الرفيقان أنطون سعاده و عبد الرحمن النويري

رفيقان يحملا اسم أنطون سعاده:

الأمين أنطون سعاده، من ميروبا وكان يقطن ذوق مكايل.

الرفيق أنطون سعاده من لحفد وكان يقطن مدينة جبيل.

الاثنان عرفتهما جيداً. عندما وقع الحادث المأسوي للشاب الفنان يحي أنطون سعاده، كتبت عنه. وعندما وافت المنية الأمين أنطون زحفت منطقة ذوق مكايل وراء نعشه، وتحدث عنه مواطنوه، بكثير من الحب والحزن. كتبت عنه، وسأكتب اكثر اذ التقي عقيلته 1 الرفيقة سعدى الرجاء الهاشم واكتب عن شقيقها الرفيق المناضل فاروق الهاشم.

في ستينات القرن الماضي عندما نشطت في مسؤولية رئيس مكتب الطلبة كان الرفيق أنطون سعاده مسؤولاً عن العمل الطلابي في مدينة جبيل، كنت ازوره باستمرار، واشهد كم كان نشيطاً، مذيعاً جيداً، وكم تمكن من نسج علاقات جيدة مع عدد كبير من الطلبة، جامعيين وثانويين، ما زلت اذكر ابرزهم في تلك الفترة: المهندس جورج غانم، الذي كان على علاقة ممتازة بالرفيق أنطون وكنت التقي به، وكان مميزاً بحضوره في تلك السنوات الصعبة.

انقطعتُ عن الرفيق أنطون سعاده بتوقفي عن مسؤولية مكتب الطلبة انما كنت دائماً أسأل عنه واطمئن، واعلم عن نشاطه المميز في كل من جبيل وطرابلس الذي تولى فيها مسؤولية ناظر إذاعة.

انما دائماً كان الرفيق أنطون الذي كانت علاقتي به وطيدة ومميزة طيلة الستينات، وكنت اكنّ له الكثير من الحب والارتياح، واضعُـه في مقدمة الرفقاء الذين عرفتُ جيداً أصالة التزامهم، وخبرت نشاطهم واخلاقهم وتفانيهم، وإن لم أعد قادراً ان التقي به مكتفياً بالسؤال عنه والاطمئنان.

هذا الرفيق المميّـز، المعطاء، المتفاني، رحل منذ فترة دون ان اعرف او اقرأ نعيه في اي مكان. صدف ان كنت مجتمعاً مع مواطنيَن مميزين ثقافة وحضوراً في مدينة جبيل. فسألتهما عن الرفيق أنطون لأفاجأ بجوابهما الذي صدمني. وصحتُ: كيف ذلك. كيف لا اعلم. أولم تنشر البناء نعياً له ؟

في اليوم التالي اتصلت بابنته المتألقة سمر، بشقيقه الرفيق جورج الذي كان ملازماً للرفيق أنطون في الستينات عندما كنت ازورهما باستمرار.

كان الرفيق أنطون كتب لي عدة تقارير عن سيرته، وعن الحزب في جبيل. سوف أنكب على ذلك بعد وقت غير بعيد.

رفيقي أنطون،

انت تعلم، عائلتك تعلم كم كنتَ حاضراً لديّ بكل ما تمتعتَ به من صفاء، وحيوية، ووعي عقائدي والتزام صادق بالحزب. ستبقى في ذاكرتي إلى جانب احلى الرفقاء، ولن انساك.

بعض من سيرة ذاتية

ـ أنطون يوسف سعاده

ـ الام: ماري نعمة الله نعمة

ـ مواليد لحفد، 01/01/1937

ـ انتمى إلى الحزب بتاريخ 01/01/1959

ـ من مسؤولياته الحزبية: منفذ عام جبيل والبترون، ناموس منفذية، مدير، مذيع، ناظر اذاعة في منفذية طرابلس.

الرفيق عبد الرحمن النويري

كم كنت صافياً، صادقاً ومناضلاً في الايام الصعبة

بعد اشهر قليلة من حصول الثورة الانقلابية حضر إلى منزلنا الرفيق عبد الرحمن النويري وكنت اعرفه عضواً منتظماً وناشطاً في مديرية المصيطبة الثانية 2 ليبحث معي في تنظيم الرفقاء في المنطقة الغربية من بيروت. لم يكن يحمل قراراً او تفويضاً خطياً. كانت الثقة هي المعبَر لكل عمل حزبي. تعاونت مع الرفيق عبد الرحمن، ورحنا نتصل بالرفقاء الذين نعرفهم، ويلبّـون.

