3 مسارات سورية متزامنة: حسم متسارع وفريق دولي قيد التشكل وفكّ وتركيب للمعارضة الجيش والمقاومة وسورية أمام ساعة صفر الجرود… وألمانيا تسبق لبنان نحو عودة النازحين
كتب المحرّر السياسي
خلال أربع وعشرين ساعة بدا أنّ الجيش السوري قاب قوسين أو أدنى من المعركة الفاصلة في غوطة دمشق والاقتراب من معركة دير الزور، بعدما حقق نجاحات باهرة في محاور جوبر وعربين وعين ترما في ريف دمشق وشرقها، وأنهى الريف الشرقي لحلب والريف الغربي الجنوبي للرقة وفتح باب العودة للنازحين من سكانها، وتقدّم في الريف الجنوبي الغربي لدير الزور، ويكاد يحكم السيطرة على كامل الضفة الجنوبية لنهر الفرات، فيما باتت غالبية حقول النفط والغاز في البادية والرقة تحت سيطرته.
بالتزامن تستمرّ مساعي تشكيل مجموعة الاتصال الدولية الجديدة بتفاهم الثلاثي الروسي الأميركي الفرنسي، بعدما حُسم سقف الحلّ السياسي في سورية بحكومة موحّدة تحت ظلّ رئاسة الرئيس بشار الأسد، وحُسم سقف الحلّ الأمني بوقف للنار وتسويات تثبت محورية الجيش السوري لتفعيل الحرب على الإرهاب بدعم دولي إقليمي، وفيما بحث المبعوث الروسي في طهران آلية عمل المجموعة ودعوة إيران للانضمام، لتعلن أنها ترفض أيّ شروط من أحد على وجودها في سورية، كان وزير الخارجية الروسي قد بحث الأمر في السعودية، المنهَكة بهموم قطر واليمن، وينتظر تبلور مسار المجموعة خلال لقاءات يُجريها الرئيس الروسي مع الرئيسين الفرنسي والتركي قبيل موعد أستانة المقبل الشهر المقبل.
المسار السوري الثالث الذي يفرض نفسه هو إعادة تأهيل وفد معارض موحّد يضمّ الأكراد تحت سقف سورية موحّدة، ويفتح باب الخروج للذين لا ينسجمون مع السقف السياسي المتفق عليه للحلّ السياسي. وهو ما تسبّب بحالة هستيريا للجماعات المتطرفة في جماعة الرياض التي أشار إليها السفير الروسي في جنيف فخرجت تتحدّث عن ضغوط وحصار تتعرّض لهما المعارضة.
في مسار لبناني موازٍ للمسارات السورية استكمل الجيش اللبناني والمقاومة استعداداتهما لمعركة حسم جرود عرسال، التي تبدو الساعة الصفر فيها تقترب، وبدأ الجيش السوري التمهيد لها بالقصف الجوي بالتنسيق مع الجيش اللبناني والمقاومة، بينما كانت الجماعات المؤيدة للمسلحين في الجرود تتداعى لتنظيم تظاهرات مشبوهة تستهدف إثارة الشغب وتخريب المناخ الأمني تحت شعار حقوق النازحين، والإساءة للجيش اللبناني، واستدراج تظاهرات معاكسة ينتج عن تصادمها التشويش على ما يستعدّ له الجيش والمقاومة في جرود عرسال وتقديم الدعم المعنوي للمسلحين، ما استدعى بعد التشاور السايسي والأمني إصدار وزير الداخلية نهاد المشنوق قراراً بمنع التظاهر الثلاثاء.
قضية النازحين التي لا تزال على النار، شهدت إحراجاً للحكومة اللبنانية بالإعلان الألماني عن اتخاذ المبادرة وإجراء الاتصالات اللازمة بالتزامن مع وجود مناطق آمنة في سورية لإعادة قرابة مئتي ألف نازح. وقالت مصادر على صلة بملف الاتصالات الأوروبية السورية إنّ موفداً ألمانياً زار بيروت ومهّد لاتصالات مباشرة مع الدولة السورية لبدء الاتصالات اللازمة لترتيبات العودة عبر لجنة ثلاثية ألمانية سورية أممية. بينما لا تزال الحكومة اللبنانية تتحدّث بلسان رئيسها عن اللااتصال بسورية وانتظار حلّ سحري لن يأتي.
