«حتى الانتصار وبعد ذلك»… جديد محمد خالد الخضر

ميس العاني

يعيدنا الشاعر محمد خالد الخضر في ديوانه الشعري الجديد «حتى الانتصار وبعد ذلك» إلى ذلك الشعر الوطني الصادق الملتزم الذي تطلّ من بين أبياته صوَر النصر وتخلّد معانيه تضحيات الشهداء. حيث اقتصر الشاعر في المجموعة على رصد الحرب ضدّ سورية والتصدي للإرهاب وعملائه.

وظهرت العاطفة الوطنية في النصوص كافة متحرّكة مع نغمات التفعيلات والبحور الشعرية بشكل متناسق ومنتظم، وبتوافق مع الالتزام بضوابط اللغة العربية وقواعدها والصوَر التي وشت القصائد.

الديوان الصادر عن دار «فلستينا للطباعة والنشر» يقع في 104 صفحات ويتضمن 25 قصيدة تنوّعت بين الشعر العمودي وشعر التفعيلة.

وتحت عنوان «الخيانة العظمى» يبدأ الشاعر الخضر المجموعة بقصيدة حملها عشقه للوطن وآهاته وحزنه لما حلّ به من آلام، وما أريق من دماء في سبيل عزّته فيقول:

«أعطيك عمري يا وطن… أعطيك عمري… اعتبرني مرّة حلماً وخبئني

بأهداب الكفن… لا شرف بمقياس الوجود فهل أجازف… إنه وقت العلن».

ولم يغفل الخضر كما في عدد من دواوينه السابقة إهداء قصة إلى ولده حسين تحت عنوان «أنشودة جرح آخر» يحكي له فيها عن سنوات حزن وحرب غيّرت كل شيء ونشرت الألم والألم حيث يقول:

«هذا هو الحزن الذي لا ينتهي… أخبئه للزمن القريب… ولا تفاوض يا

حبيبي… حيث جئت من المغارة… فوق خيل متعبات كالدروب… أقرأ سورة الوطن المدمى يا حبيبي… قد لا تراني مثلما كنّا معاً قد لا تراني… احتفظ

بهويتي شرفاً إلى وقت عصيب».

ويختم الخضر ديوانه بقصيدة عمودية عبّر فيها عن ألمه الشديد من العدوان الأميركي على سورية ووقوف ممن يعتبرون أنفسهم مثقفين متفرّجين على الحرب على وطنهم. فيقول في قصيدة «لبغايا الثقافة والغدر»:

«لقد قطعت مروءتنا انقطاعاً إذا عصي الغبيّ فما أطاعا

رأيت فضاء قومي في دخان ليغشاهم فجاؤوه سراعا

لقد أسكت نفسي بعض وقت وغلبني سكوتي التياعا».

وتبدو في قصائد الشاعر الخضر الأصالة مرتبطة بالنصوص حيث ظهرت ثقافة الشاعر واطّلاعاته على مراحل الشعر العربي منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديث، وهذا ما بدأ في حروف الرويّ التي اختارها لنصوصه والتي جاءت مسبوكة مع الألفاظ الشعرية وتنوّعاتها.

وعن سبب طباعة المجموعة قالت مي أحمد شهابي مدير عام «دار فلستينا»: إن اختيار المجموعة جاء كونها أفضل مجموعة شعرية خاض مؤلفها المعركة الثقافية التي واكبت الحرب الإرهابية ضد سورية، وتحمّل من جرّاء ذلك أعباء ومخاطر جمة من الخطف على يد التنظيمات الإرهابية إلى حرق منزله ومكتبته.

وأضافت الشهابي: تفرّد الشاعر الخضر بالتفرّغ للكتابة في مواجهة الحرب الإرهابية منذ بدايتها إلى يومنا هذا من دون أن يكتب أي قصيدة في مجال آخر وهذا ما رصدناه خلال متابعتنا مؤلفاته والصحف التي نشر فيها والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، من دون أن يتراجع مستواه الفنّي الذي يدلّ على شاعرية متقدّمة.

يشار إلى أن الشاعر محمد خالد الخضر من مواليد جبل الزاوية في إدلب. صدرت له ثلاث عشرة مجموعة شعرية منها «سأعود مرفوع الجبين» و«السقوط في مدينة مغلقة» و«امرأة مهددة بالسبي». وهو عضو في اتحاد الكتّاب العرب حيث شغل منصب رئيس فرعه في إدلب لسنوات عدّة، وشارك ونظّم عدداً من المهرجانات الشعرية في أرجاء سورية. وتنشر قصائده في صحف ومجلات ومواقع إلكترونية سورية إضافة إلى كونه صاحب زوايا أدبية ثابتة في عدد منها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى