التبرّع بالدم
ي. برّو
هل هناك أغلى من الدم؟ وكيف يكون العطاء مع معركة المصير معركة جرود عرسال؟ وكيف يُطبَّق شعار «الدم بيرخص للوطن»؟
هذا ما حصل مع أبناء منطقة بعلبك ـ الهرمل عندما توجّه المئات، لا بل الآلاف من الكبار والشبّان والنساء إلى مراكز التبرّع بالدم، فشمّروا عن سواعدهم للتبرّع وإنقاذ الجرحى. لا مكان هنا الآن للطائفة والطائفية فاختلط دم الشيعيّ بدماء المسيحيّ والسنّي. الدم لا يعرف طائفة ولا حدود ولا منطقة. الدم يعرف حبّ الحياة والتفاني والدفاع عن الأرض والعرض. وهذا تعبير عن إرادة صلبة وعن معادلة «الجيش والشعب والمقاومة».
إنها وقفة العزّ بالدم والكلمة والموقف والصاروخ. إنها وقفة العزّ لأبناء عرسال الأبيّة واللبوة الوطنية والقاع العصيّة ورأس بعلبك الوفية والهرمل وبعلبك وزحلة والبقاع كلّه.
حتماً سينتصر الدم وتتحقّق الكرامة بفضل دماء الأرض والشرايين. وكما قال الزعيم أنطون سعاده: «في الزمن العصيب، فقط يُعرَف الرجل وتُعرَف المبادئ ومبلغ قوّتها في النفوس. في الزمن العصيب ينظر إلينا العالم والتاريخ، هل نحن قوّة فاعلة تسيطر على نفسها؟». بالطبع اليوم نحن قوّة فاعلة تسيطر على نفسها. فمن لا يستطيع حمل البندقية حمل ساعده وتوجّه إلى مراكز التبرّع بالدم تاركاً هويّته في جيبه، واسمه لا يبوح به، مقتنعاً بأنّ الأرض والوطن لا يصانان إلا بعمادة الدم، والنصر على الأعداء لا يكون إلا بتكاتف أبنائه والوقوف خلف جيشنا ومقاومتنا.
«إن الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكاً لنا، بل هي وديعة الأمّة فينا، متى طلبَتْها وجدَتْها».