نيابياً وحكومياً، يبدأ مشوار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب اليوم من اجتماع يُعقد في وزارة المالية بمشاركة الكتل الرئيسية للتفاهم على الخطوط العريضة لإقرار الموازنة والسلسلة، ضمن حسابات النفقات ومصادر التمويل.
ساحة الشهداء تنجو من مواجهة خطيرة
نجت ساحة الشهداء من أن تشهد يوم الثلاثاء مواجهة خطيرة تحت لافتة «لبنانية» – «سورية» جراء سياسات كيدية لمكوّن سياسي يجلس رئيسه في السراي الحكومي، دفع بطريقة غير مباشرة، ما يسمّى اتحاد الشعب السوري في لبنان الى الدعوة لتظاهرة قيل إنها دعم للنازحين السوريين، لكنها عملياً موجهة ضد الجيش بعد عملية عرسال وما رافق هذه العملية من هجوم ممنهج على المؤسسة العسكرية. هذه التظاهرة لو حصلت لكانت ستقابلها تظاهرة سينفذها أهالي شهداء الجيش اللبناني في ساحة سمير قصير في وسط بيروت في التوقيت نفسه. فبعد نحو 24 ساعة من «التفكير والتمحيص» خرج وزير الداخلية نهاد المشنوق ببيان أعلن فيه أنه بعد التشاور مع القيادات الأمنية المعنية اتخذ القرار بعدم الموافقة على أي طلب من أي جهة للتظاهر حفظاً للسلم الأهلي. وأكد وزير الداخلية أن الجيش الخاضع لقرارات مجلس الوزراء مجتمعاً هو مؤسسة وطنية جامعة لكل اللبنانيين، ومنوط بها حماية لبنان وجميع المقيمين على أرضه، معولاً على تسريع التحقيق المسؤول والدقيق في وفاة النازحين السوريين الأربعة.
لقد أعطى أداء وزير الداخلية وفريقه السياسي رسالة خطيرة جداً عنوانها أن استهداف الجيش مغطى سياسياً. ووضعت أوساط سياسية بارزة مسارعة الوزير المشنوق الى عدم الموافقة على إعطاء الترخيص لـ«المظاهرة السورية» استدراكه أن قرار المواجهة الجماهيرية في الشارع جدي ما سيرتّب تداعيات خطيرة لن تكون في مصلحة أحد. وتستغرب الأوساط لجوء رئيس الحكومة ومجموعته السياسية لتأمين مظلة سياسية لخطاب انتهازي ضد الجيش، مشبّهة أداء الوزير المشنوق خلال الساعات الماضية بأداء الرئيس الحريري نفسه حيال قائد الجيش العماد جوزاف عون، إذ اعلن الحريري يوم السبت ما قبل الفائت موقفاً ثم أعلن الاثنين موقفاً مناقضاً له.
وسأل مصدر مطلع لـ«البناء» هل كان رئيس الحكومة ليتحمّل التداعيات التي كانت ستنزلق إليها الأمور، ربطاً بمنظومة الأمان والسلم الأهلي وصيرورة عمل الحكومة والاستقرار السياسي والعناوين السياسية للمرحلة المقبلة؟ وكيف لوزير داخلية من المفترض أنه «بَيْ» الأمن والاستقرار وتدوير الزوايا ومعنيّ أمنياً بالتنسيق مع مؤسسة الجيش، أن يلتزم الصمت 24 ساعة قبل أن يُصدر بيانه أمس، بعدم الموافقة على التظاهرة «المشبوهة الحوافز والأهداف».
وأكد المصدر أن تراجع المشنوق وفريقه السياسي مرده الموقف الحاسم من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والثنائي الشيعي بتأكيدهم الوقوف وراء الجيش في أية حملة يتعرّض لها، لافتاً إلى أن التاخير يدل على أن النيات كانت مبيّتة وأن تصريحات تيار المستقبل الداعمة للجيش ليست إلا شعارات رنانة. فما حصل منذ عملية عرسال هو عملية طعن من تيار المستقبل في ظهر الجيش لا سيما أن ساعات تفصلنا عن معركة تطهير جرود عرسال من الإرهابيين. ولفت المصدر الى ان ما حصل يؤكد وجود خلافات عميقة في عنوان جوهري الجيش بين رئيس الجمهورية من جهة، ورئيس الحكومة من جهة أخرى.