ذات يوم نقل لي الرفيق عبد الرحمن دعوة للقاء احد المسؤولين الحزبيين.

بتجي عندي عالمحل، ورفيق بياخذك للاجتماع.

كان الرفيق عبد الرحمن شريكاً في محل للاجواخ النسائية في جوار سينما «أمير» بناية العسيلي ـ منطقة عالسور ـ حيث كان إلى جوارها سينما كابيتول .

في الموعد المحدد كنت في المحل. رفيق ينتظرني، لم اكن اعرفه. قادني إلى مقهى في ساحة الشهداء حيث وجدت الانوار حمراء خافتة. رجل جالس يحتسي القهوة ويدخّن. فاجأني المقهى برواده الغير شكل، عرفت لاحقاً ان الرفيق الجالس، كان يعتمد هذا المقهى احياناً لابعاد الشبهة عن اي تحرك حزبي.

بدون مقدمات. باشر الرفيق الخمسيني حديثه:

ـ بدك تستلم بيروت الكبرى.

وعرّفني على نفسه. مفوض لبنان جوزف رزق الله.

وكانت البداية. بيروت الكبرى تمتد من الضبيه إلى برج البراجنة صعوداً إلى الحدث والحازمية واللويزة. واجتماعات «مفوضية لبنان» مسائية، ليلية، والشقة «السرية» المستأجرة بالقرب من سينما كوليزيه ـ منطقة الحمراء، لا يتردّد إليها سوى أعضاء المفوضية.

بعد العفو كان الرفيق عبد الرحمن منتظماً ناشطاً، وتولى اكثر من مرة مسؤولية مدرب.

كان نظامياً، صارماً في تعاطيه الحزبي، والعام.

صادق ومناقبي. وحاضر حزبياً في مديرية المصيطبة إلى جانب الرعيل الحلو الذي انتظم بدءاً من الخمسينات. منهم: الأمين عبد المسيح طرزي، عادل جمال 3 ، ملكي جتي، جورج ديراني، والرفقاء: رامز سري الدين، الاخوين كابي وسامي برباري، اميل ابو رزق وغيرهم.

كنت التقي الرفيق عبد الرحمن، وهو يقطن في جوارنا. يبادرني: تحيا سورية. ويسألني عن الحزب رغم انه كان ابتعد نظامياً. اطلعني ذات يوم على لوحة فنية حزبية رسمها ابنه خليل، وكان طالباً في حينه.

منذ فترة قرأت عن رحيله في وقت واحد مع شقيقته الحاجة ثريا النويري، وتمّ دفنهما في اول حزيران في جامع البسطة التحتا، ووريا الثرى في جبانة الباشورة.

معلومات مسجلة عن خبر نعيه:

ـ عبد الرحمن خليل النويري

ـ والدته: المرحومة الحاجة بدرية البنا

ـ اولاده: لينا، خليل وسمير

ـ شقيقاته: عائشة، ورئيفة، والمرحومة ثريا والمرحومة سعاد.

الآسفون آل النويري والبنا والولي وعسيران وعبد الوهاب وقرقوتي ومومنة والرفاعي وحرب والسيد ويموت وانسباؤهم.

لأنني عرفت الرفيق عبد الرحمن النويري جيداً، انعيه لجميع الرفقاء الذين عرفوه وتعاطوا معه حزبياً في المصيطبة، وفي بيروت.

عندما نحكي عن الحزب في المصيطبة لا بد ان نحكي عن الرفيق عبد الرحمن النويري.

تبقى في ذاكرتي يا رفيقي عبد، إلى جانب جميع من عرفتهم من شهداء، ومن رفقاء مناضلين. كم كنت صافياً، صادقاً، ومناضلاً في الايام الصعبة

هوامش

1 – سعدى الرجاء الهاشم: من بلدة العاقورة. نشطت حزبياً واستمرت بعد انتقال العائلة إلى رأس بيروت، وقد عرفها الرفقاء بصلابتها وحيويتها وايمانها الممتاز بالحزب.

2 – المصيطبة: كنت اشرت في اكثر من نبذة عن الرفقاء في المصيطبة، وعن نشاط الحزب فيها. آمل ان اتمكن من إعداد ملف كامل عن الحضور الحزبي في منطقة عرفت الحزب منذ اوائل الثلاثينات.

3 – وفيما كان الأمين انيس جمال تابعاً لمديرية وطى المصيطبة، وناشط حزبياً، كما دائماً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى