هل تنقلب واشنطن على اتفاق المنطقة الجنوبية؟
حميدي العبدالله
نقلت مصادر عديدة عن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو عدم رضاه عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين واشنطن وموسكو بعد مشاورات مباشرة مع تل أبيب. السؤال المطروح الآن هل تنقلب واشنطن على هذا الاتفاق بعد المعارضة الإسرائيلية، وهل يلاقي الاتفاق الجديد مصير الاتفاقات التي أبرمت بين موسكو وواشنطن في عهد إدارة أوباما؟
يبدو أنّ الانقلاب على الاتفاق هذه المرة ليس بالأمر السهل، لأسباب كثيرة أبرزها:
أولاً، الانقلابات التي حدثت في السابق على الاتفاقات لم تؤدّ إلى النتيجة التي كانت تراهن عليها الولايات المتحدة وحلفائها، ولا سيما أولئك الذين حرّضوها، وحتى ضغطوا عليها لإلغاء تلك الاتفاقات، وفي مقدّمة هؤلاء الحلفاء، تل أبيب. فالتنصّل من الاتفاق لم يحل دون سيطرة الجيش السوري على كامل مدينة حلب وريفها الشرقي والجنوبي، وهو ما دفع مسؤولين أميركيين إلى القول إنّ هذا الانتصار غيّر قواعد الصراع في سورية جذرياً في غير مصلحة الولايات المتحدة. كما أنّ الانقلاب على الاتفاق لم يحل دون تطهير ريف دمشق الغربي والجنوبي والشمالي بشكل كامل، ولم يحل أيضاً دون استعادة الجيش السوري لمناطق واسعة من البادية السورية، والوصول إلى الحدود العراقية على الرغم من المضايقات الأميركية التي تمثلت بسلسلة من الاعتداءات، بدءاً من الاعتداء على قاعدة الشعيرات، وصولاً إلى إسقاط طائرات السوخوي في أجواء الرقة، حيث واصل الجيش السوري وحلفائه التقدّم وسيطروا على كلّ الريف الغربي وجزء من الريف الجنوبي من محافظة الرقة. منطقياً يتوجب على الولايات المتحدة التساؤل بعد كلّ هذه التجربة عن جدوى الانقلاب على الاتفاقات.
ثانياً، اتفاق المنطقة الجنوبية الغربية ما كان ممكناً لولا عاملين أساسيين، الأول، قرار الجيش السوري وحلفائه الحسم العسكري ضدّ الجماعات المسلحة، وقد تمّ حشد القوة الكافية لإنجاز هذا الحسم، وأظهرت المعارك عجز الجماعات المسلحة، بما في ذلك جبهة النصرة على الصمود، الأمر الذي وضع الولايات المتحدة وحلفائها، وتحديداً تل أبيب وعمّان، أمام خيارين لا ثالث لهما، التدخل العسكري المباشر وقبول مبدأ اتساع نطاق الحرب السورية لتشمل الأردن والكيان الصهيوني، أو قبول اتفاق وقف العمليات لقطع الطريق على الحسم ووصول قوات حزب الله إلى خط وقف إطلاق النار في الجولان. العامل الثاني، وصول العلاقات الأميركية – الروسية إلى حافة المواجهة، وهي مواجهة لا ترغبها لا واشنطن ولا موسكو، وفي ضوء هذين العاملين، ونتائج الانقلاب على الاتفاقات السابقة فإنه من المرجح أن لا تكرّر واشنطن السيناريوهات الفاشلة مرة أخرى.