وحضرت السياسة أمس، في عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي. وقال الراعي للرئيس عون خلال عظته بالقداس الاحتفالي في دير مار مارون في عنايا بمناسبة عيد القديس شربل: «مع تضامننا الإنساني مع النازحين يرجو اللبنانيون منكم تصويب مسار عودتهم الأكيدة إلى بلادهم من دون خلافات سياسية».
وكشف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن قرار أممي بعدم عودة النازحين في لبنان الى سورية، في هذه المرحلة، من أجل استخدام هذا الملف في اتخاذ بعض القرارات ضد النظام السوري. وتمنى على الحكومة اللبنانية أن تتخلّص من الضغوط السياسية العربية والدولية لاتخاذ القرار في مفاوضة الدولة السورية لإعادة النازحين إلى بلادهم ممن يرغب بذلك.
ورأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق «أن لبنان أمام فرصة حقيقية استثنائية لاستئصال الإرهاب التكفيري في جرود عرسال وإنهاء احتلاله لها، وأن لبنان قادر على إنجاز وطني جديد ضد الخطر الإرهابي بالتعاون والتكامل بين الجيش اللبناني والمقاومة، وعلى حماية الأرض والسيادة والكرامة من انتهاكات جبهة النصرة وداعش». وطرح النائب وليد جنبلاط في تغريدة عبر تويتر إنشاءَ مخيماتٍ منظمّة في انتظارِ الحل السياسي في سورية وعودةِ النازحين إلى منازلهم.
اجتماع في المالية اليوم
إلى ذلك تعود اللجنة المكلفة متابعة سلسلة الرتب والرواتب والموازنة إلى الاجتماع في وزارة المالية اليوم للبحث في المبلغ الذي سيُضاف الى 1200 مليار لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، وفي موضوع المتقاعدين بعدما توافق المجتمعون يوم الجمعة على اعطاء الاساتذة 6 درجات وموظفي الادارة العامة 3 درجات، وفي قطع حساب الموازنة.
وتؤكد المعلومات أن اجتماع اليوم سيحدد مصير البت بالسلسلة في الجلسة العامة المقررة غداً وبعد غد. وبالتزامن مع جلسة الثلاثاء دعت قوى عدة للتحرك قبيل ظهر الثلاثاء في ساحة النجمة للمطالبة بإقرار السلسلة من دون فرض أية ضرائب عليها.
وأبلغ الرئيس عون نواباً التقاهم بعد ظهر أمس، ان ضبط المالية العامة يكون من خلال حسابات مالية شفافة، داعياً الى احترام حقوق المواطنين وإبعادها عن المزايدات الانتخابية.
واعتبر عون أن المرحلة التي تمر بها البلاد دقيقة وتحتم ارتفاعاً الى مستوى المسؤولية الوطنية في مقاربة المسائل التي تحفظ استقرار الدولة والسلامة المالية فيها.
الى ذلك بدت أمس مواقف القوى السياسية أمس متأرجحة، وفيما أكد وزير المال علي حسن خليل أن سلسلة الرتب والرواتب «ستقر الاسبوع المقبل بإرادة المخلصين». دعا النائب وليد جنبلاط أمس من عين التينة بعد لقائه الرئيس نبيه بري الى الالتزام بحدود 1200 مليار ليرة، ما يعني رفض حل المتقاعدين، بعدما كان الحزب التقدمي الاشتراكي أصدر بياناً دعا فيه الى حسم السلسلة وتبنى فيه موضوع المتقاعدين.
مجلس الوزراء الخميس
الى ذلك، تم إرجاء جلسة مجلس الوزراء المقررة الاربعاء الى يوم الخميس لتزامنها مع الجلسة التشريعية. وعلمت «البناء» أن الجلسة ستشهد إقرار سلّة من التعيينات أبرزها تعيين محافظ جبل لبنان وتعيينات تلفزيون لبنان، إذ من المتوقع ان يرفع وزير الإعلام ملحم رياشي أسماء بشارة شربل توفيق طرابلسي، ايلي خوري إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لوضعه على جدول الأعمال، فضلاً عن التشكيلات الدبلوماسية من مناقلات وتعيين سفراء بعد توصّل المعنيين إلى صيغة تُرضي جميع الأطراف بعد سلسلة اتصالات ولقاءات حصلت بين ممثلي الكتل الأساسية.