والجهاد الكفائي ضدّ «داعش» وبكلّ قوة، وأنّ من يقتل في هذه المواجهة هو شهيد في سبيل الله»، مؤكّداً أنّ فتوى السيد السيستاني أدّت إلى بداية الانتصارات، مشيراً إلى «أنّ فتوى المرجعيّة حسمت الحيرة، وأتت لتحدّد العدو الذي يجب أن يُقاتل».
وأوضح «أنّ هذه الفتوى، وإن كان طابعها دينياً، إلّا أنّها رفعت سقف المواجهة مع هذا التهديد بعيداً عن أيّة رهانات ومفاوضات»، وقال: «لقد تفاعلت الحكومة العراقية مع الرئيس نوري المالكي ثم الرئيس حيدر العبادي، وكذلك كلّ القيادات الدينية والشعب العراقي مع فتوى المرجعية».
موقف إيران الحاسم
ولفتَ السيد نصرالله إلى «أنّ الموقف الحاسم أيضاً جاء من قِبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى رأسها الإمام الخامنئي وقدوم قيادات من الحرس الثوري الإيراني إلى العراق، وعرض كلّ الإمكانات خلال هذه المواجهة»، مؤكّداً أنّه كان هناك تواطؤ من قِبل قوى دوليّة وإقليميّة سهّلت لـ«داعش» دخولها وعملها في العراق.
وأشار إلى أنّ «العراقيّين حسموا خيارهم في المواجهة ولم ينتظروا لا جامعة دول عربية ولا رؤساء دول عربية ولا منظمة المؤتمر الإسلامي ولا أي أحد، بل توكّلوا على الله وراهنوا على إرادتهم وتوحّدوا حول هذا الخيار وطنياً».
ولفتَ إلى أنّه «يُسجّل لعلماء السنّة في العراق وقيادات سنّية مواقفها المشرفة في هذه المواجهة، بعد أن حاول البعض أن يظهر هذه الحرب بين السنّة والشيعة من أجل الفتنة والتي عطّلها هو الموقف الصادق والشجاع لعلماء السنّة والقيادات السنّية».
وقال: «إنّ الحشد الشعبي هو حشد وطني، وكذلك قتال العشائر إلى جانب القوات العراقية»، معتبراً أنّ «تحمّل الشعب العراقي بالإضافة إلى الاحتضان الشعبي والصبر خلال ثلاث سنوات من القتال الدامي هو عامل مهم في الانتصار، وكذلك عدم الإصغاء إلى الخارج الذي كان دوره تثبيط العزيمة».
وأضاف «أنّ الأميركيين في البداية شاهدوا المعارك وقالوا إنّهم سيقدمون المساعدة، وبعضهم قال إنّ المعركة تحتاج إلى 30 سنة»، موضحاً أنّ البعض الآن يريد أن يظهر أنّ الانتصار الذي حصل هو بفضل الأميركي، مؤكّداً أنّ «هذا غير صحيح، لأنّه يضرب ما قام به العراقيّون»، مشيراً إلى «أنّ الانتصار في الموصل له عوامله التي يجب أن يتمسّك بها الشعب العراقي، وعلى رأسها وحدتهم وتلبية نداء المرجعيّة وتقديم التضحية».
وقدّم السيد نصرالله التهنئة للسيد السيستاني والمرجعية الدينية في النجف والمراجع الذين أيّدوا هذه المواجهة وكلّ القيادات السياسية والعسكرية، وخصوصاً الرئيس حيدر العبادي، وإلى عوائل الشهداء والجرحى والمضحّين، كما بارك لكلّ الذين دعموا العراق وفي مقدّمهم الجمهورية الإسلامية في إيران وعلى رأسهم الإمام الخامنئي.
واعتبر أنّ «تحرير الموصل خطوة كبيرة جداً، لأنّ الموصل كانت مركز دولة «الخلافة» المزعومة، ومنها أُعلنت مرحلة جديدة لقيام المشروع التكفيري واستعدائه لكلّ الأمّة»، مؤكّداً أنّ «تحرير الموصل هو إنجاز في الطريق لمواجهة هذا المشروع، وسيكون مقدّمة لتطوّرات في سورية وكلّ المنطقة»، لافتاً إلى أنّ الانتصار في العراق هو مقدّمة للحفاظ على أمن كلّ العالم.
