العراق: واشنطن أمام خيارات غير مريحة
حميدي العبدالله
بعد انتهاء معركة الموصل تقف الولايات المتحدة أمام خيارات غير مريحة عكستها تصريحات الناطق باسم قوات التحالف الذي تقوده واشنطن، حيث قال إنّ القوات الأميركية باقية في العراق بعد تحرير الموصل.
صحيح أنّ القوات الأميركية باقية في العراق لأنّ المعركة ضدّ داعش لم تنته في كلّ مناطق العراق، وبالتالي مبرّر بقاء هذه القوات ما زال مستمراً، وبديهي أنّ الحكومة العراقية لن تطلب في هذه اللحظة جلاء هذه القوات، لكن ما أن يتمّ دحر داعش من كلّ أنحاء العراق فإنّ ساعة رحيل القوات الأميركية لن تطول، لأنّ ثمة إجماعاً عراقياً، ربما باستثناء الأحزاب الكردية، على ضرورة جلاء هذه القوات عن أرض العراق، وهذا بكلّ تأكيد خيار غير مريح بالنسبة للولايات المتحدة.
أما على الصعيد الميداني، فإنّ جميع خيارات واشنطن غير مريحة في العراق. ذلك لأنّ ما ينتظر القوات العراقية معارك ضدّ داعش في ثلاث جبهات. الجبهة الأولى تحرير تلعفر، ومعروف أنّ قوات تركية ترابط بالقرب من تلعفر في منطقة بعشيقة وتعارض أنقرة قيام القوات العراقية بالدخول إلى تلعفر من دون مشاركة عسكرية تركية، ولكن بغداد ترفض رفضاً قاطعاً المشاركة التركية، لا سيما عبر قوات برية، وفي هذه الجبهة تواجه الولايات المتحدة خياراً غير مريح، فهي لا تستطيع الوقوف إلى جانب تركيا، ومن جهة أخرى دعمها للقوات العراقية على هذه الجبهة يصعّد خلافاتها مع أنقرة التي تعاني من تأثير تعاون القوات الأميركية في سورية مع وحدات الحماية الكردية.
الجبهة الثانية، هي جبهة الحويجة، وهي على تماس مع منطقة كركوك، ويعارض الأكراد قيام القوات العراقية بتحرير هذه المنطقة خشية تغيّر توازن القوى في كركوك، وعلى واشنطن الاختيار بين الحكومة العراقية أو أكراد العراق، وهذا بدوره خيار آخر غير مريح.
الجبهة الثالثة، هي جبهة القائم راوة – عانا، واضح أنّ فتح هذه الجبهة يصبّ في مصلحة معركة الجيش السوري وحلفائه للسيطرة على محافظة دير الزور، وواشنطن تسعى بكلّ قوتها لعرقلة سرعة تحرير دير الزور بقدرات الجيش السوري وحلفائه، في حين أنّ الدولة العراقية على قناعة أنه دون تحرير هذه المنطقة فإنّ داعش قادر على التمدّد في مناطق تمّ تحريرها في أيّ لحظة عبر قاعدته في منطقة القائم الممتدة إلى مدينة دير الزور. هنا أيضاً خيار الولايات المتحدة ليس بالخيار السهل إنْ لجهة عرقلة فتح هذه الجبهة، الذي سيؤثر تأخير فتحها على معركة الرقة، أو القبول بفتح هذه المعركة قبل تلعفر والحويجة.