جورج جحا… رجل طيّب مرّ من هنا
لينا جورج جحا
من الأسهل أن يكون المرء طيّباً إن عاش ظروفاً رضيّة هانئة. ولكن من الأصعب أن ينحاز إلى الطيبة رغم ظروفه القاسية، كما اختار والدي جورج استفانوس جحا.
سألته ذات مرّة عن ذكرياته ومعاناته من جرّاء فقد والده. فكان ردّه صورة معبّرة عن والده الذي ودّعه بسرعة وهو يدبّ طفلاً عندما لاحظ الراديو يبثّ النشرة، تلتها نشرات. وهاجر الوالد إلى أفريقيا، فيما حمل رجالٌ أمتعة والده الذي ودّعه بسرعة.
وغاب الوالد ولم يلتقِ به لحين أصبح في العشرين من عمره، ولفترة قصيرة نسبياً، حيث توفي الوالد جدّي فجأة في أوائل الستينات. ورغم ذلك، بقي والدي مصرّاً على الثبات وصدق التعبير بعِناد مَن أراد أن يقدّم لأهله ورفقاء دربه، الأمان الذي لم يعرفه في نشأته.
تأملتُ مليّاً في عبوره الصعب من الفاقد إلى المُصرّ على رفع الظلم، ولا عدم البخل بالمسامحة ولا ببذل وقته ولا طاقته، ليكون وساطةً لمسامحة أحدهم لآخر. أحبّ التعليم ولم يحبس عطفه على المظلوم، ولا السعي إلى إزالة الصخور من أمام المتعثّر لأنّ الطريق شاقّ، ولأن أكثر ما يفرحه أن يحقّق أحدُهم قدراته من خلال العِلم.
تعلّمتُ منه المثابرة والصبر وتعلّمتُ أيضاً كيف يمكن للمرء أن يؤدّي رسالته بشغفٍ وبإلهام.
وداعاً والدي الطيّب… أيّها الصديق العطوف الذي سيظلّ معنا دائماً.