فرصة تاريخيّة
ورأى السيد نصرالله، أنّ «أمن المدن العراقيّة يكون باجتثاث نهائي لهذا التنظيم الإرهابي القاتل المجرم، وهذا الذي يجب أن يبقى أولويّة، وهناك من سيحاول إشغال العراقيين عن هذه الأولوية»، لافتاً إلى أنّ هناك معارك مهمّة أيضاً في سورية، وأوضح «أنّ اليوم العراق وسورية ولبنان وشعوب المنطقة أمام فرصة تاريخية، والذي أمّن هذه الفرصة هو تضحيات العراقيين والسوريين وكلّ من وقف إلى جانبهم».
وأكّد أنّ التضحيات هي التي تؤدّي إلى هذه الانتصارات، مشيراً إلى أنّه يجب ألّا تعطى الفرصة لـ«داعش» كي تعود من جديد أو تنال الدعم مجدّداً، لافتاً إلى أنّنا نحن أمام فرصة للقضاء عليها.
لمتابعة وثيقة بعبدا
وفي الشأن اللبناني، قال السيد نصرالله: «نحن مع استمرار الحكومة والحفاظ عليها وتفعيلها لكي تكون منتجة وتعطي الأولوية لمشاكل الناس، ونحن نؤيّد بشدّة كلّ ما صدر عن اللقاء التشاوري برئاسة الرئيس ميشال عون ووثيقة بعبدا وخارطة المبادئ ونحن مع متابعتها الجادّة».
وأضاف: «نحن مع تفعيل عمل الحكومة وحضور النوّاب جلسات اللجان النيابيّة، والانتهاء من الموازنة وإقرار سلسلة الرتب والرواتب».
وعن مسألة النازحين السوريّين، لفتَ السيد نصرالله إلى أنّ النازحين السوريّين ينتشرون على كامل الأراضي اللبنانية، موضحاً أنّ العبء يتحمّله النازحون الذين يعيشون حياة صعبة، وكذلك الناس في مختلف المناطق اللبنانية ويعانون في الأبعاد الاقتصادية والأمنيّة.
ورأى أنّه يجب على الحكومة اللبنانية التنسيق مع الحكومة السورية في ملف النازحين ليرجعوا إلى سورية، مشيراً إلى أنّ السفارات السوريّة موجودة في معظم دول العالم، ولهم سفير في الأمم المتحدة، وهناك مفاوضات من دول عدّة مع الدولة السورية.
وأوضح أنّ الحكومة السوريّة ليست بحاجة إلى شرعيّة من أطراف لبنانيّين إذا جرت مفاوضات بشأن النازحين، وجدّد مطالبته الحكومة اللبنانية بالمفاوضات مع سورية، معتبراً أنّ هناك أسباباً إنسانية وكذلك اقتصادية.
كما تطرّق إلى موقف أحد قيادات «تيار المستقبل» حول أزمة النزوح آملاً «ألّا تكون قيادات تيار المستقبل تفكّر كما قال أحد النوّاب بأنّ وجود النازحين يؤدّي إلى حصول لبنان على مساعدات».
مخاطر الجرود
وفي موضوع الجماعات الارهابية في جرود عرسال، أشار السيد نصرالله إلى «أنّ الجرود مشكلة حقيقية، وجزء من الانتحاريّين يأتون من الجرود والعبوات والتهديد لا يزال قائماً في الجرود، وهذا الأمر يحتاج إلى حلّ».
وأضاف: «آن الأوان للانتهاء من هذا التهديد، وهذه الفرصة الأخيرة للمسلّحين الموجودين في الجرود، وما زال بعض الوقت القليل جداً للوصول إلى تسويات ومعالجات معيّنة».
وقال السيد نصرالله «إنّ المسألة وصلت إلى النقطة الأخيرة، وهذه هي المرة الأخيرة التي سأتحدّث فيها عن جرود عرسال». لافتاً إلى «أنّ المتواجدين هناك هم تهديد على مدار الساعة، وكلّ شبكات «داعش» كانت تُدار من الرقة والجهات الموجودة في جرود عراسل جهات تنفيذيّة تتلقّى التعليمات من الرقة أو الموصل».
وأمل السيد نصرالله «أن يتمّ استغلال الفرصة المتاحة، وإلّا فنحن أمام الكلام الأخير والوضع الأخير الذي يجب أن نصل إليه، ولا يبقى حيئنذ أيّ وجود مسلّح على الأراضي اللبنانية».