الحرب الخامسة… ما زالت مستمرة
معن بشور
قبل 11 عاماَ، وفي 12 تموز/ يوليو 2006، بدأت الحرب الخامسة مع العدو الصهيوني بعد حروب 1948، 1967، 1973، 1982 إثر إقدام رجال المقاومة على أسر جنديين صهيونيين وقتل ثلاثة آخرين في بلدة عيتا الشعب، وكان الهدف يومها من عملية «الوعد الصادق»، كما أسماها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، هو تحرير أسرى لبنانيين وعرب وفي مقدّمهم عميد الأسرى العرب الشهيد القائد سمير القنطار.
يومها ساد نوعان من التحليلات إزاء تلك الحرب، أحدهما روّج له أعداء المقاومة والأمة، ووقع في شركه بعض أصحاب النيات الطيبة، يقوم على أنّ هذه الحرب مماثلة لحرب 1982 ولن يتوقف الغزو إلا بعد الوصول إلى بيروت و«إخراج» المقاومة اللبنانية من لبنان، كما جرى إخراج المقاومة الفلسطينية والقوات العربية السورية في حرب 88 يوماً، بل وأسر قادتها أو قتلهم إذا تعذّر الأسر.
أما التحليل الآخر الذي التزم به رئيس الجمهورية، آنذاك، العماد إميل لحود والعديد من القوى والشخصيات الوطنية، وكنّا منهم، منذ اليوم الأول، وهو أنّ العدو لن يستطيع تحقيق أهدافه، رغم كلّ ما سيقوم به من إبادة جماعية وتدمير ممنهج سيطال الأرض اللبنانية كلّها…
ارتكز ذلك التحليل على أنّ انتصار العدو في تحقيق أهدافه مرتبط بقدرته على تغيير المعادلة السياسية في البلاد، على غرار ما جرى عام 1982، وإنّ هذا التغيير مستحيل إذا لم يتمّ احتلال الأرض، وصولاً إلى العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، وهذا الاحتلال متعذّر، لأنه سيواجه مقاومة يحتضنها شعبها وجيش البلاد، ولهما عمق استراتيجي عربي قاعدته دمشق، وإسلامي قاعدته طهران، وشعبي قاعدته وحدة تيارات الأمة الرئيسية التي وصل تأثيرها الى درجة أنّ شبابها رفعوا صورة السيد نصرالله في باحة الأزهر…
ورغم الانتصار المبين الذي حققه لبنان المقاوم في تلك الحرب، إلا أنّ القوى التي ساندت العدو في حربه العدوانية ما زالت مستمرة مع العدو في حربها على الأمة عبر مخططات إشعال الفتنة المذهبية، وشنّ حروب التدمير والتفتيت والتوحّش الكونية، التي تشهدها أقطار عدة في الأمة، لا سيما سورية التي كانت الرئة الاستراتيجية التي تتنفّس منها المقاومة، والحاضن الإنساني لعشرات آلاف اللبنانيين النازحين من ديارهم، والذين احتضنتهم أيضاً كلّ المناطق اللبنانية، وكلّ ألوان الطيف السياسي والاجتماعي اللبناني…
والحرب المستمرة التي ما زالت الأمة تعاني منها، لم تكن تعبيراَ عن مشاريع ومخططات الأعداء فحسب، بل كان استغلالاً لثغرات كامنة في صميم العلاقات بين الأنظمة والشعوب، وبين المكوّنات المتعددة لمجتمعاتنا العربية…
واحتفالنا اليوم بنصر تموز 2006 التاريخي والمبين، والذي حقق للبنان عموماَ، وجنوبه خصوصاً، أمناً وسلاماً واستقراراً، لا يكتمل إلا بالانتصار على تلك الحرب الفتنوية الدائرة حولنا، وبإغلاق كلّ الثغرات التي نفذت منها تلك المخططات والمشاريع المشبوهة، وبالحرص على أن تسود قيم الوحدة والمشاركة والعدالة والحرية والمصالحة بين أبناء مجتمعاتنا…
الرحمة للشهداء والحرية للأسرى، والشفاء للجرحى، والنصر للمقاومة في لبنان وعلى امتداد الأمة.