مدارات
مدارات
كوباني… عروس الشمال
نظام مارديني
هل سيقلب حزب العمال الكردستاني الطاولة على السلطان العثماني وعبيده في عقر دارهم وبين ظهرانيهم ويشعل النار في عاصمة الخلافة إسطنبول ويقطع الطريق أمام رجب طيب أردوغان الذي يريد أن يعبده بأشلاء المدنيين في كوباني ـ عين عرب قبل المقاتلين من «وحدات حماية الشعب»؟ وهل سيفهم أردوغان ذاته التحذير الذي أطلقه زعيم الحزب عبدالله أوجلان من المساس بكوباني وأهلها وانتفاضة أكراد تركيا أول من أمس نصرة لإخوانهم في كوباني ـ عروس الشمال؟
أسئلة مشروعة طرحها المراقبون الذين يتابعون التحركات التركية الداعمة لحرب التحالف ضد «داعش» إعلامياً، في حين تفتح أنقرة من جهة ثانية بواباتها أمام الرياح السوداء التي يمثلها التنظيم الدموي ضد أكراد سورية، مثلما دعمته ضد كلدانيي وآشوريي وإيزيديي العراق الذين هُجّروا من مدنهم وقراهم وبيوتهم إلى المجهول.
فعلى وقع الهجرة والنار والنزوح والدم المسفوك على أعتاب حدود سايكس ـ بيكو، تنشر تركيا دباباتها كحمامات سلام، بل لتنتظر اللحظة المناسبة لتنقض على من سيبقى في مدينة عين العرب كوباني، وتكمل ما بدأه «داعش» منذ أسبوعين من هجوم عنيف وحصار مطبق على المدينة ومن يعتصم بها من الأهالي ومن مقاتلين وأبطال «وحدات حماية الشعب»، المتجذرين بأرضهم حتى الرمق الأخير، وما استشهاد بيريفان ساسون وآرين ميركان إلا نموذج… لما سينتظر القوات التركية و«دواعشها»، من شيشان وطالبان ومغاربة وعرب خليج وحتى أكراد، في الأيام المقبلة!
إنه حقاً لمشهد يضاف إلى مئات المشاهد من تاريخ الهلال السوري الخصيب، المذبوح من الوريد إلى الوريد تحت سمع وبصر العالم أجمع، الغرب الحاقد الطامع بكنوزه منذ كنز نمرود حتى النفط المعبود، وأتباع الغرب العرب العاربة والمستعربة والكرد المستعربة وراءهم كالقط الفرح بعزاء أهله جالسين في إسطنبول ينتظرون انهيار «وحدات حماية الشعب» .
ها هي الظلمات التي كانت تتكثّف في النفوس الخبيثة، وتتسلّل من بين تلال «الأشقاء» و«الأصدقاء» إلى الأزقة، بهواجس الخراب والموت الأسود، تخيّم على نهارات عين عرب ـ كوباني وغيرها من مدن يريد التطرفُ خنقَ رئاتها، مدن لطالما صدّرت من بين تلك التلال ذاتها، شعراء وقادة وفنانين وليس قتلة. ولكن ماذا يفعل المثقف؟ هل نقول مع بوكوفسكي: ابحث عن ما تحب واسمح له أن يقتلك؟
إن صمت الجميع لما يجري على حدودنا الشمالية وبخاصة في عين عرب ـ كوباني ربما جاء من أجل التغطية على التقصير وما خلفه من الاستهتار بقدسية الدم، وعدم تعرض المقصرين إلى المساءلة.
التحدي الحقيقي الذي يواجهنا جميعاً نحن سكان هذه الأرض المنكوبة بفيروسات الإرهاب المتعددة الأشكال والوظائف، هو امتلاك الإيمان بهذه الأرض والاستعداد لمواجهة هذا الغول وشبكاته الاخطبوطية المتسللة إلى تفاصيل حياتنا الفردية والجمعية.
خلجة
هما… توأمانِ،
عينا «عرب وكوباني»،
بالفداءِ مضرجان
توزعان باقات الغيمِ …
للشهداء… للعذارى
وللجسدِ المضيءِ بالدم