السلسلة… طوفان أسئلة وإجابات متعذرة

هتاف دهام

انفرجت في ساحة النجمة، ولم تنفرج. أبصرت السلسلة وإيراداتها النور القانونية ولكن…

طغى على الجلسة العامّة يوم أمس، انقسام طبقي فاضح. شكّل قطباه المتناقضان حزب الله المدافع عن الطبقات الشعبية من ناحية، وتيار المستقبل المدافع عن الشركات والبنوك من ناحية أخرى.

وبينما توزّعت مواقف القوى بين مؤيد ومعارض من هذا الملف أو ذاك. كان هدف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الأساسي إقرار سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات حتى لو انطوت في بنود على ما يخالف قناعاته، بحسب ما تقول مصادر عين التينة.

حاول رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل من جهته خلال الجلسة أن يستغلّ ما ورد من ضرائب لتكريس موقفه المعارض وإطلاقه خطاباً شعبوياً اجتماعياً «يسارياً» يتناقض مع تاريخي «اليميني».

بدا «الشيخ» سامي وكأنه «حنا غريب» الكتائبي. وبدا الكتائب وكأنه حزب الشغيلة. فدراسات الكتائب، كما قال رئيس بكفيا تؤكد أن أسعار السلع سترتفع بين 5 و10 جراء الضرائب التي أقرّت. وسيطال غلاء معيشة جميع الطبقات، معتبراً، في إطار المزايدة، كما وصفها النواب البرتقاليون، أن الضرائب التي أقرّت ليست من أجل السلسلة، بل هي من أجل ملء الخزينة لتمويل الانتخابات النيابية»، مشدداً على أن الكتائب «سيطعن بالقانون».

أما التيار الوطني الحر فدخل في لعبة التوفيق بين التناقضات المستحيلة. بين موقعه السلطوي وبين حاجته للحفاظ على خطابه الاجتماعي في مرحلة الانتخابات النيابية. بيد أن نواب الحزب التقدمي الاشتراكي، فبدوا كمتنزّهين يجلسون على صخرة عالية. يراقبون الفوضى من بعيد من دون أن يفقه زملاؤهم في الكتل السياسية الأخرى ما يجري في خاطرهم.

رغم ذلك، يمكن القول إن قطار التسويات اللبنانية يمضي وعلى الأغلب أنه سيمضي سريعاً باتجاه إقرار موازنة 2017، بعدما انتهت أزمة السلسلة أمس بإقرارها. كل ذلك سيساعد على الانفراج السياسي. لكن ماذا حول الانفراج الاقتصادي ومفاعيل السلسلة وإيراداتها ومعدلات العجز ونسب النمو وحجم الناتج المحلي ومعدلات البطالة؟ أية تأثيرات ستتركها السلسلة بمليارها والألف وثلاثمئة عندما تُضخ في السوق اللبنانية الصغيرة؟ ما هي انعكاساتها الايجابية على صعيد تحريك اقتصاد الخدمات ورفع معدلات الاستهلاك وتعزيز القدرة الشرائية؟ أية تأثيرات سلبية على صعيد معدلات التضخم وانفلات الأسعار؟ هذه هي الأسئلة المطروحة الآن التي تحتاج إلى إجابات سريعة لا تستند إلى خلفية الانقسام السياسي، بل إلى تقديرات علمية مسؤولة.

لقد أقر مجلس النواب أمس، إيرادات السلسلة. إيرادات في ما تبقى من العام 2017 أي خمسة أشهر لا أكثر، ليرفع الرئيس بري الجلسة التشريعية من دون الدعوة إلى جلسة مسائية، ومن دون تحديد موعد للجلسة المقبلة (لدواعٍ حكومية. فالرئيس سعد الحريري توجه بعد ظهر أمس إلى السعودية) ، علماً أن جدول الأعمال يتألف من 30 مشروع واقتراح قانون، أنجز منه فقط المشروعان المتعلقان بالسلسلة بموادها الإصلاحية وإيراداتها.

صدق مجلس النواب أمس، على فرض رسم 5000 ليرة على المسافرين غير اللبنانيين لدى دخولهم الأراضي اللبنانية براً، وعدّل المادة 11 بإلغاء الزيادة على الدرجة السياحية وإبقاء الرسم على ما هو عليه 60 الفاً. وفرض غرامات على الأملاك العمومية البحرية، ليدخل إلى الخزينة لمرة واحدة فقط 200 مليون دولار كغرافة، و300 مليار سنوياً. وأقر ضرائب على فوائد وعائدات الحسابات كلها لدى المصارف وعلى أرباح المصارف بنسبة 7 في المئة التي يفترض ان تدر إلى الخزينة 410 مليارات. وأقر زيادة رسم مقطوع على كل مستوعب يدخل المرفأ، ورفع ضريبة أرباح شركات الأموال من 15 في المئة إلى 17 في المئة بما يؤمن 120 مليار ليرة للخزينة. وأعاد الضريبة إلى نسبة الـ 10 في المئة على شركات الأموال المسجلة في البورصة. وفرض رسماً على عقود البيع العقاري بنسبة 2 في المئة. وبينما فرض رسماً نسبياً على جوائز اليانصيب مقداره 20 المئة من قيمة الجوائز من شأنه أن يدخل 60 ملياراً إلى الخزينة، أبقى على نسبة التخمين على الشركات والمؤسسات الخاصة عند 10 في المئة.

كيف سيتمكّن المعنيون من تأمين هذه الإيرادات؟ وما هي الضمانات في ذلك؟ وماذا لو أن نفقات السلسلة جرى دفعها في حين أن الإيرادات تعذّرت جبايتها؟

المرحلة تشهد طوفاناً من الأسئلة؟ لكن لا أحد من الذين كانوا أمس وأول أمس تحت قبة البرلمان يملك الإجابات الحاسمة عليها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى