المغربي عدنان رمّال يحارب الجراثيم العنيدة بزيوت عطرية
بعد ثلاثين عاماً من الأبحاث، يأمل المغربي عدنان رمال الذي نال جائزة أوروبية لابتكاره مضاداً حيوياً من الزيوت العطرية، أن يساهم في التصدّي للانتشار العالمي للجراثيم المقاومة للمضادات.
ويقول رمال، وهو مدير المختبرات في جامعة سيدي محمد بن عبدالله، في مدينة فاس المغربية، «بسبب الاستخدام الخطأ للمضادات الحيوية، صارت الجراثيم أكثر مقاومة لها».
وتقول منظمة الصحة العالمية إن مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية تشكّل «واحداً من أكبر الأخطار التي تهدّد الصحة العالمية».
وفي سبيل تجاوز هذا الخطر، بحث رمال عن حلٍّ مستوحىً من التقاليد المغربية في التداوي بالأعشاب.
فالمناخ المتوسطي جعل المغرب أرضاً خصبة للمردقوش والصعتر وإكليل الجبل. وهي نباتات معروفة بفاعليتها في مقاومة الجراثيم.
وأضاف الباحث إلى هذه المضادات الحيوية «جزيئات طبيعية مصدرها الزيوت العطرية»، لينشأ من ذلك مركّب جزيئي جديد.
ويقول عالم الأحياء البالغ 55 عاماً «كأننا بذلك نُخفي المضادات الحيوية» بجزيئات الزيوت العطرية.
وبذلك، يصعب على البكتيريا أن تتعرّف على المضاد الحيوي وتطوّر آليات للصمود أمامه، وبذلك تصبح البكتيريا شديدة التأثر بهذا المضاد الحيوي، ويمكن أن يعالج به مريض مصاب بجراثيم مقاومة.
في العام 2014، نال رمال جائزة المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع. وفي العام 2016 بدأ بالتجارب السريرية، وما زالت اختبارات إضافية تُجرى حتى الآن.
ويأمل العالم المغربي الذي وقع اتفاقاً مع مختبر مغربي لصنع الأدوية، أن ينال في العام الحالي موافقة لتسويق هذا العقار في المغرب.
عطر إكليل الجبل
بدأت المغامرة العلمية لعدنان رمال في كلية العلوم في جامعة فاس، حيث بدأ دراسة علوم الأحياء في العام 1980.
وبعد الحصول على درجة الدكتوراه في علم الأدوية الجزيئي في باريس، عاد رمال إلى المغرب، حيث عمل في مجال البحث مشرفاً على نحو عشرين من طلابه.
في مختبره، يعكف الباحثون على إجراء التجارب، ولا تنبعث من هذه التجارب روائح المواد الكيميائية أو الغاز، كما هو الحال في المختبرات عادة، بل عطور زكية للزيوت العطرية.
بفضل هذه الأبحاث، نال عدنان رمال في العام 2015 جائزة المؤسسة الافريقية للابتكار، وكانت الجائزة حينها تكريما لتوصلّه إلى تركيب مكملات غذائية للماشية من الزيوت العطرية.
أثر جيد على الحيوانات
من القاعات الكبيرة لمصنعه في فاس تنبعث روائح الأعشاب العطرية. وفي وعاء كبير يتسع لثلاثة آلاف ليتر من الزيوت العطرية، يختلط عدد من المكونات لانتاج مسحوق يضاف على علف الماشية.
ويبدي العاملون في هذا المصنع حماسة لإبدال المضادات الحيوية بمواد طبيعية، مثل منية أخويا المسؤولة عن الأبحاث والتطوير.
يستخدم عبدالرحمن، وهو مزارع في المنطقة، هذه المواد منذ عامين، ويقول «كنا نعطي الماشية الكثير من المضادات الحيوية في السنوات السابقة، الآن لم نعد نفعل ذلك».
ويضيف «لاحظنا أثر ذلك على الحيوانات، مثل زيادة إنتاج الحليب، ونوعية اللحوم».
لا يبدو أن عدنان رمال وفريقه سيقفون عند هذا الحد، بل هم ينتظرون الإجازات لإنتاج مواد أخرى تستخدم في الزراعة مثل المبيدات الطبيعية، وكل ما من شأنه أن يكون ذا أثر جيد على صحة الإنسان.
ميدل إيست أونلاين